كانت ميزانية المملكة المصرية عام 1913 أربعة عشر مليوناً ونصف المليون! وكان عدد سكان المحروسة عشرة ملايين نسمة، وكانت مساحة الأراضى الزراعية خمسة ملايين فدان، أى بواقع نصف فدان لكل مصرى!
وكانت هناك جامعة واحدة هى الجامعة الأهلية، التى سميت فيما بعد جامعة فؤاد الأول. وكانت مصر تقع تحت نير الاحتلال البريطانى منذ عام 1882، وكان عدد السيارات الخاصة مائة سيارة تسير فى شوارع القاهرة، ألف عربة تجرها الخيول! وكان التعليم ينقسم إلى تعليم مدنى، تشرف عليه وزارة المعارف العمومية، وتعليم دينى، يتبع الأزهر الشريف! وكان مصدر إيرادات الدولة هو الجمارك والضرائب والعوايد، ومصروفاتها تتمثل فى أجور الموظفين والعمال التابعين للدولة، والإنفاق على الجيش والأمن،
وكذلك الإنشاءات والإشغال من بناء مدارس ومستشفيات، وتعبيد الطرق وحفر الترع والقنوات! وقد أنشئ البنك الأهلى المصرى عام 1898 وكان الجنيه المصرى وقتئذ يساوى جنيهاً ذهبياً وتزيد قيمته عن الجنيه الإسترلينى بقرشين ونصف القرش! كانت مصر أغنى دول أفريقيا والعالم العربى، وكانت تقوم بإرسال كسوة الكعبة المشرفة إلى مكة! وكان القصر العينى ملجأ المرضى الفقراء، وكانوا يسمونه «القصر»، وكان اسماً مخيفاً ومرعباً! وقد خرجت مصر من الحرب العالمية الثانية 1945، وهى دائنة لبريطانيا العظمى بخمسين مليوناً، وهى الآن مدينة بما يزيد على بليون جنيه، وبدلاً من أن تكون مصر دولة متقدمة، مثل اليابان والصين أو حتى إندونيسيا وماليزيا، أصبحت دولة فقيرة تستجدى العالم لمنحها مزيداً من القروض! ويرجع سبب التخلف والتراجع إلى الفساد، وانعدام الرؤية وافتقاد الشفافية، والتكاسل والتواكل، وعدم القدرة على إتمام المشوار بعد أعظم ثورة فى التاريخ الحديث.
مدير عام سابق- بالإسكندرية