الطرمخة

الثلاثاء 07-05-2013 02:01

كلمة طرمخ فى العامية المصرية تحمل معانى مثل: اخفى فضيحة - تستر على فضيحة - تجاهل عمداً امراً شائناً، والكلمة محرفة عن كلمة اللغة الإنجليزية «Tarmac» والموجودة فى بعض اللغات الأوروبية، ومعناها: رصف الطرق، وهى مكونة من مقطعين: «تار»، ويقصد بها القار، وهو ناتج ثانوى من عملية تقطير الفحم الحجرى وهو يشبه الزفت والأسفلت فكلاهما من الهيدرو كربونات الثقيلة، و«ماك»،

وهو اسم مهندس الطرق الأسكتلندى العبقرى «ماك ألن»، مبتكر طريقة الرصف الحديثة، والتى تقوم على رصف الطرق باستخدام كسر الزلط «الحصى»، المخلوط بالقار.. فمنذ أقدم العصور والطرق الشائعة الاستخدام يتم رصفها بالحجارة، غير أنها لم تكن مستوية بالشكل الكافى. أما الرصف بطريقة «ماك ألن»، فيعتمد على فرش طبقة من الدقشوم «كسر الحجر الرملى»، ثم رشها بالمياه ودمجها بالهراسات الثقيلة «وابور الزلط»، ثم يرش الدقشوم المدموج بمادة القار المنصهر أو الأسفلت المنصهر، وبعد ذلك تفرش طبقة من كسر الزلط المخلوط بالقار ويتم هرسها بالهراسات مرة أخرى لتكون طريقا مستويا ناعما..

مادة الرصف الحديثة أطلق عليها أيضاً «تار ماك»، فى أوروبا وأماكن أخرى فى العالم، والكلمة مستخدمة حاليا فى المصطلحات السياسية «باللغة الإنجليزية»، مثلا فى مباحثات عمل خارطة الطريق وذلك بمعنى: تمهيد الطريق للمباحثات.. وفى بداية إنشاء الطرق الحديثة فى مصر كان يقال «حا يطرمكو الطريق الفلانى»،، غير أن التعبير تحول إلى «طرمخ»، بدلا من «طرمك»!.. وفى بداية عقد العشرينيات من القرن العشرين تم إنشاء شركة السويس للبترول ومن ثم توفرت مادة الأسفلت، التى هى الناتج النهائى بعد تكرير البترول، واختفت كلمة «طرمك»، ليحل محلها كلمة «سفلت»!. وأصبح رصف الطرق فى مصر يعتمد على الأسفلت المنتج فى مصر. وأصبحت كلمة: سفلتت الطريق تعنى إنشاء الطريق!

والتعبير «طرمخ»، بالرغم من طرافته له معان عميقة، تخيل أنك دفنت فضيحة فى مكان ما!. ثم أنشأت فوقها طريقا، وضعت الدقشوم وهرسته ثم رش بالزفت السائل، ثم فرشت فوقه الأسفلت وهرسته مرة أخرى.. وراحت السيارات تروح وتغدو فوق الطريق.. هل يمكن إخراج ماتم دفنه؟، هل يمكنك أن توقف الطريق وتوقف حال البشر لكى تحفر وتخرج المدفون؟! أعتقد أننا نعيش حاليا عصر «الطرمخة»!!

- مؤلف معجم فرج للعامية المصرية

samehfaragosta@yahoo.com