تداعيات الفوضى: اغتيالات سياسية وفتنة طائفية وكتائب «انتقام»

كتب: عمر عبدالعزيز, محمد علي الدين الأحد 30-12-2012 19:01

يطغى «الملف الأمنى»، منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، على سائر القضايا والأزمات المختلفة التى تواجهها مصر، فبعد إخفاق المجلس الأعلى للقوات المسلحة طوال الفترة الانتقالية فى سد الفجوة الأمنية وإعادة الانضباط إلى الشارع، بحسب عدد من الخبراء، تحمل الرئيس محمد مرسى فور انتخابه عبء «استعادة الأمن» ووعد بإنهاء الأزمة خلال المائة يوم الأولى من حكمه.

وبينما تطوى 2012 آخر أيامها، يظل الملف نفسه معلقاً بعدما ذاق النظام الحالى من كأس الفشل التى تجرعها المجلس العسكرى، خاصة بعد أحداث الاتحادية الأخيرة التى شهدت مواجهات مسلحة بين مؤيدى الرئيس ومعارضيه، وأدى استمرار حالة «الانفلات» المتزايدة إلى طرح سيناريوهات «سوداء» قد تطفو على السطح فى العام الجديد.

فى البداية، قال العميد حسين حمودة، الخبير الأمنى إن سبب الانفلات الأمنى بعد انتخاب الرئيس مرسى هو خشية الأجهزة الأمنية من الدخول فى صدام مع رجال الرئيس، مشيراً إلى أن الميليشيات الموجودة فى الشارع والتى أحدثت قلقاً أمام قصر الاتحادية والمحكمة الدستورية ذات صلة بمؤسسة الرئاسة، والعداء معها يعنى الاصطدام مع الرئيس شخصياً.

وأضاف «حمودة»: «لو كان الرئيس يريد تأمين المحكمة الدستورية، وفشلت الداخلية، لأمر بنزول قوات من الجيش لإبعاد المعتصمين، لكن يبدو أنه موافق على ما يحدث ويحميه، والأحداث الجارية حالياً تؤكد عدم رغبة الداخلية فى الدخول فى الصراع السياسى، والدليل على ذلك أنه عندما هاجم أنصار حركة (حازمون) قسم الدقى، نشرت الداخلية عدداً كبيراً من رجال الأمن لحماية منشآتها، وتمكنت من السيطرة على الموقف، ما يؤكد أنها قادرة على ردع أى فصيل يثير قلاقل فى الشارع، لكنها لا تريد أن تكون طرفاً فى المعادلة السياسية».

وعن السيناريو المتوقع حدوثه خلال عام 2013، توقع «حمودة» سعى الرئيس إلى سيناريو تمكين الإخوان المسلمين من الحكم، من خلال السيطرة على مفاصل الدولة، والاستقواء بالميليشيات الإسلامية لارتكاب أعمال تخريبية ضد كل من يخالفهم فى الرأى، وهو ما سيؤدى لحالة من الفوضى يترتب عليها العديد من الاغتيالات السياسية من الجماعات الإسلامية للمعارضين، بالإضافة لظهور كتائب القصاص للشهداء من أهالى وأصدقاء الشهداء، خاصة الألتراس، بعد صدور الحكم فى قضية استاد بورسعيد يوم 26 يناير، وظهور موجة جديدة من الفتنة الطائفية، بسبب تحول الصراع السياسى إلى صراع دينى، ما سيؤدى فى النهاية لنشوب حرب أهلية تجر مصر إلى سيناريو الفوضى- على حد قوله.

وقال أبوالعز الحريرى المرشح السابق للرئاسة إن السيناريوهات المتوقعة فى العام الجديد لا يمكن فصلها عما حدث خلال العامين السابقين، وتحديداً منذ 11 فبراير 2011 حين سقط الرئيس السابق حسنى مبارك، وقتها بدأ «التآمر» على الثورة من خلال تحالف العسكر والإخوان والسلفيين برعاية أمريكية، وأضاف: «العام الماضى سيطرت عليه عدة مشاهد، أهمها: انهيار الاقتصاد الذى انعكس على المصريين بحالة من الضجر والإحباط، وتواصل ضغط الثوار على المجلس العسكرى والإخوان والسلفيين لعدم تحقيق مطالب الثورة».

وتابع «الحريرى» أن «العنف فى مجال السياسة بدأ عندما أراد المجلس العسكرى (كسر شوكة) شباب الثورة وسحقهم فى التحرير، ما أسفر عن سقوط شهداء ومصابين فى أحداث مختلفة مثل شارع محمد محمود ومجلس الوزراء ومذبحة ماسبيرو، التى دهست فيها مدرعات الجيش المواطنين، وبعد ذلك جاءت الموجة الثانية من الثورة المصرية، وظهر أول اعتداء فيها بين القوى السياسية عندما نظمت المعارضة جمعة (كشف الحساب) لكن الإخوان اعتدوا على المتظاهرين، ورفضوا الاعتذار عن ذلك، بعدها اعتدى أنصار الإخوان على معتصمى الاتحادية، ما دفع الجماهير للرد بحرق مقار الجماعة».

واعتبر «الحريرى» أن 2012 كان عام اغتيال الدولة المصرية على يد «عصابة ظلامية داست على الدستور والقضاء»- على حد قوله- وأوضح: «2013 سيكون عام صراع حاد، لأنه قد تصدر خلاله تشريعات معادية للحقوق ومكبلة للحرية، والمجتمع حينها سيكون مضطرا لمواجهة محاولات فرض نمط وهابى تكفيرى على المجتمع المصرى، وسيخرج المصريون فى مظاهرات مناهضة لأى قانون مكبل للحريات».

وقال: «إننا سنبدأ العام المقبل وقد سقطت الداخلية تماماً، خاصة بعد حصار (حازمون) للنيابة أثناء التحقيق مع أحد أعضائها للإفراج عنه، وابتعاد الجيش عن الساحة جاء بسبب تعرضه لإهانات، حيث قرر الحفاظ على وضعه المميز فى الدستور.. والخلاصة أن عام 2013 يبدأ والمواطن يشعر بإحباط شديد نتيجة عدم الاستقرار وتراجع الاقتصاد، بينما يحتكر السلطة الإخوان والسلفيون، وجيش يحافظ على امتيازاته، ومعارضة غير تقليدية متمثلة فى جبهة الإنقاذ، وأتوقع أن يقاوم المجتمع سيطرة الإخوان والسلفيين ومحاولاتهم فرض أفكارهم، ما سيؤدى لتراجع هذا التيار عن أفكاره فى النهاية».

وقال عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إن العنف الذى شهدته مصر خلال الفترة الماضية كان مخططاً وممنهجاً، وكان وراءه أحمد شفيق الذى أعلن أن حرب الشوارع ستستمر أيا كانت نتائج الدستور. وأضاف: «رجال الحزب الوطنى يمولون البلطجية لاستخدامهم فى الخلاف السياسى، والقوى السياسية سواء المؤيدة أو المعارضة كانت تتظاهر دون عنف، لكن هناك من بدأ يدخل مشاهد العنف إلى الساحة السياسية».

وتابع «دربالة»: «العام الجديد سيشهد احتكاماً من القوى السياسية للمنطق والعقل لأنها الطريقة الوحيدة لاجتياز المرحلة الراهنة والمهمة، وموقفنا أنه لا يجوز الاحتكام إلى العنف، فنحن نعرف أكثر من غيرنا خطورة الاحتكام للعنف، ودائرة العنف إذا بدأت يصعب الخروج منها، وأغلبية التيارات السياسية ضد منطق العنف، ومن سيمارس العنف سيكون هو الخاسر».