رأت صحف أمريكية أن الرئيس السوري بشار الأسد يعاني من عزلة دولية متزايدة في ظل النجاحات المتتالية التي يحققها الثوار. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أنه على الرغم مما يروجه النظام السوري بأن الأسد هو «أمل» الشعب السوري، لاحت مؤشرات في الأفق دلت على أن الرجل الذي يترأس حكومة واهية بات لديه القليل من الفرص للنجاة بنفسه.
واستدلت الصحيفة، في مقال على موقعها الإلكتروني، على طرحها في هذا الصدد بأن تناولت ما ورد بتقرير صدر عن النظام السوري في الأيام القليلة الماضية؛ حيث سلط الضوء على الخسائر النفسية التي خلفتها الحرب الأهلية التي بدأت قبل ما يقرب من عامين على الأسد، كاشفا اتساع رقعة عزلته النفسية والدولية في ظل مخاوف جسيمة باحتمالات انهيار نظامه الذي بات بالفعل «على حد السكين».
وأوضحت الصحيفة أنه طيلة أسابيع كاملة توالت فيها انتكاسات الحكومة السورية، لم يظهر الأسد في أي لقاءات إعلامية ولم يلق أي خطب مباشرة على التليفزيون الرسمي، ليقلص بهذا حجم اتصالاته على دائرته الصغيرة المكونة من أفراد عائلته والمستشارين المخلصين إلى جانب تركيز جل جهوده على سلامته الشخصية.
ونقلت «واشنطن بوست» عن نشطاء ووسائل إعلام سورية أن القضية الأمنية أصبحت الشاغل الرئيسي في ذهن الأسد، وهو ما تجلى في ذهابه كل ليلة للنوم في غرفة مختلفة وتكثيف المراقبة على طهاته لإحباط أي محاولة لتسميمه، مشيرة إلى تصريح مسؤول مخابراتي عربي، رفض الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع، بأن تصرفات الأسد أصبحت تعكس حالة خوف تنتابه باستمرار.
ومع ذلك أشارت الصحيفة إلى أن الأسد يسعى دوما للتأكيد على عزمه البقاء في سدة الحكم؛ حيث أكد في آخر لقاء تلفزيوني له مطلع نوفمبر الماضي أنه سيعيش ويموت في سوريا، حتى أنه لم يبد خلال آخر اجتماع خاص جمعه مع المسؤولين الدوليين في دمشق الأسبوع الماضي أي ليونة أو رغبة بسيطة في تشكيل حكومة انتقالية.
وتابعت أن المسؤولين الأمريكيين رفضوا التعليق عن الحالة المزاجية داخل دائرة الأسد المقربة، غير أن مسؤولا بارزا أكد أن إصرار الثوار على السيطرة على دمشق ترك بلا أدنى شك تداعيات نفسية على الأسد.
ونسبت «واشنطن بوست» إلى مسؤولين أمريكيين آخرين أن الشعور بالعزلة داخل القصرالرئاسي زاد بشكل مطرد عقب الانشقاقات الأخيرة في صفوف الجيش إلى جانب ابتعاد حلفاء الأسد الدوليين عن دعمه رويدا رويدا، معتبرين أن التصريح الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن موسكو لا تهتم كثيرا بمصير نظام الأسد، وجه الصفعة الأكبر للرئيس السوري.
من جانبها، ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» أنه مع تزايد عزلة الرئيس السوري بشار الأسد ومع مواصلة الثوار تحقيق مكاسب حقيقية لهم، انقسم المسؤولون الإيرانيون وعلماء الدين هناك حول السياسة الواجب اتباعها مع حليفهم الأكبر في المنطقة العربية.
وأفادت الصحيفة بأن التطورات الأخيرة في المشهد السوري دفعت المسؤولين الإيرانيين والمحللين السياسيين إلى إطلاق مناقشات سرية حول ما إذا كانت طهران ستستمر في دعم الأسد أم لا، غير أنه على المستوى الظاهري يستمر المسؤولون الإيرانيون في الترحيب بمبعوثي الأسد والتأكيد على قوته في حكم بلاده.
وتعليقا على هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن صحفي إيراني ذي صلة بالمكتب الرئاسي للرئيس محمود أحمدي نجاد قوله «إن المناقشات التي تجري خلف الستار بين الخبراء والمسؤولين بشأن الأزمة السورية باتت تأخذ منحنى جادا»، مشيرا إلى أن الدعم القوي الذي تبديه طهران لنظام الأسد «يكلفها ثمنا باهظا».
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه في الوقت الذي تعاني فيه إيران من قبضة العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، فإن إيران تزيد فيه أيضا من احتمالات مضاعفة مشاكلها نظرا لأن المجتمع الدولي أصبح ينظر لها باعتبارها عقبة تقف في طريق حل الأزمة السورية، إلى جانب إمكانية أن يتسبب هذا الأمر في إحداث تداعيات سلبية على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو القادم.