«الهاوية المالية».. الانقسام السياسى يضع اقتصاد أمريكا على حافة السقوط

كتب: عنتر فرحات الجمعة 28-12-2012 21:07

يبدو أن الاقتصاد الأمريكى سيظل رهن التجاذبات والخلافات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين حول «الهاوية المالية» وعجز الموازنة، بما يؤكد التوقعات المتشائمة بتراجع النمو الاقتصادى إلى 1.9% العام المقبل مقارنة بتوقعات 2.5%.

و«الهاوية المالية» مصطلح يعنى إجراءات تدخل حيز التنفيذ بشكل تلقائى مطلع العام إذا لم يتوصل الكونجرس والبيت الأبيض قبل ذلك إلى اتفاق بشأن الدين العام. وتتضمن هذه الإجراءات التلقائية زيادة الضرائب وخفض النفقات العامة ما يهدد بغرق الاقتصاد الأول فى العالم فى الركود مجددا.

وأعلن وزير الخزانة الأمريكى تيموثى جايتنر، فى رسالة إلى أبرز أعضاء الكونجرس، أن دين الولايات المتحدة العام سيبلغ الحد الأقصى يوم الاثنين المقبل، ويصادف هذا التاريخ استحقاقا حاسما آخر فى الولايات المتحدة، لأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل نهاية سنة الكونجرس فإن أمريكا ستخضع إلى إجراءات تقشف قسرية.

وفى حين يبدو أن المفاوضات حول هذا الملف متعثرة بين الديمقراطيين، بقيادة الرئيس باراك أوباما، والجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب فى الكونجرس، حذر وزير الخزانة من أن الدين العام الأمريكى سيبلغ حده الأقصى بنهاية العام وأن البلاد لن تستطيع حينها، نظريا، الاقتراض فى الأسواق لتتمول من أجل تسديد ديونها.

وفى اتفاق توصل إليه الديمقراطيون والجمهوريون فى أغسطس 2011، حدد سقف الدين بـ16 تريليوناً و394 مليار دولار بينما تفيد آخر الإحصائيات الرسمية أن الديون العامة الخاضعة إلى الحد القانونى ستبلغ 16 تريليوناً و299 مليون دولار الاثنين المقبل.

ويطالب الرئيس باراك أوباما وحزبه بمد التخفيضات الضريبية على الأمريكيين الأدنى ويرفض فرض مزيد من الأعباء على الأسر الفقيرة التى لا تزيد مدخولاتها السنوية على 400 ألف دولار، مقابل رفض الجمهوريين فرض المزيد من الضرائب على من تزيد دخولهم على مليون دولار سنويا، مما يحول دون التوصل لاتفاق لتفادى الهاوية المالية والتى تتمثل فى الفارق بين الدخل والإنفاق الذى يبلغ 600 مليار دولار.

ويتوقع محللون وخبراء بقاء معدلات النمو للعام المقبل ونمو الوظائف ومستويات الفائدة التى تقارب صفر %، رهنا بتجنب الوقوع فى الهاوية المالية، ويسعى البنك الاحتياطى الفيدرالى لطمأنة الجميع بشراء سندات بقيمة 45 مليار دولار شهريا من الأوراق المالية المضمونة وتحفيز السياسات النقدية بعد شرائه سندات بـ2.3 ترليون دولار فى 2012، وسط مخاوف من أن تفقد الولايات المتحدة تصنيفها الائتمانى الممتاز، وكان الدولار ضحية تلك المخاوف رغم كونه ملاذا آمنا كعملة احتياط عالمية.

ومع إصرار الجمهوريين على خطتهم ستقطع مبالغ ضخمة من مخصصات الصحة والضمان الاجتماعى والمعاشات على شرائح أكثر فقرا بما يهدد بإشعال مظاهرات جديدة لحركة «احتلوا وول ستريت» التى تندد بالإطاحة بالفقراء لحساب الأكثر ثراء.