حذر الدكتور جودة عبدالخالق، الخبير الاقتصادى، ووزير التموين السابق، من ثورة جياع، مؤكداً أنها تطرق أبواب البلاد بعنف، بسبب حالة الانقسام السياسى، مشدداً على أنه إذا استمر هذا الانقسام ستدفع كل القوى السياسية ثمناً باهظاً له.
وأكد «عبدالخالق» فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن اقتصاد البلد دخل مرحلة الخطر، فى ظل الحكم الإسلامى الذى يريد أن يهيمن على البلاد، منوها بأن الاحتياطى النقدى تراجع نحو 4 مليارات دولار، ويكفى بالكاد لتوفير واردات البلاد لنحو 3 شهور أو أقل.
■ كيف تحلل الوضع الاقتصادى المصرى الراهن؟
- الوضع الاقتصادى فى مصر فى غاية الصعوبة وحرج جداً خاصة فى ظل تراجع الاحتياطى النقدى لنحو 15 مليار دولار أو أقل، وهو بالكاد يكفى لتوفير واردات البلاد لنحو 3 شهور أو أقل.
■ ماذا عن تأثير هذا الوضع على فقراء؟
- خطورة الوضع الاقتصادى فى مصر حاليا تكمن فى أن نحو 50% من حجم الغذاء المصرى يتم استيراده من الخارج إذ نستورد نحو 60% من احتياجاتنا من القمح على سبيل المثال من الخارج بالعملة الصعبة، وتراجع الاحتياطى النقدى سوف يكون له تأثير بالغ الخطورة على قيمة الجنيه المصرى الذى سيتم بموجبه توفير العملة الصعبة اللازمة لشراء الواردات من الخارج، ومن ثم سترتفع أسعارها وكذلك أسعار جميع السلع والخدمات المرتبطة بها، ناهيك عن أن الوضع الاقتصادى غير ملائم لجذب الاستثمارات وبالتالى لن يتم توفير فرص عمل جديدة وستزداد البطالة.
■ هل ترى أن مصر على حافة الأفلاس؟
- مصر لن تفلس، فالدول لا تفلس وإنما تعجز عن سداد التزاماتها الخارجية وهو الأمر الذى يفرض مزيداً من القيود التى تؤثر فى الداخل على الفقراء والغلابة، خاصة وأنها تضطر للاقتراض من الخارج بشروط قد تكون فى بعض الأحيان تعجيزية.
■ هل ترى ثورة جياع تلوح فى الأفق؟
- ثورة الجياع فى مصر تنذر بالخطر، وحذرت منها أكثر من مرة، ولم يسمع أحد ولكن الشرارة التى ستقصف ظهر الجميع أوشكت تنطلق فى أى لحظة، واذا إندلعت ستأكل الأخضر واليابس ولن تجعل شيئاً على الساحة، وستكون أكثر عنفاً من ثورة 25 يناير، خاصة وأنها قد تصل لحد الدموية عندما لا يجد الفقراء قوت يومهم.
■ من يتحمل مسؤولية الوضع الذى وصلت إليه البلاد؟
- الجميع يتحمل المسؤولية، لكن بنسب مختلفة، فمسؤولية الرئيس وجماعته وأنصاره من تيار الإسلام السياسى «اللى عاملين على البلد رباطية» تختلف كثيراً عن مسؤولية قوى المعارضة التى لا تملك القرار.
■ ماذا عن رؤيتك للخروج من تلك الأزمة؟
- لابد أن يقوم كل طرف بالدور المنوط به فيجب أولاً أن يحدث الاستقرار السياسى فى مصر، خاصة وأن الأزمة سببها فى المقام الأول هو عدم وجود استقرار سياسى، ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادى نتيجة غياب الاستثمارات وهروبها وتوقف حركة الإنتاج وعدم حسن إدارة شؤون البلاد.
■ ما دور تيار الإسلام السياسى فى حل الأزمة؟
- تيار الإسلام السياسى من الإخوان والسلفيين عليهم أن يعوا جيدا أنه لا يوجد طرف فى مصر يستطيع أن يقصى الطرف الآخر، ويتوقفوا عن استغلال الدين والفقراء والبسطاء، خاصة أنهم «واخدين الغلابة سبوبة»، يمنحونهم الزيت والسكر وقت الانتخابات وينسونهم من ذاكرتهم وقت الأزمات ، كما أن الأحداث السياسية التى شهدتها البلاد تؤكد أنه لا يوجد تيار فى مصر يستطيع أن يقصى الطرف الآخر.
■ ماذا عن قوى المعارضة؟
- قوى المعارضة عليها أن تتوحد فيما بينها خلال المرحلة المقبلة، وتستعد لخوض انتخابات الشعب وفق قائمة واحدة، وببرنامج موحد يجد فيه الفقراء والبسطاء من أبناء هذا الشعب أنفسهم، بما يسهم فى إحداث التوازن بالشارع السياسى أمام «رباطية» التيار الإسلامى التى بدت بوضوح فى جميع الانتخابات والاستفتاءات السابقة.
■ هل قرض صندوق النقد الدولى يمكن أن يسهم فى حل الأزمة؟
- صندوق النقد الدولى لا يمكن الاعتماد عليه فقط دون العمل السريع على إحداث تغييرات اقتصادية تواجه الأزمة الراهنة، كما أن صندوق النقد الدولى علق مفاوضاته حول القرض بسبب الوضع الاقتصادى الراهن، والالتزامات المصرية المطلوب سدادها فى يناير إذا عجزت الحكومة عنها سيكون الوضع خطيراً.
■ هل يمكن أن يكون لبعض الدول العربية مثل قطر دور فى مساعدة مصر للخروج من تلك الأزمة؟
- «المتغطى بالدول العربية عريان»، خاصة وأن أغلبها لا يريد للثورة المصرية النجاح فى نهاية المطاف، وإذا لم تشهد مصر استقراراً سياسياً حقيقياً سيكون الوضع الاقتصادى كارثياً.