بعد مناقشات كثيرة ومعارك أكثر داخل الجمعية التأسيسية للدستور وخارجها، انتهى الأمر إلى الإبقاء على المادة الثانية من دستور 71، الخاصة بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وإضافة مادة جديدة هى المادة رقم 3، التى تعطى المصريين من أتباع الأديان الأخرى حق الاحتكام إلى شرائعهم فى التشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
واعترض بعض الأقباط، خاصة رابطة أقباط 38 على المادة، واعتبرت أنها ستزيد مما «اعتبرته تعنت الكنيسة» على رعاياها، واستمراراً لوضع الأقباط تحت قبضتها، وستزيد أحوالهم سوء، خاصة فيما يخص إجراءات الزواج والطلاق، بحسب رفيق فاروق، المتحدث باسم الرابطة، الذى قال إن المادة ستخلق إشكالية جديدة وعائقاً أمام من لديهم مشاكل أسرية ويرغبون فى الطلاق، وبالتالى الزواج الثانى، وهو ما ترفض الكنيسة إعطاء تصريح به، إلا إذا كان الطلاق بسبب الزنى، إذ إن الكنيسة لا تعترف بالأسباب الـ8 الأخرى الواردة فى القانون 462 لسنة 1955.
كان رفيق اقترح، خلال جلسة الاستماع الخاصة بالمادة فى الجمعية التأسيسية، أن تمنع السلطات الدينية من التدخل فى شؤون الزواج، والطلاق، والسماح للأقباط بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية فى الأحوال الشخصية، كما طالب بإعادة العمل باللائحة التى أعدتها الكنيسة عام 1938، وتحتوى على 9 أسباب للطلاق، وهى تعتبر مرجعية القانون 462 لسنة 1955، والذى تعمل به المحاكم حتى الآن، إلا أن أحكامها لا تعرف طريقها إلى التنفيذ، بسبب رفض الكنيسة الاعتراف بباقى الأسباب التالية لعلة الزنى، وطوال هذه الفترة حصل مئات الآلاف من الأقباط على أحكام قضائية نهائية بالطلاق والزواج الثانى، وكانت الكنيسة ترفض تنفيذ الأحكام وتمتنع عن إعطائهم تصريحات بالزواج الثانى، ما دفع الغالبية العظمى منهم إلى الزواج المدنى، والمقصود به توثيق عقود الزواج فى الشهر العقارى، أو مكاتب المحامين، وهؤلاء الذين تصل أعدادهم إلى نحو 300 ألف بحسب منظمات حقوقية، سيبقى مصيرهم كما هو، بعد أن نص الدستور على احتكام غير المسلمين إلى شرائعهم، ما يعنى استمرار الكنيسة على موقفها الرافض لإعطائهم تصريحات بالزواج الثانى، لأنهم طلقوا لأسباب غير الزنى.
ومع إقرار الدستور بمادته الثالثة أصبحت الكنيسة والدولة تسيران فى اتجاه واحد، ما يجعل مصير عدد كبير من المتزوجين مدنياً أو عرفياً غير معترف بهم من الدولة أو الكنيسة، وهؤلاء يطالبهم المحامى القبطى ممدوح رمزى بأن يتحملوا مسؤولية ذلك، لأن الكنيسة لا تعترف بذلك الزواج من الأصل، ولم تعترف بالقانون 462 لسنة 1955 حتى تهتم إذا كان سقط بإقرار الدستور أم لا، مؤكدا أن أى زواج خارج الكنيسة يعتبر زواجا غير رسمياً، لافتاً إلى أن المادة المستحدثة بالدستور تخلق مشاكل عديدة لبعض الحالات الخاصة.
مشكلة الأقباط مع الأحوال الشخصية، بدأت عام 1971، وبعد أيام قليلة من رسامة البابا شنودة الثالث، بابا للإسكندرية وبطريركاً للكرازة المرقسية، إذ أصدر القرار رقم 1 لسنة 1 بابوية، رقم 7 لسنة1971، بعدم الاعتداد بأسباب الطلاق الـ8 الواردة فى لائحة 1938، والاعتراف فقط بالسبب الأول، وهو الطلاق لعلة الزنى، وأكد مراراً أن اللائحة تخالف تعاليم الإنجيل، ورفض تنفيذ أحكام القضاء الصادرة، وفقاً للائحة، وبرر موقفه بأنه لن يحترم أحكام القضاء، على حساب الإنجيل وتعاليم المسيح.
كانت اللائحة أصدرها المجلس الملى فى 9 مايو 1938، وتتضمن 9 أسباب يجوز الطلاق عند توفر أحدها، منها الخروج من الملة وانقطاع الأمل فى الرجوع، والغياب 5 سنوات متتالية، بحيث لا يعلم مقر الغائب، والحكم بعقوبة الأشغال المؤبدة، والإصابة بالجنون، والاعتداء على حياة الطرف الآخر وإيذاؤه جسديا، وإساءة السلوك وفساد الأخلاق، والدخول فى سلك الرهبنة، وإساءة معاشرة الطرف الآخر، والإخلال بالواجبات الزوجية.
وبعد 17 سنة من صدور اللائحة، تم توحيد قضاء الأحوال الشخصية فى المحاكم المدنية، وصدر القانون رقم 462 لسنة 1955 المنظم لها، وتم إلغاء القضاء الشرعى والمجالس الملية، وانتهى العمل بالقضاء الملى الخاص بالإقباط فى 31 ديسمبر من العام نفسه، وبدأ تطبيق الأسبات الـ9، واستمر تطبيقها 16 سنة حتى وصول البابا شنودة إلى منصبه.