ياسر برهامي: «فيديو الأزمة» كان مع سلفيين لإقناعهم بأن الدستور ليس كفراً (حوار)

كتب: طارق صلاح الإثنين 24-12-2012 20:57

قال الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، عضو الجمعية التأسيسية للدستور، إن الفيديو الذى ظهر فيه وتناقلته المواقع الإلكترونية على الإنترنت مؤخراً، وأثار جدلاً كبيراً بعد إذاعة جزء صغير منه كان أثناء لقائه 40 عالماً من مشايخ السلفية لإقناعهم بأن الدستور جيد وبعيد عن الكفر.

وأضاف، خلال حواره لـ«المصرى اليوم»: «كانوا يعتقدون أن الدستور خرج عن الشريعة الإسلامية، ومواده مناهضة للإسلام، وأن التيارات الأخرى استطاعت أن تضع به ألغاماً ومشاكل بهدف إيجاد لغط فى الدين بشكل عام».

وانتقد «برهامى» تدخل المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية، فى العمل السياسى. وقال: ما قصدته بـ(تنضيف الدستورية) يعنى رسم طريق قانونى بعيداً عن تسلطها على المعارضة والسياسة»، وإلى نص الحوار:

انتشر على المواقع الإلكترونية فيديو تتحدث فيه عن نجاحك فى تمرير عدد من المواد ترضى السلفيين رغم غضب الليبراليين والأقباط، ما حقيقة الأمر؟

- هذا الكلام غير حقيقى، كنت أقصد أن أوضح للحضور معى فى الفيديو كيف مرت الأحداث داخل الجمعية التأسيسية منذ بدايتها حتى وصلنا إلى الاستفتاء، وكنت أشرح لهم مواضع الاختلاف بيننا كتيار إسلامى والزملاء الذين يمثلون الليبراليين والأقباط، وبالطبع كما يعلم الجميع كان هناك شد وجذب من الجانبين حول عدد كبير من المواد، وهذا أمر صحى ولا غضاضة فيه، أما من يفسر الفيديو على طريقته وحسبما يقتنع فهذا ليس شأنى.

فى أى مكان عقد اللقاء ومن هم الحضور؟

- فى أحد المقار التابعة للهيئة الشرعية، وحضره نحو 40 عالماً وشيخاً ينتمون للتيار السلفى، وكان بقصد توضيح ملابسات العمل داخل «التأسيسية»، وشرح كل كبيرة وصغيرة لهم، لأنه وبصراحة كثيرون من العلماء السلفيين رفضوا الدستور واعتبروه مخالفاً للشريعة الإسلامية، ولذلك قمت بمبادرة هى أن نجلس معاً لنتحدث ونوضح كل شىء ولإقناعهم بأن الدستور ليس كفراً، وكان أبرز الحضور من «العلماء السلفيين»: محمد عبدالمقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية والإصلاح، والدكتور سعيد عبدالعظيم، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ووحيد بن بالى، عضو مجلس شورى العلماء المسلمين «السلفى»، وأحمد النقيب، وحازم صلاح أبوإسماعيل، عضوى الهيئة الشرعية، وكان يوم 22 من الشهر الماضى، وبالفعل جاءت نتيجة هذا اللقاء إيجابية تعبر عن اقتناع الحضور بمواد الدستور خاصة المتعلقة بالأمور الدينية والحقوق والحريات، وبالتالى كان الهدف منه لم الشمل وتوضيح كل شىء حتى تنتهى مرحلة الجدل التى شابت أجواء وضع الدستور وبالفعل قد حدث وانتهى اللقاء باقتناع الجميع.

ذكرت فى الفيديو ما يوضح أنكم تخدعون الأقباط والليبراليين، مثلاً فى المادة الثانية وتفسيرها قلتم إنهم «مش فاهمين»؟

- أولاً تفسير المادة الثانية جاء فى المادة 219 من مشروع الدستور الجديد وهو ليس جديداً، فقد تم وضعه فى الأعمال التحضيرية لدستور 1971 فى عهد أنور السادات، الرئيس الراحل، حيث تم الابتعاد تماماً عما جاء فى الأعمال التحضيرية للدستور ثم جاء حسنى مبارك، الرئيس السابق، لتقوم المحكمة الدستورية بتفسير المادة الثانية كما أراد نظام «مبارك» وقتها بشكل غير دستورى أى بطريقة سياسية محضة، وقالت إن المقصود منها أنها «قطعية الثبوت والدلالة معاً»، وأصبحت المادة الثانية ديكورية كما قال الدكتور يحيى الجمل، وأيضاً المستشارة تهانى الجبالى، وبالتالى أصبحنا أمام مادة تخالف ما قصده الشعب، نحن أردنا تفسير المادة الثانية على حقيقتها، وقد أضافت هيئة كبار العلماء جملة «على مذهب أهل السنة والجماعة»، وقصد بها المذاهب الأربعة وأيضاً مذاهب الصحابة والتابعين، وطالب الليبراليون بوضع كلمة «أدلتها الكلية» ونحن صممنا على وضع «مصادرها» ورغبوا فى الهروب من التطبيق الضيق إلى الأمور الكبيرة فقط.

ما المقصود من أن النصارى والعلمانيين والليبراليين «مش فاهمين»؟

- أقصد أن كلمة «مصادرها» تعنى الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وباقى المصادر المختلفة، وقلت إن هناك عدداً كبيراً من الأقباط والليبراليين «مش فاهمين» هذا المعنى، وعموماً الجميع قام بالتوقيع على تفسير المادة من بينهم ممثلو الكنيسة، والغريب أنهم بعد توقيعهم جاءوا ليعترضوا.

أيضاً ذكرتم أن هناك صفقة بينكم وبين التيارات المخالفة لكم فى الرأى.. وضح لنا ماذا تقصد؟

- لا توجد صفقة، لكن أقول لكل ذى عقل ورأى وضمير إن الأقباط طالبوا بوجود مادة يحتكمون فيها لشرائعهم فيما يخص أحوالهم الشخصية ونحن لم نمانع، وأيضا كان لليبراليين طلبات لم نمانع فيها، فلماذا عندما نطلب تفسير مادة «مبادئ الشريعة» يرفضون؟ هذا أمر عجيب، وعموما نحن وافقنا على طلباتهم لأنها ليست باطلة، والأزهر وافق على المادة 219 لأنه رأى أنها جيدة وتمسك بها.

قلتم إن الدستور الجديد به قيود لم توجد فى أى دستور مصرى سابق؟

- أقصد بالقيود المادة 81 التى تعنى أن الحقوق والحريات يجب أن تمارَس بشرط ألا تتعارض مع المقومات المنصوص عليها فى الدستور، وهنا الهدف هو حماية النظام العام وأعراف الدولة وتقاليدها ووافق عليها المستشار إدوارد غالى، والغريب أنه بعد موافقته ورضاء الكنيسة جاء بعدها الأنبا بولا وقال «عايزين نحذف المادة 81»، فسألته: هل يمكن أن تقبل عبادة الشيطان أو ما يشابهها، فأجابنى: «لا طبعاً»، فقلت له إن المادة موضوعة لهذه الأشياء وهى الحفاظ على المقومات والأساسيات التى لاشك فيها، فوافقوا ثم جاءوا ليعترضوا مرة أخرى وسألتهم: «إيه الموضوع؟» أجابوا بأن المادة 81 تشير إلى الشريعة الإسلامية، وأوضحت لهم للمرة خامسة أن القيود موجودة للحفاظ على مبادئ المجتمع والحقوق والحريات بما لا يخالف النظام العام، عموما هذا جديد على الدستور، كما أن مادة الأقباط جديدة على دساتير مصر أيضا، وأكثر ما يثير الدهشة أنهم يرغبون فى حذف المادتين 81 و219 ويتركون موادهم كما يحلو لهم، هذه ليست ديمقراطية، نحن نتحدث عن التوافق وعن دستور يرضى الجميع لا دستور يقوم بوضعه أصحاب الأهواء الخاصة مع محاولات إقصاء الأغلبية وهذا لا يستقيم مع الثورة، ثم بالنظر إلى دساتير الدول الأخرى تجد أن دستورنا الحديث يفوقها جميعاً ولا يوجد به أى انحياز لأحد.

ذكرت فى الفيديو أن المحكمة الدستورية محتاجة «تنضيف» ماذا تقصد؟

- لم أقصد أعضاء المحكمة الدستورية مطلقا ولا كيانها، وقلت مرارا وتكرارا: نحن نرغب فى أن تعمل المحكمة دون تسييس وبعيدا عن التغول الذى أصبح السمة الأساسية لعملها، ويمكن ذلك بحيث تعمل بشكل يضمن عدم استخدامها كعصا لضرب المعارضة أو الفصائل السياسية المختلفة مع النظام الحاكم وعدم تدخل أعضائها فى العمل السياسى، ولك أن تنظر فى كلام المستشارة تهانى الجبالى التى قالت: «مبادئ الشريعة تعنى مبادئها الكلية وليس الأحكام كما يقول المتطرفون وسنبقى حراسا»، وهى هنا خالفت عملها القانونى وباتت تعمل بالسياسة وانحرفت تماماً عن موضعها الطبيعى، وهو ما نرغب فى إعادة تقويمه لتعمل المحكمة وفق اختصاصاتها التى يحددها القانون بحيث لا تكون سيف مسلطاً على المعارضة.

تحدثت عن هيئة كبار العلماء هل ترغبون فى إنشائها بشكل معين؟

- هيئة كبار العلماء وُضعت أولا لاختيار شيخ الأزهر ثم عدد من الاختصاصات يمكن أن يحددها القانون، واقترحت أن يتم انتخاب أعضاء الهيئة من بين الحاصلين على الدكتوراه من الأزهر والجامعات ثم يقومون باختيار شيخ الأزهر، أما تعيين شيخ الأزهر العدد الأكبر من «الهيئة» فيؤدى إلى عدم قدرتهم على انتقاده.

حديثك بالفيديو ينم عن عدم رضاء عن كيفية اختيار وتعيين شيخ الأزهر؟

- أنا أحترم وأقدر شيخ الأزهر، والدستور لم يسمح بعزله، وعندما جلست مع العلماء الغاضبين من ذلك قلت لهم إن العزل غير موجود حتى يبقى مستقلا وهذا أمر مطلوب، ولكن هناك فقرات للصلاحية يمكن أن ينظمها القانون وأيضا سن التقاعد وهذا أمر جيد، ففقدان الصلاحية يمكن أن يكون لمرض أو ما شابه ذلك، وأوضحت لهم أن القانون يمكن أن يشرح هذا الأمر واقتنعوا به تماما وانتهى الأمر بالرد على كل التساولات، وأنا استخدمت لغة حوار بسيطة بينى وبين كل الحضور، حتى يكون الأمر سهلا وقوى الحجة، وأوضحت كل شىء بإسهاب، والدستور موجود والجميع قرأه ودقق فيه ويعرف دستور المصريين جميعاً.