قال «حسين عبدالرازق» عضو المكتب السياسى بحزب التجمع، ممثل التيار اليسارى داخل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، إن مسودة التعديلات التى صدرت عن لجنة العشرة تحمل الكثير من سلبيات دستور 2012، مشيراً إلى أن لديه العديد من المقترحات ما بين التعديل والإضافة سيتقدم بها إلى لجنة الخمسين.
وأشار «عبدالرازق» خلال حواره مع «المصرى اليوم» إلى أنه من المتوقع أن يحدث صدام حاد داخل اللجنة، حول المادة 219 التى يصر حزب النور عليها، مهدداً بالانسحاب من اللجنة فى حالة رفضها، فيما قال إن اللجنة يجب ألا تخضع إلى أى ابتزاز من أى تيار داخلها. وإلى نص الحوار:
■ ما رأيك فى التعديلات النهائية التى خرجت بها لجنة العشرة لتعديل الدستور؟
ـ اللجنة بذلت جهدا لا بأس به، وحذفت أشياء سيئة من دستور 2012، لكن المنتج النهائى مازال يحمل الكثير من سلبيات دستور 2012، أولاها ما يسمى مواد الهوية (2، 3، 4) فهذه المواد الثلاث مجتمعة، وبالرغم من بعض التعديلات التى أدخلت على المادة 4 إلا أنها احتفظت بفكرة الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، وبالتالى فالدستور الجديد يؤسس لدولة شبه دينية تقوم بالتمييز ضد غير المسلمين من أتباع الديانات الأخرى أو اللادينيين، وتجعل هناك أرضية للفتنة الطائفية، بالإضافة لقضية قيام أحزاب على أساس أو مرجعية دينية استناداً للشريعة.
والعيب الثانى هو سلطات رئيس الجمهورية، فرغم أنه تم تقليصها، إلا أن هناك مواد عديدة فى باب السلطة التنفيذية وسلطات رئيس الجمهورية تجعله يكاد يكون صاحب القرار السياسى فى مصر، وتؤكد استمرار الاستبداد بشكل أو بآخر، وهناك تفاصيل أخرى كثيرة مثل المادة التى تنص على أن يختار رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة، فهذا لا يصح فى دولة تقوم على التعددية الحزبية.
■ كيف ترى الغضب بين القوى الثورية، بعد رفض لجنة العشرة تضمين الاحتجاجات الجماهيرية ضمن أسباب سحب الثقة من رئيس الجمهورية؟
ـ فى الحقيقة هذا الأمر جديد على الفقه الدستورى، فلا أظن أن دساتير أى من البلاد الديمقراطية نصت على مثل هذا الاقتراح، على أساس أن فى البلاد الديمقراطية كل المؤسسات تمارس دورها، إنما من الممكن أن تكون هناك مواد موجودة فى الدستور تضع آلية لسحب الثقة من رئيس الجمهورية، وهذا يتوقف على الدستور حول ما إذا كان رئيس الجمورية منتخبا من الشعب أم من البرلمان، وهذا ما سنناقشه فى لجنة الخمسين، وفى كلتا الحالتين سيكون هناك آلية لسحب الثقة، ولكن أن يكون الأمر مجرد احتجاجات جماهيرية، فكيف يتم قياسها؟!، نفترض مثلاً أن الميادين اشتعلت تطالب بإسقاط الرئيس، يجب أن تكون هناك آلية كجمع التوقيعات مثلاً من الشعب أو من النواب.
■ كيف ترى إقرار لجنة العشرة للنظام الفردى فى الانتخابات البرلمانية؟
ـ اللجنة أقرت النظام الفردى فى الأحكام الانتقالية، أى أن الانتخابات القادمة ستكون بالنظام الفردى، بينما اتبعت الإجراء الصحيح فى نص الدستور، بأن تركت للقانون تحديد النظام، حيث قالت لابد من وضع نظام انتخابى يحقق التكافؤ والتوازن، ثم جاءت فى الأحكام الانتقالية ونصت على أن الانتخابات القادمة فى مجلس الشعب والمحليات ستكون بالنظام الفردى، وهذا تزيد وخطأ، لسبب بسيط وهو أنها استندت إلى الاقتراحات التى أتت إليها تطالب بالنظام الفردى، والاقتراحات أتت من آحاد الناس، واعتبرت أن اقتراحات المواطنين توازى اقتراحات الأحزاب والقوى السياسية، ومنذ مارس 2011، كان هناك 34 حزبا وحركة سياسية أعضاء فى التحالف الديمقراطى من أجل مصر، بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، وتم تشكيل لجنة كان فيها الدكتور على السلمى والدكتور جمال زهران وأنا، وأعددنا مشروع مباشرة الحقوق السياسية ومشروع قانون الانتخابات يقوم على القائمة النسبية غير المشروطة بسبة 100% ووافق التحالف عليها، وتم تسليمها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وفوجئنا بأن المجلس الأعلى ألقى بالاقتراح الذى أجمعت عليه كل الأحزاب فى سلة القمامة، وقبل الانتخابات بـ15 يوما تم إقرار ثلثين قائمة وثلثين فردى، والجمع بين الفردى والقائمة (النظام المختلط)، استثناء موجود فى 5 دول فى العالم فقط، ولكل بلد ظروفه الخاصة به، فألمانيا مثلا دولة فيدرالية تضم ولايات وجمهوريات متحدة مختلفة، فخوفاً من إمكانية أن توجد ولاية غير ممثلة فى البرلمان فى ظل نظام القائمة جمعوا بين النظامين.
■ هل ستثير مشاركة حزب النور صداماً داخل اللجنة؟
ـ بالتأكيد سيحدث صدام، لأنه على الأقل المادة 219 ستكون مرفوضة من غالبية لجنة الخمسين، وحزب النور اعتبر أن هذه بالنسبة له مسألة يكون أو لا يكون، وأكد أنه سينسحب إذا رفضت هذه المادة، ويجب ألا نخضع لأى ابتزاز من أى تيار، فحزب النور ابتز الدولة كثيراً فى الفترة الأخيرة.
■ هل حظر إنشاء أحزاب على أساس دينى يستوجب حل الأحزاب الدينية الموجودة حاليا؟
ـ حظر الأحزاب على أساس دينى قائم باستمرار، ولكن الذى تم التلاعب فيه هو «أو مرجعية دينية»، دستور 1971 كان ينص على حظر قيام أحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية، وفى 2011 مع الإعلان الدستورى فى 30 مارس، لجنة طارق البشرى التى كانت تنحاز إلى التيار الإسلامى حذفت «أو مرجعية دينية»، فكل الأحزاب الدينية التى قامت هى فى الواقع استغلت ذلك، وقالت نحن أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية، فالمفروض أن يعود النص كما كان، وفى هذه الحالة على الأحزاب التى تتستر بالدين أحد خيارين أن توفق أوضاعها لكى تصبح أحزابا سياسية، لا تخلط الدين بالسياسة أو ينطبق عليها القانون ويتم حلها.
■ ما أبرز المواد التى ستطالب بتعديلها أو إضافتها؟
ـ هناك اقتراح بنص يحل محل المواد (2،3،4) سأطرحه فى بداية عمل اللجنة، وهناك أيضاً المواد الخاصة بالصحافة، وسأتمسك بالنصوص التى كان قد تقدم بها المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين، أيضاً المواد الخاصة برئيس الجمهورية سأطالب بتعديلها، ولدى مجموعة مواد خاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمرأة الطفل، سأطرحها داخل اللجنة.
■ كممثل لليسار، ما رأيك فى إلغاء نسبة العمال والفلاحين فى الدستور؟
ـ التمييز الإيجابى للطبقات الضعيفة معروف فى كل دول العالم، ومصر منذ عام 1956 أخذت بهذا المنطق عندما خصصت 50% للعمال والفلاحين، ولكن فى كل العالم التمييز الإيجابى للطبقات الضعيفة يكون لفترة زمنية فقط، لحين تقوى هذه الطبقات، ويتم ذلك لفترة أو فترتين أو أكثر وليست عملية مفتوحة، والتمييز الإيجابى للعمال والفلاحين فى مصر له أكثر من 50 سنة منذ أن أقره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وللحقيقة أوضاعهم الآن أسوأ من أوضاعهم قبل 50 سنة، وأرى الإبقاء على نسبة الـ50% عمال وفلاحين، مع تعريف دقيق واضح لهم، لا يسمح للمستشارين وأساتذة الجامعات واللواءات وغيرهم بالترشح على مقاعد العمال والفلاحين، لدورة أو دورتين فقط، ويكون ذلك ضمن الأحكام الانتقالية.
■ ماذا عن إلغاء مجلس الشورى؟
ـ مجلس الشورى أنشئ لسبيين، الأول هو أن الدولة كانت تعهد إلى الاتحاد الاشتراكى العربى بممارسة حقوق الملكية على الصحف الخاصة، ومع إلغاء الاتحاد الاشتراكى وبدء التعددية الحزبية المقيدة، كان لابد من البحث عن جهة أخرى تمارس هذا الحق، فاخترعوا مجلس الشورى ليمارس هذا الدور، والسبب الثانى هو أن الحزب الوطنى كانت لديه مشكلة فى أن الآلاف من قياداته وأعضائه يرغبون فى الترشح لمجلس الشعب، فيما عليه أن يختار عددا معينا لا يزيد على عدد أعضاء مجلس الشعب، لكن تظل هناك شخصيات كان الحزب الوطنى حريصا على إرضائها ولا يريد خسارتها، فمجلس الشورى كان يحقق لهم نفس المميزات التى كان يحصل عليها عضو مجلس الشعب من حصانة ومكافأة إلى ما غير ذلك، فالمجلس أنشئ لهذين السببين وكلاهما لم يصبح له وجود، وبالتالى أصبح إلغاء مجلس الشورى ضرورة.
■ كيف ترى نسبة التوافق على الدستور بين الأعضاء داخل لجنة الخمسين؟
ـ فكرة الدستور تختلف عن أى قانون أو قرار، فلابد أن يكون هناك توافق مجتمعى حول الدستور، والتوافق ليست له نسبة معينة، ولكن مواد الدستور يجب أن يتم تمريرها داخل اللجنة بالتوافق، وعندما يصل الأمر إلى خلاف حاد حول مادة أو أكثر، يتم اللجوء إلى قاعدة التصويت، وبما أن الأساس فى الموضوع التوافق، فيجب أن تكون نسبة التصويت أعلى كثيرا من 50%، وأقترح أيضاً حينما يطرح الدستور للاستفتاء على الشعب، يجب اشتراط نسبة معينة من الناخبين للتصويت، وفى حالة إقرار الدستور من الذين ذهبوا إلى التصويت يجب اشتراط أيضا نسبة أعلى من 50%، لكى يكون هناك توافق حقيقى، ويكون لدينا دستور يحظى بالتوافق من الغالبية الكبرى للمجتمع المصرى.
■ كيف تتوقع عمل اللجنة؟
ـ أتصور أنه يجب الاتفاق أولاً على ما إذا كانت ستتم كتابة دستور جديد، أم تعديل لدستور 2012، واللجنة بالفعل أقرت المبادئ التى سيتم على أساسها صياغة الدستور، وكل باب وفصل من الدستور له لجان فرعية تعمل عليها وتعود فى النهاية كل المواد إلى اللجنة مجتمعة للمناقشة النهائية.