بعد نحو عامين ونصف العام على اندلاع الأزمة السورية، قررت الإدارة الأمريكية أن تتدخل عسكرياً، لـ«تأديب» نظام الرئيس بشار الأسد، بذريعة استخدامه الأسلحة الكيماوية، ولكن في المقابل، يتطلّع العالم إلى رد فعل حلفاء «النظام البعثي»، وهم إيران و«حزب الله» اللبناني، وروسيا، والصين.
ويجمع عدد كبير من المراقبين على أن حلفاء «الأسد» لن يخوضوا أي حرب بجانب سوريا في مواجهة الولايات المتحدة، ولذا فكل جهودهم تتركز على منع الضربة العسكرية، وليس التصدى لها.
فروسيا التي ظلت، طوال الفترة السابقة، تؤكد تأييدها المطلق لـ«الأسد»، بما شكل غطاء سياسيا لممارساته ضد المعارضة، تقف مع انطلاق نُذُر الحرب، معلنةً عدم تدخلها في أي حرب تشنها الولايات المتحدة ضد سوريا، حيث خضع القرار الروسي لموقف المحافل الدولية، وأخذ يتراجع عن دعم الأسد تدريجياً، بسبب مصالحها مع أوروبا، لكن مع اندفاع واشنطن نحو الحرب، بدأ الموقف الروسي يتغير بالتحذيرات المتتالية من مخاطر خوض الحرب بقرار أمريكي منفرد، إلى الحد الذي طالب فيه الرئيس فلاديمير بوتين الكونجرس الأمريكي بعدم إعطاء الرئيس باراك أوباما تفويضا لشن الهجوم، وربط موافقته على الحرب بأن تثبت الأدلة أن النظام السوري استخدم بالفعل الأسلحة الكيماوية.
ويرى الخبراء أن تاريخ المواقف الروسية حيال قضايا المنطقة في السنوات الأخيرة لا يخرج عن هذه السياق، حيث تفضل موسكو أن تترك الأنظمة لمصيرها عندما تشعر أن سقوطها بات وشيكاً.
وفيما يتعلق بالصين، فقد اكتفت بالإعراب عن «قلقها من تدخل أحادي الجانب في دمشق»، ويعتقد محللون أن «بكين» لا تملك إلا المخالفة الظاهرية للهجوم على سوريا، ولا يمكن أن تكون مؤثرة في الأحداث المقبلة، لأن قواتها «غير مختبرة»، بجانب بعدها عن بؤرة الأحداث، حيث توقع بعض الخبراء أن تتحرك «بكين» ببطء كالعادة.
ويختلف الوضع بالنسبة لطهران، وإن كانت تصريحات مسؤوليها مؤخرا توحي بأنها تبدي نوعاً من الاستعداد للتخلّي عن «الأسد» والاعتراف بأن وقت رحيله قد حان، إذ أعرب الرئيس الجديد حسن روحاني، عن قلقه الكبير لاستخدام غاز السارين ضد المدنيين في سوريا، موضحاً، بطريقة دبلوماسية للغاية، أن طهران لن تدفع ثمن دعمها لـ«الأسد» في حال تم إثبات إجرامه، في تحول كبير في سياسة طهران الخارجية.
وتصر طهران على أنها لا يمكن أن تتخلى عن حليفها الاستراتيجية، وأكدت ذلك تصريحات مسؤولين بالحرس الثورى بالتهديد بإزالة إسرائيل حال إقدام واشنطن على مهاجمة «الأسد»، لأن سقوطه ووجود نظام موال للغرب يضع طهران في مأزق، ويزيد الضغوط الأمريكية والخليجية عليها بشأن برنامجها النووي، وقد يجعلها أكثر عرضة لهجوم متوقع من إسرائيل. ويؤكد العديد من المراقبين أن حكومة «روحاني» لا تريد مواجهات مباشرة مع الغرب حول سوريا.
ومع اقتراب الهجوم الغربي، اعتبر مراقبون أن أمام طهران 3 ردود محتملة، أولها السكوت إن كانت الضربة العسكرية في شكل «تنبيه» لحكومة «الأسد»، حيث من المرجح أن تكتفي بالإدانة اللفظية، وثانيها، التدخل غير المباشر عبر «حزب الله»، إن تحولت الكفة في غير صالح «الأسد» بما يعزز من فرص سقوطه، وأخيراً التدخل المباشر، وهو السيناريو الأضعف، إن لم يكن مستبعداً.
أما «حزب الله» فرغم إعلانه الاستنفار لقواته فإنه يبدو هادئاً ومترقباً انتظارا للضربة الغربية المرتقبة، حيث آثر الصمت في البداية لكنه وفي أول تعليق رسمي، رفض أي «عدوان» أمريكي على سوريا، واصفا إياه بـ«الإرهاب المنظم» الذي يشكل «تهديدا سافرا للسلم والأمن الإقليمي والدولي».
واعتبر محللون أن الحزب على الأرجح يجهز نفسه ميدانياً على أساس أنه طرف في المواجهة بجانب دمشق، غير أنه سيترك أمر انخراطه عملياً فيها لطلب القيادة السورية، وإلى حجم المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها الحليف السوري، حيث يتوقف هذا الأمر على حجم الضربة، ومدتها الزمنية.