«المصري اليوم» ترصد مسلسل اغتيالات رموز القبائل فى سيناء

كتب: عبد القادر مبارك الخميس 05-09-2013 19:31

لم تكن محاولة اغتيال الشيخ عيسى الخرافين، الأربعاء، على يد مسلحين مجهولين الأولى، ولن تكون الأخيرة فى مسلسل اغتيالات رموز القبائل بشمال سيناء، ويحتل الخرافين، عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطنى المنحل قبل قيام ثورة 25 يناير، رقم 8 من رموز القبائل فى شمال سيناء الذين تعرضوا إلى الاغتيال على يد مسلحين.

بدأ مسلسل الاغتيالات عام 2011، فى أعقاب ثورة 25 يناير، باستهداف الشيخ نايف أبوقبال، شيخ عشيرة «الزيود» بقبيلة السواركة، الذى تعرض إلى إطلاق نار على يد مسلحين داخل أحد صالونات الحلاقة بوسط مدينة العريش وفر الجناة الذين كانوا يستقلون دراجة بخارية هاربين لتسجل أول حلقة فى مسلسل الاغتيالات لرموز القبائل، وهزت جريمة اغتيال الشيخ نايف أرجاء المحافظة حينها، وأرجعت مصادر قبلية أن اغتيال الشيخ نايف كانت وراءه العناصر المتشددة دينياً نظراً لأنه شيخ حكومى لعشيرة الزيود، والشيوخ الحكوميون هم تابعون لمديرية أمن شمال سيناء، ويتردد فى أوساط المتشددين أنه كان يساعد رجال الأمن فى ملاحقة العناصر الإرهابية فى أحداث طابا.

لم يتوقف مسلسل الاغتيالات فى عشيرة الزيود وتجديد عائلة أبوقبال إذ تعرض شقيق الشيخ نايف إلى الاغتيال على يد مسلحين ملثمين بمنطقة الجورة جنوب رفح الشهر الماضى، حيث تم إطلاق النار عليه، وهو يستقل سيارته، ولم يتم التعرف على منفذى الجريمة.

ويعد اغتيال الشيخ خلف المنيعى ونجله من الجرائم التى هزت أبناء القبائل، ووصفت بأنها مثلت تحدياً صارخاً من المسلحين للمجتمع السيناوى والقبائل البدوية بسيناء، وكان الشيخ خلف المنيعى من رموز قبيلة السواركة، وينتمى إلى عشيرة «المنايعة»، وكان يدافع عن حقوق أبناء سيناء، ويعقد مؤتمرات شعبية لأبناء القبائل، وتعرض للاغتيال بعد عودته من قرية المهدية برفح أثناء عقد اجتماع مع أفراد من العائلة، لمواجهة الإرهاب فى سيناء، والتصدى للعنف.

وبعد انتهاء الاجتماع مع أفراد العشيرة، الذى عقد فى رمضان قبل الماضى، عاد المنيعى إلى مزرعته بمنطقة «الخردبة» شرق العريش، قبل موعد السحور بساعتين، وكان برفقته نجله محمد، 20 عاماً، فخرجت عليه مجموعة من المسلحين، وأطلقوا النار عليه وهو بداخل سيارته قبل الوصول إلى مزرعته، مما أدى إلى مصرعه فى الحال ومعه نجله، الذى توفى أثناء نقله إلى المستشفى.

وأثار اغتيال المنيعى غضب أفراد قبيلة السواركة، خاصة أنها الجريمة الثانية لرموز القبيلة بعد اغتيال أبوقبال، ورفضت القبيلة فتح مجلس لتقبل العزاء من أبناء القبائل، حتى يثأروا ممن قتلهم، حسب كلام أبناء قبيلة السواركة.

وأدت جريمة اغتيال المنيعى إلى استنفار عائلة المنايعة خاصة أبناء الشيخ وأبناء عمومته، والذين أعلنوا وقتها أنهم يعرفون جيداً من اغتال ابنهم، ووقتها حاول أحد أبناء الشيخ خلف المنيعى قتل أحد المسلحين المشتبه فى تورطه فى اغتيال والده، حسب كلام أفراد العائلة، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وأصيب المسلح إصابات بالغة وقتها.

ويقول خالد خلف، نجل الشيخ خلف المنيعى، إن الثأر لوالده الذى اغتيل على يد رصاص الغدر والخسة لن يطول، وإن من اغتالوا والده لن يفلتوا من العقاب العادل وعلى يد أبناء العائلة مشيراً إلى أن والده وشقيقه محمد تعرضا للاغتيال من ملثمين مسلحين لم يعلنوا عن أنفسهم، لأنهم جبناء ولا يعرفون قيمة الرجولة والنخوة وسوف ينالون عقابهم العادل بعد أن يخرجوا من جحورهم.

لم يتوقف مسلسل الاغتيالات عند الشيخ خلف المنيعى، ففى عام 2012 تم استهداف كامل أبوملحوس، أحد أبناء عشيرة «الدهيمات» قبيلة السواركة، برفقة أحد أقربائه من أبناء عمومته، أثناء عودته من مدينة الشيخ زويد إلى العريش، حيث فوجئوا بمنطقة الخروبة وعلى الطريق الدولى رفح - العريش خرجت عليهم سيارة كروز ذات دفع رباعى، وقام مجموعة من المسلحين بإطلاق النار من أسلحتهم الرشاشة على أبناء عائلة أبوملحوس أثناء جلوسهم داخل السيارة، مما أدى إلى مصرعهم فى الحال، وتعد هذه الجريمة الثالثة لأفراد قبيلة السواركة بعد اغتيال «أبوقبال» و«المنيعى»، ويعتبر كامل أبوملحوس من الشخصيات المعروفة فى أوساط القبائل، وله علاقة طيبة بعدد من المسؤولين فى الدولة، ويساعد أبناء قبيلته فى حل المشاكل، ويلجأ إليه أبناء قبيلة السواركة، لحل مشاكلهم لدى المسؤولين، وكان هدف المسلحين هو اغتيال كامل أبوملحوس، وليس مرافقه، لكنهم يقومون بتصفية كل من يرافق هدفهم المراد تصفيته، حتى لا يتم الكشف عن منفذى الجريمة.

وفى العام نفسه، الذى اغتيل فيه أبوملحوس والمنيعى، يسقط الشيخ إسماعيل أبوزيد، أحد أبناء قبيلة السواركة لينضم إلى مسلسل الاغتيالات، وهو الرابع من رموز قبيلة السواركة، الذى يتعرض إلى الاغتيال على يد المسلحين، وينتمى «أبوزيد» إلى عشيرة «السلاميين» قبيلة السواركة، وتعرض للاغتيال على يد مسلحين يستقلون سيارة ذات دفع رباعى بمنطقة المزرعة جنوب مدينة العريش، حيث أطلقوا النار عليه أثناء عودته إلى منزله، ولم يتم التعرف على منفذى الجريمة بعد أن فروا من المكان، واستغل المسلحون وقتها ظاهرة الانفلات الأمنى، التى شهدتها المحافظة بعد ثورة 25 يناير 2011، وأكدت مصادر قبلية أن محاولات الاغتيال التى تعرضت إليها رموز قبيلة السواركة وراءها عناصر متشددة دينياً، وينفذون عمليات اغتيال للشخصيات، التى يعتقدون أنهم يتعاونون مع الأمن فى سيناء، من وجهة نظرهم، خاصة أن تعيين مشايخ القبائل فى سيناء يتم بناء على اختيارات المخابرات الحربية وأمن الدولة، حسب تصور هذه العناصر، وأن قتلهم واجب شرعى ودينى.

وتوقف مسلسل الاغتيالات لرموز القبائل نحو العام ليتجدد فى أواخر شهر رمضان الماضى، باغتيال عبدالحميد سلمى، أبرز رموز سيناء، وقبيلة الفواخرية، النائب السابق بمجلس الشورى، الذى تعرض للاغتيال على يد مسلحين أثناء توجهه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، ليسقط مضرجاً فى دمائه على باب المسجد.

وتعد جريمة اغتيال عبدالحميد سلمى هى الأولى لأبناء قبيلة الفواخرية بالعريش، والخامسة فى مسلسل اغتيال رموز القبائل فى سيناء، وهى الجريمة التى هزت كيان مدينة العريش على وجه الخصوص، حيث تم اتهام الإخوان المسلمين وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى بتنفيذ الجريمة بعد أن قام النائب السابق بحشد الجماهير، لتأييد الفريق عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، وتفويضه للقضاء على الإرهاب فى سيناء، وكان النائب، رجل الأعمال المعروف، يواجه الإرهاب بكل قوة، ويعقد المؤتمرات الشعبية ويحشد من أجل التصدى للإرهاب الأسود فى سيناء.

وأرجعت مصادر قبلية من العريش اغتيال عبدالحميد سلمى إلى دوره فى التصدى للإرهاب من خلال حشد الجماهير وعقد المؤتمرات، وأضافت المصادر أن عائلة «سلمى» تعلم جيداً من قام بتنفيذ الجريمة، لكنها تحاول تحديد الأسماء لأخذ الثأر.

وقالت المصادر نفسها إن قيادات أمنية فى المحافظة تعهدت بالكشف عن أسماء منفذى جريمة اغتياله، معتبرين أن عبدالحميد سلمى تم اغتياله، بسبب علاقته بالقيادات الأمنية، وأن الكشف عن منفذى الجريمة هو من أوليات القيادات الأمنية فى المحافظة.

جريمة اغتيال رجل الأعمال ونائب الشورى السابق عبدالحميد سلمى كشفت عن الأهداف الرئيسية وراء مسلسل الاغتيالات التى تشهدها محافظة شمال سيناء، وأن التيارات الدينية المتشددة والتى ترعاها جماعة الإخوان المسلمين هى وراء هذه الاغتيالات فالنائب السابق ليس له أعداء أو خلافات قبلية فهو شخصية تحظى بالاحترام والود من أفراد القبائل خاصة أبناء القبائل بالعريش ولا توجد أسباب واضحة وراء الاغتيال سوى أنه كان رمزاً لمواجهة الإرهاب فى سيناء ودائماً ما يتصدى لمخططات جماعة الإخوان المسلمين لأخونة المحافظة إبان فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، بالإضافة إلى أن «سلمى» كان على علاقة طيبة مع جميع الأجهزة الأمنية بالمحافظة وتستعين به هذه الأجهزة فى حل العديد من المشاكل القبلية فى المحافظة، وترجع بعض المصادر القبلية أن رجل الأعمال «سلمى» لقى مصرعه نتيجة علاقته بهذه الأجهزة، وتصديه لمحاولة إرهاب أبناء سيناء من قبل المسلحين الملثمين.

وكالعادة يتوقف مسلسل الاغتيالات برهة ليتجدد على يد المسلحين الملتحين ويفاجأ أبناء القبائل باغتيال جديد وبنفس الطريقة، وهذا ما تفاجئ به أبناء مدينة الشيخ زويد عند سماع نبأ اغتيال الشيخ/ فرج أبوبخيت من أبناء عائلات الريشات بقرية أبوطويلة وهو من رموز عائلات الشيخ زويد وأحد رموز الحزب الوطنى المنحل حيث كان عضواً بالمجلس الشعبى المحلى للمحافظة عن الحزب الوطنى أثناء ثورة يناير 2011.

وتعرض الشيخ فرج أبوبخيت للاغتيال على يد مسلحين ملثمين أثناء فتحه محله التجارى بوسط مدينة الشيخ زويد وفوجئ بأحد الملثمين ينزل من سيارة ملاكى ويصوب مسدسه نحوه ما أدى إلى مصرعه فى الحال نتيجة طلقة استقرت بالجمجمة أدت إلى وفاته.

وتعد جريمة اغتيال أبوبخيت هى الجريمة السادسة فى مسلسل الاغتيالات لرموز القبائل بسيناء، وكان الضحية من الشخصيات التى تحظى بالاحترام فى أوساط العمل السياسى والاجتماعى، وليس له أعداء بين أفراد القبائل والعائلات بالشيخ زويد خاصة وسيناء عامة، إلا أنه كان صاحب وجهة نظر تدعم القوات المسلحة فى سيناء وتشجب الإرهاب وهو ما عبر عنها فى حسابه الخاص على موقع «فيس بوك» ويرى مراقبون فى سيناء أن اغتيال أبوبخيت هو نتيجة آرائه الحرة بدعم القوات المسلحة، وأنه أحد رموز الحزب الوطنى المنحل.

ويستمر مسلسل الاغتيالات لرموز ومشايخ القبائل فى سيناء لينضم إليهم شقيق الشيخ نايف أبوقبال أول من تعرض للاغتيال على يد الملثمين فى 2011 وقد تم استهدافه بالقرب من قرية الجورة جنوب رفح على يد مسلحين ملثمين ولم يتم الكشف عن منفذى الجريمة.

وأخيراً تم استهداف الشيخ عيسى الخرافين شيخ قبيلة الرميلات فى رفح نائب الشعب عن مدينة رفح وأحد رموز الحزب الوطنى المنحل ورئيس جمعية مجاهدى سيناء، وواحد من مجاهدى سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلى.

ويرى مراقبون من سيناء أن محاول اغتيال عيسى الخرافين من قبيلة الرميلات كان وراءها أنه أحد رموز الحزب الوطنى المنحل، وأن الاغتيال وراءه دوافع سياسية وليست جنائية، حيث إنه صاحب آراء سياسية ضد فكر الإخوان المسلمين والتيارات الدينية المتشددة بالإضافة إلى هجومه المستمر على ظاهرة الأنفاق ومطالبته الدائمة للقوات المسلحة بالقضاء عليها.

وتعتبر محاولة اغتيال الخرافين فى وضح النهار تحدياً صارخاً من المسلحين لرموز القبائل من أفراد القبائل فى سيناء، ورسالة منهم إلى كل من يحاول مساندة القوات المسلحة فى حربها ضد الإرهاب.

أكدت مصادر قبيلة فى سيناء أن مسلسل الاغتيالات فى سيناء لن يتوقف فى ظل الانفلات الأمنى التى تشهده المنطقة، خاصة داخل المدن السيناوية التى غابت عنها الشرطة تماماً بعد عزل مرسى. وأن قائمة الاغتيالات تشمل العديد من الأسماء والرموز القبلية، وأن التصفية الجسدية لهذه الرموز مستمرة دون التوصل إلى منفذى هذه الجرائم فى ظل السلبية التى يعانى منها أبناء القبائل للكشف عن الملثمين منفذى مسلسل الاغتيالات.

وأشارت المصادر إلى أن القائمة التى لدى المسلحين تشمل رموز الحزب الوطنى المنحل والأسماء التى تتردد على الأجهزة الأمنية ومشايخ الحكومة المعينين من قبل الأمن وأصحاب الآراء السياسية التى تخالف ما يسمى المشروع الإسلامى، الذين يعبرون عنها بالوسائل المختلفة فى الصحف والفضائيات والمؤامرات، وترى المصادر أن مسلسل الاغتيالات لن يتوقف إلا من خلال تكاتف جهود أبناء القبائل العربية للقضاء على هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع السيناوى.