سمير رضوان وزير المالية الأسبق: لم أعتذر عن «رئاسة الوزراء».. ولابد من دعم «الببلاوي» (حوار)

كتب: رانيا بدوي الخميس 05-09-2013 22:33

فى أول حوار صحفى معه منذ ترشيحه لمنصب رئيس وزراء مصر بعد سقوط نظام الإخوان تحدث الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق عن بعض كواليس تشكيل الوزارة آنذاك، حيث نفى تماما أن يكون قد قدم اعتذارا عن المنصب، مما أدى إلى اختيار الدكتور الببلاوى، وأكد أن مؤسسة الرئاسة أخبرته بترشيحه للمنصب وقد وافق، ولكن علم فيما بعد أنه لمواءمات سياسية تقرر تعيين الدكتور الببلاوى، كما نفى أن يكون حزب النور سبب إلغاء ترشيحه.

وأكد «رضوان» خطأ المطالبة بإلغاء المعونة الأجنبية ووصفه بالسذاجة السياسية والعنترية التى لا تدرك طبيعة العلاقات الاقتصادية مع الغرب، كما وصف الربيع العربى بأنه مؤامرة كبرى كان الهدف منها تقسيم المنطقة لولا فطرة الشعب المصرى الذى فطن للخديعة فقرر إسقاط نظام الإخوان، مما أطاح بكل مخططات الغرب وما أنفقوه من مليارات فى سبيل تحقيق هدف تقسيم المنطقة.

وإلى نص الحوار:

■ قبل تعيين الدكتور الببلاوى تردد اختيارك لمنصب رئيس الوزراء ثم سرت أقاويل عن اعتذارك عن المنصب فلماذا؟

- لا أحب أن أخوض فى تفاصيل هذا الموضوع، ولكن الحقيقة أن الرئاسة شرفتنى بهذا العرض، وأنا لم أعتذر كما تردد، ولكن الأهم من الأشخاص هو مستقبل مصر، فلدينا حكومة الآن لابد أن نتماسك جميعا ونقف وراءها حتى نجتاز هذه المرحلة الصعبة.

■ قيل إن حزب النور كان وراء الضغط على الرئاسة للتخلى عن ترشيحك؟

- هذا غير صحيح تماماً إذ ظهر الاستاذ «نادر بكار» على كل القنوات الرسمية وغير الرسمية فى الداخل والخارج ليؤيد هذا الترشيح.

■ قيل أيضا إن الدكتور زياد بهاء الدين وراء التراجع عن ترشيحك بعد «تويتة» نشرت على صفحته؟

- الحديث فى هذا الأمر يعطى الموضوع أكبر من حجمه، وكما قلت دعونا ننتبه إلى ما نحن فيه الآن.

■ لم أفهم ما الذى حدث، وأظن أن المعرفة تعنى أن نتنبأ بالمستقبل، وهل هذا يعنى وجود جهات عديدة داخل الرئاسة تتصارع على القرار؟

- لا أعتقد على الإطلاق أن هذه هى الصورة داخل مؤسسة الرئاسة، هناك مواءمات سياسية، وهذا أمر عادى.

■ ما رأيك فى أداء الحكومة الحالية؟

ـ الحكومة مكونة من عدد كبير من الكفاءات، لكن من الصعب الحكم على أدائها الآن فقد تم تشكيلها فى وقت صعب للغاية مروراً بشهر رمضان بما له من طبيعه خاصة، ثم خرجنا منه لنمر بأحداث عنف وتطرف ويجب ألا نقع فى الخطأ السابق عندما سارعنا فى تقييم حكومة شرف وأحطناها بالاتهامات، رغم أنها كانت تعمل تحت ضغوط شديدة، علينا أن ندعم الحكومة ونمنحها وقتاً لأن ملاحقتها بالنقد قد يؤدى إلى فشلها مما سينعكس علينا جميعاً.

■ كيف تقرأ هجوم الغرب على مصر فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وكيف يؤثر اقتصادياً على مصر؟

- لقد بدأت أؤمن بنظرية المؤامرة التى يتحدث عنها البعض، والتى تهدف إلى تقسيم المنطقة، فبعد سقوط أغلب الأنظمة الموالية للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة بسقوط بن على فى تونس ومبارك فى مصر وعلى عبد الله صالح فى اليمن وغيرهم إضافة إلى تأزم الوضع فى العراق وسوريا، حيث ضمنت هذه الأنظمة استقرار مصالح أمريكا فى المنطقة لأكثر من 30 عاما، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن بديل لهذه الأنظمة، ولأن التيار الليبرالى مشتت وغير منظم ولا قيادة موحدة له، لذا اتجهوا إلى القوى الإسلامية التى قامت بدورها بالتعهد بضمان مصالح أمريكا وإسرائيل فى المنطقة وتنفيذ الخطط المرسومة.

■ لكن التقارير تؤكد وجود اتصالات قديمة بين الإخوان والولايات المتحدة الأمريكية وليست بعد سقوط نظام مبارك؟

- صحيح فالاتصالات بدأت منذ عام 2003، وكانت إنجلترا هى الوسيط بينهما، لأنها الحليف التاريخى لجماعة الإخوان والممول التاريخى لهم.

■ وهل هذا يفسر وجود مكتب رئيسى للتنظيم العالمى للإخوان فى لندن برئاسة الدكتور كمال الهلباوى آنذاك؟

- بكل تأكيد، وكما قلت إنجلترا كانت أحد مصادر التمويل القويه للتنظيم العالمى للإخوان، وهى من سهلت ومهدت لحوار دام لسنوات بين الإخوان وأمريكا، وقدمتهم كبديل جاهز دائما لنظام مبارك، لذا عندما قرر الغرب تقسيم المنطقة وتوالى ما سمى الربيع العربى ووصل الإسلاميون للحكم فى عدد من الدول العربية وبدا الغرب متأكداً من قرب تحقيق ما يرغب فيه، حيث كان هناك اتفاق مع إخوان مصر على سبيل المثال على فصل قناة السويس عن السيادة المصرية ونزع ملكيتها تماماً من مصر والمصريين وجعلها حدودا جديدة لمنطقة سيناء التى كان مخططا لها أن تنفصل هى الأخرى عن مصر وتصبح موطناً للجهاديين لتعلن إمارة إسلامية منفصلة، ويحصل الغزاويون على جزء منها لترتاح إسرائيل.

وكان هذا مخططا مرسوما بدقة يجرى تنفيذه على قدم وساق، حتى جاء الشعب المصرى وربما عن دون وعى منه بهذا المخطط وخطورته خرج إلى الشارع مدفوعا بفطرته الطبيعية، لأنه شعر أن هناك شيئا ما خطأ يدار فى الأفق لا يعلم تفاصيله ولكنه غير مرتاح، فى هذه اللحظة كان قد دمر كل طموحات الغرب ومخططاتهم لسنوات وأموال ضخمة أنفقت فى سبيل هذا المخطط، وكانت الصعوبة الأكبر أن مخططاتهم اصطدمت بالشعب المصرى وليس بالنظام الحاكم.

وهو ما أصاب أوباما بالارتباك الشديد فى البيانات والتصريحات التى أصدرها، حيث كانت قوية ضد مصر فى البداية ظنا منه أنه انقلاب وعاد وتخبط بعد أن شعر أن الملايين تدعم الجيش، ووجد نفسه فى مواجهة الشعب المصرى، فقد شعر أن كل ما نقل له عن قدرة تيار الإسلام السياسى على التحكم فى الشعب المصرى كان غير حقيقى، وبالتأكيد كانت هيلارى كلينتون وراء هذه الورطة لأنها كانت هى من تتبنى هذا الفكر.

■ وما تفسيرك لرد فعل دول الخليج ودعمها الشديد لمصر؟

- الموقف التاريخى لدول الخليج العربى وعلى رأسها السعودية زاد من ارتباك الغرب وشعورهم بالمأزق، فموقف المملكة العربية السعودية من مصر وتحديها للإدارة الأمريكية موقف تاريخى، وكان أولاً لشعور السعودية ودول الخليج بالخطر الشديد نتيجة امتداد نشاط تنظيم الإخوان لبلدانهم، وثانيا لأن السعودية كانت غير راضية تماما عن موقف أمريكا من قطر، وترى أن أمريكا منحت قطر دورا أكبر مما تستحق، وهو مما يحقق حلم قطر فى زعامة المنطقة دون أن يكون هناك سند فى الواقع لهذه الزعامة لا من حيث عدد السكان ولا مساحة الدولة وغيرها، بعد أن كانت السعودية ترى فى نفسها زعيمة لدول الخليج، والأكثر تأثيراً ولها ما يبرر ذلك، إضافة إلى أسباب أخرى جعلت السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان من الدول الداعمة بقوة لمصر فى موقفها، وهو دعم ليس معنويا إنما دعم مكتوب على شيكات، حيث وصل المبلغ الذى حصلت عليه مصر من دول الخليج سواء فى شكل منح لا ترد أو استثمارات فى البورصة أو غيرها حوالى 12 مليار دولار، بل واستعدادها لتغطية أى معونات قد تمنع من قبل أى دولة أجنبية، ولكن هذا ليس معناه أن نقول إذن نحن لسنا فى حاجة إلى المعونات الغربية، لأن قيمة المعونة ليس فى المبالغ المالية إنما فى العلاقات بين الدول.

■ اقتصاديا كيف تقرأ لقاء سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى بالرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند وتغير الموقف الفرنسى بعدها؟

- المصالح هى التى تحكم العلاقات بين الدول، وترفع بلاد من أجل تحقيق مصالحها أحيانا شعارات مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، لذا بعد موقف فرنسا المتشدد من مصر كما هو الوضع فى ألمانيا وغيرها ذهب الأمير سعود الفيصل وهو شخص معروف بحنكته وهدوئه وتقابل مع الرئيس الفرنسى، وقال له بالنسبة لعقد النظام الدفاعى للمنطقة الشرقية بالسعودية والذى كان من المفترض استيراده من فرنسا بقيمة 35 مليار دولار قررنا تأجيله بعض الوقت نظراً لعجز الموازنة، ففهم الرئيس الفرنسى الرسالة، وهو ما جعل وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس يخرج علينا بتصريحات أن ما حدث فى مصر ليس انقلاباً.

■ إذن هل يمكن أن نقرأ تشدد ألمانيا حتى الآن فى إطار قوتها الاقتصادية وبالتالى لا يوجد كروت ضغط عليها؟

- هذا جزء، ولكن السبب الرئيسى يكمن فى أنها على أعتاب انتخابات، والديمقراطية بالنسبة للألمان أمر حساس للغاية وليست زينة كما الحال فى دولنا، لذا كيف تواجه ميركل الرأى العام الألمانى وتقول له إن أول رئيس مدنى منتخب فى مصر التى نساعدها وندعمها بالمال تم عزله من السلطة بمساعدة الجيش، لذا هى تقدم نفسها للناخب الألمانى على أنها تدعم الديمقراطية وترفض الانقلاب، ناهيك عن 5 ملايين تركى يعيشون فى ألمانيا ولهم أصوات انتخابية، وبالتالى لا يجب خسارتهم.

■ وكيف تقرأ التغير النسبى فى لغة الصحافة الأمريكية وهل تعنى تغيرا فى الموقف الأمريكى؟

- هناك تيار بدأ يظهر بقوة داخل أمريكا غير راضٍ عن سياسة أوباما، فقد كتب أحد الكتاب الأمريكيين مخاطباً أوباما عليك أن تطالب مصر بأن يكون لديها حكومة تحقق العدالة الاجتماعية فهى من شأنها أن تحقق الاستقرار وليس الديمقراطية على طريقتك، وكتب آخر لو أن العسكرية الألمانية كانت قد قامت بما قام به السيسى والجيش المصرى لكانت جنبت أوروبا ويلات الحرب العالمية الثانية.

وأتذكر مقالة أخرى عقد فيها الكاتب مقارنه رائعة بين لغة الإخوان الموجهة للخارج، والتى تتسم بالهدوء وتتحدث عن الديمقراطية واحترام حقوق المرأة والأقباط، وخطاب الإخوان للداخل وحديثهم عن العنف والتهديد ومن يرش مرسى بالمياه نرشه بالدم، وكتب فى مقاله أى وجه من وجوه الإخوان نصدق؟، وهل نأخذ بخطابهم للغرب أم خطابهم للداخل المصرى؟!

كما كتب أحد أساتذة الجامعة موجها رسالته إلى أوباما أن مصر الديمقراطية يمكن أن تنتظر، وقال له يا أوباما المعركة من أجل الديمقراطية بدأت فى إنجلترا أعرق ديمقراطيات العالم فى عام 1688 واستقرت بعد الحرب العالمية الأولى، أى بعد أكثر من ثلاثة قرون فلا تضغط على مصر وتطالبها بتطبيق الديمقراطية حالاً، وعليك أن تطالبها بتحقيق العدالة الاجتماعية.

كما علت بعض أصوات الحزب الجمهورى فى الولايات المتحدة الأمريكية متهمة الرئيس أوباما قائلة لقد أنفقت مال دافعى الضرائب الأمريكية فيما سميته دعم الديمقراطية، رغم أنك خلقت فوضى فى مصر، تماما كما أحدث بوش من قبل فى العراق.

وتزايد النقد الداخلى لسياسة أوباما بعد الضغط على مصر يصب فى صالحنا وعلينا استثماره، فإن قراءة التاريخ تشير إلى أن جمال عبد الناصر والشعب المصرى أطاحوا بالسير أنتونى إيدن رئيس وزراء بريطانيا بعد عدوان ١٩٥٦، ولا يستبعد أن يكون الفريق أول عبد الفتاح السيسى سببا فى وصول أوباما إلى نفس المصير بحلول ٢٠١٤، خاصة بعد إصرار الأخير العنيد على الهجوم غير المبرر على سوريا.

■ هل تعتقد أن موقف قطر سيتغير فى عهد تميم الابن أم أنه سيسير على نفس خطى والده؟

- هناك أمل معقود على الحاكم الجديد، خاصة أن الشخص الآخر الذى كان متبنيا لهذه السياسة بقوة هو حمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق الذى كان مهندس العلاقات مع الإخوان، وعلينا أن نسعى للتواصل مع النظام الجديد فى قطر ليتراجع عن دعمه وتمويله للإخوان، طبعا مع الأخذ فى الاعتبار أنه فى النهاية عبد المأمور لأمريكا، لكن علينا ألا نفقد الأمل ونفتح خط اتصال مع كل الأطراف.

■ وماذا عن تركيا ودعوة كثيرين لمقاطعة المنتجات التركية كرد فعل لتطاولها على مصر؟

- أولا يجب علينا أن نؤمن أن خلافنا مع النظام الحاكم التركى وليس مع الشعب التركى، ولا نأخذ رجال الأعمال الأتراك على سبيل المثال بجريرة تصريحات أردوجان، وقد علمت أن الوزير منير فخرى عبد النور جاءه مؤخراً رجل أعمال تركى له مشروعات استثمارية فى مصر ويريد فتح مشروعات أخرى فرحب به منير وقال له أنا وزير للصناعة ولا علاقة لى بالخلافات السياسية ولا أتحدث سياسة فى هذا المنصب.

أما عن التجارة مع تركيا فالميزان فيها مختل جداً، فنحن نصدر لهم بما قيمته حوالى 350 مليون دولار فى حين نستورد منهم بما يقرب من 12 مليار دولار، وهنا يمكن أن ننزل بحد الاستيراد منهم إلى المثل ونستورد الفرق من دول أخرى تعبيرا لهم عن غضبنا، وهو ما سيؤثر فيهم ولا ملامة على مصر من سياسة المعاملة بالمثل، ثم لدى مصر كروت ضغط أخرى يجب أن تدرسها وتستخدمها للضغط على تركيا وغيرها.

■ مثل ماذا؟

- على سبيل المثال فيما يخص تركيا ستجدين أن رجل الأعمال المصرى رشيد محمد رشيد رجل شديد التأثير فى الاقتصاد التركى وله علاقات ممتدة معهم لذا يمكن استخدامه للتواصل معهم والتأثير عليهم.

■ ولكن ألا تخشى أن يعتقد البعض أننا نعود للاستعانة برجال أعمال الحزب الوطنى؟

- فى النهاية أنا أطرح مجرد مثال ليس معناه أنه الحل الوحيد، وإنما على الحكومة أن تدرس الوضع ثم تبدأ فى التحرك وعلى الخارجية المصرية وبعثاتنا الدبلوماسية فى الخارج أن تنشط فى نقل الصورة الحقيقية إلى الخارج.

■ ما رأيك فى الأصوات التى تنادى بقطع المعونة كرد فعل للضغوط الغربية على مصر وللتخلص من التبعية الاقتصادية؟

- أن نختزل العلاقة مع الغرب فى موضوع المعونات خطأ فادح، لأن علاقتنا بالغرب ليست مقصورة على الشق السياسى، فالاقتصاد المصرى اقتصاد مفتوح وعلاقته بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى علاقات قوية، فصادرات مصر مع أوروبا وحدها الآن تصل إلى 40 %، صحيح قطع المعونة يفترض أنه لا علاقة له بالصادرات ولكن توتر العلاقات عموما تؤثر فى الاقتصاد.

ولى تحفظ شديد على كيفية إدارة الصراع السياسى مع الغرب الآن، فإدارة الصراع السياسى تجعل البعض يشن عمليات عدائية ضد الغرب وهجوما شديدا يصل إلى حد قول البعض «يروحوا فى داهية، والغرب تحت أقدامنا» وغيرها من هذه التصريحات العنترية التى تنم عن تبسيط شديد للأمور وسطحية فى التعامل مع مثل هذه الأزمات، فيجب ألا تتخلى مصر عن دورها الإقليمى والمتوسطى والعالمى، وألا تشغلنا الأزمات الداخلية فتنكمش مصر على نفسها.

■ لكن من يقول بهذا الرأى يرى أن المعونة تقلصت حتى وصلت إلى 250 مليون وفق اتفاق سابق مع مصر، وأن المعونة العسكرية المستفيد الأكبر منها أمريكا؟

- بالنسبة للمعونة العسكرية البالغ حجمها 1.3 مليار دولار معظمها تأتى لمصر فى صورة معدات وآلات مستوردة من أمريكا والضرر الوحيد الذى سيقع على مصر لو تم قطعها هو فى مجال قطع الغيار، ولكنه ضرر أقل بكثير من الضرر الذى سيقع عليهم، لذا سيفكرون كثيراً قبل الإقدام على هذه الخطوة، خاصة أن البنتاجون يرى مصلحته فى حفظ علاقات جيدة مع العسكرية المصرية، عملا بأن مصر ربما تتجه وقتها لفتح علاقات مع روسيا مما قد يستتبعه عودة الحرب الباردة لذا أظن أن البنتاجون سيأخذ منحى بعيدا عن موقف الكونجرس والبيت الأبيض، وهو ما يجعلنا مطمئنين أنها مجرد تصريحات للضغط على مصر.

أما عن المعونة المدنية وقيمتها 250 مليون دولار، وهو رقم هزيل جدا وينفق معظمه فى استشارات فنية واجتماعية ولم يعد مؤثرا كما كان قبل تقليصه فأهمية المعونة فى الماضى على سبيل المثال عندما استخدمت فى إدخال الكهرباء إلى الريف المصرى أما الآن فقيمتها الوحيدة تكمن فى البقاء على العلاقات المصرية الأمريكية بعيدا عن التوتر.

■ وماذا عن مساعدات الاتحاد الأوروبى والتى تبلغ 5 مليارات يورو؟

- هذه المساعدات لها تقييم آخر، لأنها عبارة عن اتفاقيات اتحاد من أجل المتوسط واتفاقيات تنموية وخلافه لذا من الصعب أن تلغى، لأنها تحقق للاتحاد الأوروبى نفوذا فى المنطقة لا أظن أنه سيغامر بفقدها. المسألة أكبر من كونها مجرد معونة أو مساعدات أو قروض فالاقتصاد المصرى مندمج فى النظام العالمى منذ عهد محمد على حتى الآن عندما أنتج القطن وبدأ فى تصدير الفائض عن حاجته للعالم.

■ ما القرارات التى يستوجب على الحكومة اتخاذها فى الأزمة الراهنة؟

- أنا من أنصار موازنة توسعى بشرط أن يكون هذا التوسع لصالح الإنفاق على الاستثمار العام لجذب القطاع الخاص الأجنبى والمحلى وتبديد المخاوف التى سيطرت عليه طوال الفترة الماضية، وهذه هى القدم الأولى، أما القدم الثانية التى يجب أن تسير عليها الحكومة هى الحد الأدنى للأجور الذى لا أرى بديلا عنه، لأننا لا نستطيع رفع الدعم عن المواد البترولية على سبيل المثال إلا بعد رفع الحد الأدنى للأجور حتى يستطيع المواطن البسيط تعويض الفرق الذى سيحدث نتيجة رفع الدعم عن بعض المنتجات، خاصة أن كل الدراسات تؤكد أن 90% من الوقود المدعم يستفيد منه 20% من الطبقة الأكثر ثراء فى مصر.

كما يجب دراسة أى القطاعات التى تحقق النمو الاقتصادى هل سنعتمد على التصنيع أم التجارة أم ماذا؟ لذا على المجموعة الاقتصادية داخل الحكومة الحالية أن تبدأ فى دراسة الوضع والاستثمار فى المجالات التى تحقق النمو، فمثلا لو أن الحكومة سددت ديونها لصالح قطاع المقاولات والتى تبلغ 6 مليارات جنيه مؤكد أن هذا الرقم سيحدث سيولة وحركة فى هذا القطاع الذى بدوره يشغل قطاعات أخرى لتأثيره فى أكثر من قطاع آخر، كذلك الاستثمار فى بناء المدارس ومحطات المياه وغيرها من المشروعات التى لا تدر ربحا ولكن تحدث انعاشا للسوق واستقرارا للمجتمع، أيضا المساعدة فى إعادة تشغيل المصانع والشركات التى أغلقت الفترة الماضية، فهناك 395 شركة مغلقة ضمن الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة وحوالى 4600 شركة أخرى مغلقة طبقا لبيان الموازنة العامة للدولة.