انتقد المستشار عبدالله فتحى، نائب رئيس محكمة النقض، وكيل أول نادى قضاة مصر، عدم تمثيل القضاة فى لجنة الخمسين، وقال إن أعضاء السلطة القضائية فصيل وطنى لا ينكر مكانتهم داخل المجتمع المصرى أحد، ولا يصح أن يتم إعداد دستور يحكم المجتمع المصرى لسنوات قادمة بمنأى عنهم، وأضاف، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن القضاة ليست لهم مطالب فى الدستور، سوى كفالة استقلالهم، واستقلال قضائهم بشكل كامل، مشددا على أن القضاء المصرى لم يكن يوما فى خصومة أو عداوة مع أحد.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى عدم تمثيل القضاة فى لجنة الخمسين؟
- تجاهل تمثيل القضاة فى لجنة الخمسين بمثابة صدمة لقضاة مصر جميعا، باعتبار أن القضاة وأعضاء السلطة القضائية فصيل وطنى لا ينكر مكانتهم داخل المجتمع المصرى أحد، ولا يصح أن يتم إعداد دستور يحكم المجتمع المصرى لسنوات قادمة بمنأى عنهم، ودون أن يكون لهم دور وكلمة فيه، لاسيما أن اختيارات لجنة الخمسين جاءت فى المجمل توافقية إلى حد بعيد، ومثلت فيها جميع الطوائف والقوى الوطنية والسياسية، فكان الأجدر أن يكون القضاء ممثلا داخلها باعتباره من القوى الوطنية الفاعلة فى المجتمع المصرى، بالإضافة إلى ما لدى القضاة من خبرة ودراية كافية بالمبادئ القانونية والدستورية، فضلا عن الدور التاريخى الرائع الذى قام به قضاة مصر جميعا، وفى مقدمتهم نادى قضاة مصر، فى الدفاع عن استقلال القضاء وحقوق وحريات هذا الشعب التى كانت مهددة بالعصف بها خلال العام الماضى.
■ ما مطالبكم فى التعديلات الدستورية؟
- القضاة ليس لهم مطالب فئوية أو مصالح شخصية يسعون إلى تحقيقها، إنما كل مطالبهم كفالة استقلالهم، واستقلال قضائهم بشكل كامل حتى تكون السلطة القضائية بمنأى عن أى اعتداء أو اختراق من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتمكينا لها من أداء دورها ورسالتها السامية فى حماية حقوق وحريات هذا الشعب، وصولا إلى إرساء مبادئ العدالة الناجزة.
■ ما العلاقة بين نادى القضاة ومجلس القضاء الأعلى؟
- علاقة تكاملية يشوبها الاحترام المتبادل والتعاون الكامل فى سبيل تحقيق مصلحة القضاء، إسهاما فى حسن سير العدالة، إلا أنه أحيانا تشوب هذه العلاقة بعض التوترات الناجمة عن عدم إدراك بعض المجالس السابقة لطبيعة دور نادى القضاة، وما يقوم به من دفاع عن القضاء، واستقلاله، ويعدون ذلك تدخلا فى عمله، على خلاف الحقيقة، فالنادى يقوم بوظيفته الرئيسية، ومجلس القضاء السابق كان من بين هذه المجالس التى لم تكن تدرك هذا الدور الذى يقوم به النادى بوصفه الممثل المنتخب لقضاة مصر، فضلا عن أن أداء المجلس السابق اتسم ببعض السلبية فى بعض الظروف التى كان يجب عليه أن يكون أكثر إيجابية، فضلا عن قيامه ببعض الأعمال التى كانت محل تحفظ قضاة مصر جميعا.
أما المجلس الحالى فهو بحق مجلس تاريخى يتفهم تماما دوره ووظيفته التى لا تتعارض مع دوره العظيم فى الدفاع عن القضاء، واستقلاله، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه هكذا يجب أن يكون مجلس القضاء الأعلى من هيبة ووقار وقوة فى الدفاع عن القضاء واستقلاله وحسم فى المواقف.
■ ما موقف نادى القضاة من حركة «قضاة من أجل مصر»؟
- قضاة مصر لا يقبلون من يخرج على قيمهم وتقاليدهم وثوابتهم التاريخية، وكان لهم موقف واضح من هؤلاء، وتصرفاتهم الفجة المخالفة للقانون والخارجة عن تقاليد القضاة، وحاول كثير من زملائهم إثناءهم عن الطريق المسىء لهم وللقضاء عموما، والعودة للصف القضائى، إلا أنهم لم يبالوا، وفى إبريل الماضى عقدت عمومية القضاة الحاشدة، وحضرها أكثر من ثلثى قضاة مصر فى سابقة هى الأولى فى تاريخ القضاء المصرى وأجمع فيها الحاضرون على شطب عضوية الخارجين عن الصف القضائى من عضوية نادى قضاة مصر، والأقاليم، وحرصا من مجلس إدارة النادى على عودتهم للصف القضائى لم يبادر باتخاذ إجراءات الشطب حتى حدث منهم ما فاق الحدود، بخروجهم على منصة اعتصام رابعة العدوية وإلقاء بيان يمثل معارضة واضحة لمطالب الشعب المصرى الذى خرج بالملايين فى ثورة 30 يونيو.
■ ما مدى تأثير موقف القضاة على ثورة 30 يونيو؟
- هناك تأثير متبادل بين الشعب المصرى وقضاة مصر، فالمواقف الوطنية العظيمة التى وقفها القضاة، وعلى رأسهم نادى القضاة، تمثلت فى الدفاع عن حقوق وحريات هذا الشعب، والاعتراض على محاولات الترسيخ لحكم استبدادى يعصف بحقوق وحريات المواطنين، بداية بالوقوف أمام محاولة إعادة مجلس الشعب، ومرورا بما سمى الإعلان الدستورى، وأخيرا تعيين نائب عام بالمخالفة للقانون والدستور.
■ هل انتصرت ثورة يونيو للقضاء المصرى؟
- نعلم يقينا أن الشعب المصرى شعب واع، وحينما وجد قضاءه وحصنه الحصين فى مرمى اعتداءات متكررة من نظام الحكم السابق، هب لنصرتنا ونصرة مواقفنا، وخرج ليقول كلمته الفصل فى هذا الأمر يوم 30 يونيو، مما يعد ولا شك نصرة من الشعب المصرى لقضائه وقضاته.
■ هل تعد مواقف القضاة من النظام السابق اشتغالا بالسياسة؟
- هناك فرق كبير بين أن تكون سياسيا أو أن تكون وطنيا، ومواقف القضاة التاريخية الرائعة التى وقفها طوال السنة التى كانت عمر الرئيس السابق لا شبهة اشتغال بالسياسة فيها، بالعكس فجميعها كانت مواقف مدافعة عن القضاء، واستقلاله، رافضة لأى اختراق للسلطة القضائية أو تكريس لحكم استبدادى لهذا الشعب وهذا موقف وطنى خالص.
أما الاشتغال بالسياسة الممنوع على القضاة بحكم رسالتهم وطبيعة عملهم فهو الانضمام إلى أحزاب أو قوى سياسية معينة، أو محاباتها ضد أخرى، أو غيرها من الانخراط فى الشأن السياسى بشكل واضح، أما الانحياز للشعب فهو شأن وطنى والقاضى فى المقام الأول فرد من أفراد الشعب يتألم بآلامه ويهتم بشؤونه.
■ هل مواقف الإخوان من القضاء ستؤثر فى المحاكمات؟
- القضاء المصرى لم يكن يوما فى خصومة أو عداوة مع أحد، وخلال فترة العام الماضى كانت مواقفه مدافعة عن كيانه واستقلاله، وليس انحيازا لفريق ضد آخر، ولا يأبه بأى تصرفات مورست ضده، وقضاة مصر عاهدوا الله وعاهدوا شعبهم أن تكون أحكامهم ناطقة بالحق والحقيقة فقط، ولا يحكمون إلا بما تنطق به الأوراق وما تمليه عليهم ضمائرهم الحية إرضاء لوجه الله تعالى، وليطمئن الجميع أنه ستكون لهم محاكمات عادلة طبقا للقانون.
■ سادت حالة من اللغط حول قرار إخلال سبيل مبارك.. ما رأيك؟
- فى الحقيقة فوجئنا بهذا اللغط الذى لا مبرر له، فنحن قضينا عاما كاملا ننتقد فيه الأحكام القضائية ونعترض عليها، وكنا نأمل بعد الموقف الوطنى الرائع من قضاة مصر أن يعى الجميع ضرورة احترام القضاء وقراراته وعدم الاعتراض عليها، لأن ما حدث بالنسبة لمبارك هو إخلاء سبيل طبقا للقانون، وليس قضاء بالبراءة كما زعم البعض، وهو إخلاء سبيل لاستنفاذ المدة القصوى للحبس الاحتياطى فى جميع القضايا المقدم للمحاكمة فيها، وهذا هو نص القانون، والقاضى يطبق القانون ولا يملك مخالفته، وهو مازال قيد المحاكمة وعلى الجميع عدم تكرار الماضى البغيض فى العودة إلى الاعتراض على الأحكام والقرارات القضائية، وأن يتركوا القضاء ليقول كلمته الفصل دون ثمة ضغوط من رأى عام أو غيره، حتى يكفل للجميع محاكمات عادلة وتتوافر للقضاة أجواء مناسبة لأداء رسالتهم.
■ كيف ترى خارطة الطريق التى وضعتها القوات المسلحة؟
- لا شك أنها خارطة عظيمة إذا حرص الجميع على وضع جميع بنودها موضع التنفيذ، بدءا من تعديل الدستور، مرورا بإرساء مؤسسات الدولة التى على رأسها المجلس النيابى، انتهاء بانتخاب رئيس للجمهورية فى انتخابات نزيهة وشفافة، ومعبرة بصدق عن إرادة الشعب المصرى دون ثمة زيف أو تزوير، فنحن نقف من هذه الخارطة موقف المراقب لضمان حسن تنفيذ بنودها.