يعلو هتاف تقليدى خلال المسيرة الحاشدة التى انطلقت من أمام مسجد النور بالعباسية، إلى قصر الاتحادية: «علّى وعلّى الصوت اللى ح يهتف مش ح يموت».. يقترب أحد المتظاهرين منك بهدوء ويسألك: «هو الهتاف بيقول إيه؟!».. تجيبه فيرد: «دا هتاف جامد قوى أول مرة سمعه!». هذا النموذج من المتظاهرين كان متواجدا بشكل ملحوظ خلال تظاهرات، الثلاثاء، أمام قصر الاتحادية، فلم يشارك معظمهم فى تظاهرات مناهضة للنظام من قبل، سواء خلال ثورة 25 يناير أو حتى تلك التظاهرات والمليونيات «الكرنفالية» التى شهدها ميدان التحرير بعد الثورة.
على هاشم – 62 عاما- يقف ضمن أعداد كبيرة من المتظاهرين، مرددا الهتافات بحماس شديد، ملوحا بعلم مصر.. يقول إنه قرر النزول للتظاهر، لأول مرة فى حياته، لأن الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى تعدى كل الخطوط الحمراء، فهو – الرئيس – يحصن قراراته، بينما لم يفعل ذلك الرسول الكريم، ويضيف: «أنا لم أكن أريد أن يبقى النائب العام السابق عبدالمجيد محمود فى منصبه، لكنى كنت أتمنى أن يأتى النائب العام الجديد بطريقة قانونية».
فى إحدى الحدائق المجاورة للقصر تتناقش إيمان أحمد – 26 سنة – مع زملائها حول مسودة الدستور، التى يظهر من المناقشة أنها ترفضها. تقول «إيمان» إن مشاركتها فى مظاهرات الثلاثاء تعد المشاركة الثانية لها، حيث تظاهرت، للمرة الأولى، خلال مسيرة مناهضة للرئيس فى نهاية المائة يوم الأولى من حكمه، وترى أن التظاهر أصبح ضرورة لا مفر منها، «لأن مفيش حاجة اتغيرت لا صحة ولا تعليم»، وتضيف: «أكثر ما يقلقنى أننى أشعر بأن البلد يتم إعداده لصالح فرد محدد».
بانتباه شديد يتابعون الهتافات ودخول المسيرات، واحدة تلو الأخرى، إلى محيط قصر الاتحادية، أب وأم وابناهما حضروا مباشرة إلى القصر للمشاركة فى التظاهرات، يقول الأب محمد تغريد الذى يعمل، محاميا بالنقض، إن أسرته لا تنتمى إلى أى تيار سياسى، لذا فضلوا عدم التحرك مع المسيرات، والمجىء مباشرة إلى قصر الاتحادية. يوضح أن ما دفعه للنزول، اليوم، هو شعوره، لأول مرة، بأن مصر فى خطر، ويضيف: «كنت أشعر فى أيام ناصر والسادات بالاطمئنان، اليوم، الوضع صار مقلقا». الأم مها بهجت تقول إنها من شجعت أفراد أسرتها، اليوم، على المشاركة، لأول مرة، فى تظاهرات، وتضيف: «أنا أنتمى فعلا إلى حزب الكنبة، وما دفعنى للنزول، اليوم، هو شعورى بأن البلد (اتخطفت).