وزير البترول السابق: «الإخوان» فرضت «حكومة ظل» تحت ستار «مسؤولي الرئاسة»

كتب: لبنى صلاح الدين الإثنين 02-09-2013 01:54

كشف المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية السابق، تفاصيل خطيرة عن صفقة استيراد الغاز من قطر، حيث قال إنه تلقى تعليمات بالتفاوض على جميع التفاصيل فيما عدا السعر لأنه «سيحدد من قبل الرئيس والأمير».

وأضاف أن كل وزير كان له ظل إخواني تحت اسم «مسؤول الرئاسة للشأن الفلانى» سواء لشؤون الطاقة أو الخارجية أو غيرهما، وكأن هناك حكومة موازية تعمل فى الظل بعيداً عن عيون الرأى العام.

وأكد «كمال» أن النظام الإخوانى كان يسعى إلى عرقلة تطبيق منظومة «الكارت الذكى»، لأنها كانت ستكشف مهربى المنتجات البترولية، كما أنهم كانوا حريصين على أخونة وزارة التموين المسؤولة عن رقابة السوق.

 

■ لماذا أسندت ملف استيراد الغاز من قطر إلى شريف هدارة، رئيس هيئة البترول، ولم تتابع تفاصيلها أو تشرك القابضة للغازات بها؟

- ذهبت فى أول زيارة للدوحة للحديث عن الصفقة، ولكنى فوجئت بتكليفنا بمناقشة جميع التفاصيل فيما عدا السعر، لأن سيحدد من قبل الأمير والرئيس، واستشعرت بأن هناك شيئاً غير مريح فى هذه الصفقة، ولم أرد أن أكون طرفاً فيها، والمهندس شريف هدارة محسوب على الإخوان، وبالتالى وجدت من الأفضل أن يكون هو المسؤول عنها ويتحمل مسؤوليتها، بمعنى آخر «لن أتحمل مسؤولية صفقة من هذا النوع».

 

■ هل لمست أن الصفقة تحمل منافع متبادلة بين الإخوان وقطر؟

- لا أستطيع أن أقول ذلك، ولكن ما حدث هو أننا كنا بحاجة شديدة لاستيراد الغاز، وكان الحل الأسرع هو استغلال حصة الشريك الأجنبى فى مصنع إسالة إدكو والبالغة 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً، وهى كميات مخصصة للتصدير بموجب اتفاقية صادرة بقانون، وبالتالى للحصول على تلك الكميات، كان لابد من تعويض الشريك بغاز مسال للوفاء بتعاقداته التصديرية للخارج، فبدأنا البحث لشراء شحنات غاز مسال، وتوجهنا إلى أكبر ثلاث دول منتجة للغاز فى العالم، هى روسيا والجزائر وقطر، ووجدنا أن الجزائر ملتزمة بتعاقدات طويلة الأجل، وكان من الصعب توفير الكميات المطلوبة خلال الصيف الحالى، كما أن روسيا أوقفت المناقشات معنا رغم أنها أبدت تعاوناً فى البداية، وأتصور أن الأمر له علاقة بالموقف السياسى لمصر فى ظل حكم الإخوان المعادى للنظام فى سوريا، ولم نجد أمامنا سوى قطر لأنها كانت تمتلك كميات إضافية قابلة للتصدير خلال فصل الصيف.

 

■ لكن التفاوض لم يكن على يدى «البترول» وحدها، ففى كل زيارة إلى الدوحة كان يصاحبكم مسؤول إخوانى.. فما كان دوره؟

- لم يتدخل أحد فى وجودى خلال الزيارة الأولى، وإن كان قد سافر معنا فى الوفد إحدى الشخصيات الإخوانية ولكنى لن أذكر اسمه، ووجوده كان تحت اسم «مسؤول ملف الطاقة»، ولا أعلم حجم دوره فى الزيارات التى ترأسها شريف هدارة فيما بعد.

وأتذكر أن هذا الشخص طلب «بدل سفر» عقب عودتنا من الزيارة ولكنى لم أصرفه له لأنه ليس ضمن الوفد الرسمى لوزارة البترول.

 

■ ما سعر الغاز فى صفقة قطر؟

- 13.5 دولار للمليون وحدة حرارية، لكن للأمانة لابد أن نأخذ فى عين الاعتبار ومع الحديث عن السعر أن قطر متعاقدة بالفعل على شحنات غاز لدول أخرى بنفس السعر، ومن الصعب أن تعطى لمصر سعراً تفضيلياً عن باقى الدول حتى لا تصطدم مع المستوردين الآخرين، فكان السيناريو البديل هو الحصول على 5 شحنات مجانية من الـ 18 شحنة التى تم الاتفاق عليها، ولكن على خمس شحنات مجانية، على أن يصل سعر المليون وحدة حرارية فى الـ13 شحنة الأخرى مدفوعة الثمن إلى 13.5 دولار، وما تم توقيعه هو اتفاق الخمس شحنات المجانية فقط، وهو اتفاق لا يستطيع الجانب القطرى الإخلال به، لأنه موقع بين «قطر للغاز» والحكومة المصرية والشركاء الأجانب فى مصنع إدكو وأيضا المشترى النهائى فى أوروبا.

 

■ فَرْض رئيس هيئة إخوانى على وزارة البترول ثم إسناد ملفات استيراد الغاز لمسؤول ملف الطاقة الإخوانى.. ألا ترى أنها أخونة للقطاع؟

- فى آخر 4 أشهر من عمر الحكومة السابقة كان هناك ما يشبه حكومة موازية تعمل إلى جانب الحكومة الرسمية تحت اسم مسؤول ملف الطاقة والخارجية وغيرهما برئاسة الجمهورية، ولكن فى قطاع دقيق وفنى مثل البترول لم يستطيعوا التعامل معه إلا من خلال الوزارة، وأتذكر أننى قلت فى اجتماع داخل مؤسسة الرئاسة لإحدى الشخصيات الإخوانية إنه من الصعب تطبيق مبادئ إدارة محال «التوحيد والنور» على قطاع معقد مثل البترول.

 

■ لماذا كنت تنكر أن المهندس شريف هدارة «إخوانى» وأنه فرض عليك؟

- قلت إن «هدارة» هو الاسم الوحيد الذى طلب منى تعيينه رئيساً للهيئة، ولكن للعلم فإن «هدارة» يعمل بالقطاع منذ 37 عاما، كما أنه لم يكن معروفاً عنه خلال تلك السنوات أنه إخوانى، ولذلك لم أمانع فى تعيينه، والهيئة لم تتم أخونتها أو حتى الوزارة مع توليه منصبه، كما أنه يتمتع بأمانة، وهو مجتهد جداً فى عمله، وكان حال البلد لا يتحمل خروجى فى ذلك الوقت للقول بأنه إخوانى لأن ذلك كان سيؤدى إلى شق الصف والهجوم المستمر على الهيئة وعلى «هدارة» فى وقت كنا فى أشد الحاجة فيه للعمل والإنجاز والابتعاد عن البلبلة.

 

■ ما أبرز نقاط الخلاف بينك وبين النظام السابق؟

- كانت هناك نقطتان صداميتان بينى وبين الحكومة، هما أولاً تكلفة الوقود لوزارة الكهرباء، وكنت أطالب بأن تتحمل الكهرباء تكلفة الوقود الذى تسحبه حتى تستطيع وزارة البترول توفير الوقود لها، خاصة الكميات الإضافية التى يتم توفيرها بالاستيراد وليس من الإنتاج المحلى، وقد طلبت ذلك نظراً لأن مديونية وزارة الكهرباء للبترول بلغت 50 مليار جنيه. النقطة الثانية هى «كروت البنزين»، فقد أعلنت أكثر من مرة عن وجود توسع فى عمليات تهريب المنتجات البترولية، ووضعت نسبة ترجيحية بين 15 و20%، وكان البعض يقلل من الأمر، ولكن عدد البيارات التى كشفتها وتكشفها القوات المسلحة الآن أثبتت صدق كلامى. والمشكلة أننى كنت أجد أن مشروع الكروت يتم عرقلته من قبل النظام السابق بشكل متعمد حتى إنه تم إبلاغى نصاً من قبل يحيى حامد، وزير الاستثمار، يوم 28 إبريل الماضى فى مجلس الوزراء بأن الرئاسة تريدنى أن أتوقف عن الكلام عن مشروع الكارت الذكى تماماً.. والمشروع كان سيحد بشكل كبير من عمليات تهريب المنتجات البترولية، لأنه سيحكم الرقابة على الحلقتين اللتين يتسرب منهما المنتج خارج المنظومة، وهما من المستودع إلى المحطة ومن المحطة إلى المستهلك.

 

■ إذن أنت من مؤيدى الاتهامات الموجهة للإخوان بأنهم وراء تهريب الوقود إلى غزة؟

- أنا مع الشواهد التى أمامى، فأغلب الكميات التى تم ضبطها كانت تهرب عبر الأنفاق والتى يديرها محسوبون على النظام السابق، وكنت أتعجب من دور وزارة التموين ووزيرها الإخوانى فى التقاعس أمام عمليات تهريب المنتجات، رغم أن التموين صاحبة الضبطية القضائية على المحطات، وهى المنوط بها رقابة السوق.

 

■ ما آخر مستجدات صفقتى العراق وليبيا؟

- صفقة العراق كانت تسير بشكل جيد فى ظل حكم الإخوان، وأتصور أن السيطرة الأمريكية على النفط العراقى لها تأثير على توقف الصفقة الآن، كما أن النظام الإخوانى فى ليبيا ربما يوقف الحديث عن الصفقة عقب تطورات الوضع فى مصر، لأنه لم تكن هناك خلافات فى تفاصيل الصفقتين.

 

■ كيف نؤمن احتياجاتنا من الوقود فى ظل تراجع الإنتاج وتراكم المديونيات للشريك الأجنبى؟

- الهيئة وقعت مع الشركاء اتفاقاً بتأجيل سداد الديون فى شهر أكتوبر الماضى، كما وضعنا خطة مع الشركاء لرفع معدلات الإنتاج المحلى وتحديداً فى الغاز الطبيعى، ونجحنا بالفعل فى تثبيت رقم الإنتاج اليومى عند 5.7 مليار قدم مكعب يومياً، وبدءاً من شهر مارس زاد 40 مليون قدم مكعب إضافية فى اليوم، وكان من المفترض أن يتدرج فى الزيادة ليضيف نحو 600 مليون قدم مكعب يومياً بحلول العام المقبل. كما أننا أقنعنا الشركاء بمواصلة أعمال التنمية، وبالفعل خصصوا نحو 8.6 مليار دولار استثمارات ما بين مشروعات جديدة وحاجات قائمة لزيادة إنتاجها، والشريك يتعاون طالما أنه استشعر جدية فى السداد من قبل الدولة.

 

■ لماذا توقف ملف توصيل الغاز للمنازل دون أن يشهد حراكاً الفترة الماضية؟

- بعض شركات توصيل الغاز للمنازل واجهت صعوبات فى الحصول على أراضٍ لإنشاء محطات تخفيض ضغط فى منطقتين رئيسيتين فى القاهرة الجديدة والشيخ زايد، ولذلك فالأعمال تأثرت فى هاتين المنطقتين لبعض الوقت.

 

■ أنت من سكان القاهرة الجديدة، فهل منزل وزير البترول واجه صعوبة فى توصيل الغاز الطبيعى؟

- لا لم أواجه مشاكل لأنى قديم فى المنطقة وأتبع محطة تخفيض الضغط الأولى، ولكن من واجه مشكلة هو رئيس الدولة وقتها الدكتور محمد مرسى، وقال لى فى أحد الاجتماعات «أنا معنديش غاز فى البيت»، وكان بسبب مشكلة محطات الضغط ولكن تم التعامل مع المشكلة.