انتقد «المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة» التعديلات التي أدخلتها لجنة الخبراء على «دستور 2012» المعطل، وأكد وجود تناقض بين المواد في مجملها، بل وفي نص المادة الواحدة، مثل «المادة 57» التي تنص على حرية إنشاء النقابات المهنية، في حين أنها تنص على ألا تنشئ سوى نقابة مهنية واحدة لكل مهنة.
ورصد المركز في بيان أصدره، الخميس، ملاحظات على التعديلات منها أن «الديباجة خلت من أي إشارة إلى ثورة 25 يناير، وموجتها الأخيرة في 30 يونيو، رغم أن ثورة يناير هي السند الثوري لإسقاط (دستور 1971) والسند الثوري لوضع دستور جديد، كما تجنبت الإشارة لرغبة الشعب في طي صفحات الماضي، وما شابه من ويلات وانتهاكات، واتخاذ إجراءات (مصالحة وطنية) بتدابير للكشف عن الحقيقة، قوامها الإنصاف ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، وتعويض الضحايا وتخليد الذكرى، والتعهد بمنع تكرار الجرائم».
ولفت البيان إلى أن «التعديلات خلت من نص واضح يفيد بأنه (لا يجب أن يفهم أي نص دستوري أو تشريعي على نحو يخالف أحكام اتفاقية روما لعام 1998، التي لا تعتد بأي حصانة للمتورطين في ارتكاب أشد الجرائم خطورة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان)، ولم يتم استحداث وضع النصوص والأحكام التي تشير إلى تجريم الجرائم ضد الإنسانية وعدم تقادمها».
وأشار إلى أنها «تجاهلت احترام المواثيق والتعهدات ذات الصلة، وتجاهلت وضعيتها في سلم الهرم التشريعي الداخلي، بينما أبقت على رؤية دستورية سلبية بشأن المواثيق والتعهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، تحت دعوى مخالفتها أحكام الدستور».
وأكد البيان أن «التعديلات لم تول الاعتبار لضبط وتطوير الصياغات الخاصة بحرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، ولم تتطرق لضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وفقًا للمعايير الدولية، كما ظل استقلال القضاء منقوصا».
وأوضح المركز في بيانه أن «التعديلات أبقت على النصوص التي يغلب عليها الطابع الإنشائي والصياغة الفضفاضة غير المحددة، كنص المادة (10)، في حين خلقت التعديلات حالة من الخلط بين العديد من الحقوق والحريات حين نصت المادة (14) على أن (الإضراب السلمي حق ينظمه القانون)، رغم أنه فعل سلبي بالامتناع المؤقت والجماعي عن العمل، وجاء التعديل بصياغة تمكن المشرع العادي من العصف بهذا الحق وتقييده، وكان الأولى أن يتم النص على أن الإضراب حق يكفله الدستور والقانون».
كما شدد على أن «التعديلات تركت النصوص التي لا ترتقي لمصاف النصوص الدستورية ولا حتى التشريعات العادية، وهي من حيث تناولها العديد من التفصيلات لا تتناسب مع الصياغة الفنية للنصوص الدستورية».
وأضاف أن «المواد ذات الصلة بالحرية الشخصية، وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، تنتقص من الضمانات القانونية للمقبوض عليهم، وكل من تقيد حريته، كما أن المادة (40) ذات الصلة بالمعاملة اللائقة أو الإنسانية وحظر تعذيب المقبوض عليهم أو المحتجزين، تنازلت طواعية عن تجريم من ينتهك أحكام هذه المادة، بحذف فقرة (مخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون)، الواردة في (دستور 2012)»
واختتم «مركز استقلال القضاء» بيانه بالإشارة إلى أن «ما حدث بصدد (دستور 2012) وما شابه من أوجه عوار، سواء المتعلقة بعملية تشكيل الجمعية التأسيسية، والمحكوم دستوريا ببطلان معايير تشكيلها، أو من خلال نصوصه وأحكامه، كان يوجب منطقيًا أن يكون التوجه ناحية وضع دستور جديد للبلاد، دون مراعاة للصراعات والمواءمات السياسية، فالدستور أو تعديل مواده ليس غاية في ذاته، ولا قواعد مجردة تكتب ولا تطبق، لكنه يباشر وظيفته، حين تطبق قواعده، بين أناس يعتنقون قيمه، ويتخذون مواقف يعبر عنها التشريع القائم فيهم».