محافظة الجيزة.. فيلا القرن الـ19 التى أحرقها الإخوان

كتب: اخبار الأربعاء 28-08-2013 18:43

أمام فيلا محافظة الجيزة التى أحرقها أنصار الرئيس المعزول ورفعوا صوره على مبناها التاريخى، كانت تقف عدة عربات حاملة لأخشاب جديدة يتمنى مستقدموها أن تنجح فى إبقاء الفيلا واقفة على الأرض لحين ترميمها بعدما طالتها الحرائق التى اندلعت فى أنحاء متفرقة من البلاد فى السادس عشر من أغسطس الجارى خلال تظاهرات «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسى.

حول الفيلا التى شكلت مبنى محافظة الجيزة وقف بضع عشرات من العمال فى مشهد مغاير تماما لما كانت عليه هذه الفيلا من أسبوع واحد كمقصد لعشرات المواطنين الراغبين فى إنهاء مصالحهم فى مبنى المحافظة مترامية الأطراف.

«فين الخوذة إزاى تدخلوا المكان من غير خوذة؟ انتو فى خطر ومعرضين لأى حاجة تقع عليكم» بصوت منزعج، استقبلنا هذا التحذير بينما نخطو إلى داخل بقايا مبنى المحافظة الذى يعود تاريخ إنشائه إلى السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، ولم يتبق منه بعد الحريق المتهم بإضرامه أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، سوى بضع أوراق متناثرة وهيكل خارجى متداع يوشك على الانهيار.

«كانت بداخلها لوحات قديمة وسجاجيد معلقة فى مكاتب الوزير، وأيضا السلم داخل الفيلا هو سلم أثرى» هذا ما قاله محمد سعد أحد أفراد الأمن الذى يقوم بحماية المكان منذ أكثر من عامين، وتابع وعلى وجهه علامات التأثر: «معرفناش نحمى المبنى لأن التأمين داخل المبنى قليل جدا، مما مكّن عدداً من مؤيدى الرئيس المعزول من اقتحامه وحرقه».

الفيلا مكونة من ثلاثة طوابق أحدها تحت الأرض هذا وهو المكان الوحيد الذى لم يطله الحريق ويحتوى على الأرشيف وغرفة عمليات المحافظة ومكاتب إدارية صغيرة وإدارة الاتصالات وسكرتارية المحافظ.

أما داخل الفيلا فلم يتبق غير نقوش بسيطة على الأعمدة والأسقف تدل على الطابع القديم للفيلا، فالبهو الرئيسى تم تدميره بالكامل ولم يتبق منه غير الأعمدة. كان البهو يحتوى على قاعة للمؤتمرات مزدانة بلوحات أصلية من مقتنيات وزارة الثقافة ومعارة للمحافظة، هذه اللوحات أتت عليها النيران بكاملها، بالإضافة إلى حريق مكتب السكرتير العام المساعد والمكاتب الملحقة الخاصة بمستشارى المحافظ الواقعة فى البهو ذاته. أما الدور الثانى فأصبح الوصول إليه عبر سلم خلفى كان سلما للخدم فى السابق، يستخدمه العاملون حاليا بديلا عن السلم الرئيسى الخشبى الذى تم تدميره بالكامل.

كان الدور الثانى يحوى مكتب المحافظ ومكتبى نواب المحافظ ومكتباً آخر للسكرتير العام المساعد. لم يتبق منه سوى الأعمدة حتى إن أرضية الدور الثانى سقطت بالكامل والتهمت النيران الأوراق.

قالت نهلة جمال الدين، مسؤول العلاقات العامة والإعلام بالمحافظة، إن هذا المبنى غير مسجل لدى وزارة الآثار إلا أنه مسجل كمبنى ذى طابع أثرى لدى جهاز التنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة، وكان فيلا مملوكة لأحد أفراد العائلة الملكية وتم تأميمها فى الستينيات، واتخذت الفيلا مبنى إداريا لمحافظة الجيزة وكانت تسمى فى الماضى «مديرية الجيزة».

أضافت أن الحريق التهم أيضا دورين من المبنى الإدارى والجراجات الملحقة بمبنى ديوان عام الوزارة، مبينة أن عمليات ترميم مبانى الوزارة بدأت يوم السبت الماضى، ولكن من غير المتوقع أن تنتهى عمليات الترميم فى الوقت الحالى نظرا لتدمير محتويات الفيلا بالكامل، إلا الشكل الخارجى الذى سيتم الحفاظ عليه وترميمه، ولم تلتهم النيران مبنى الفيلا فقط بل امتد الحريق إلى المبنى الإدارى للمحافظة فأثر على دورين من المبنى الإدارى، ولكن تم إنقاذ الأوراق والمستندات وقاربت عملية الترميم على الانتهاء فى هذا المبنى، وأن المبنى الإدارى تعرض لأضرار أخف وطأة مما تعرض له مبنى الفيلا، وتم حصر التلفيات من قبل إدارة القصور والآثار بجهاز التنسيق الحضارى وكلية الهندسة جامعة القاهرة.

وحول تاريخ المبنى قال دكتور محمد الكحلاوى أمين عام «اتحاد الآثاريين العرب» إن مبنى ديوان عام محافظة الجيزة يعود إلى عصر محمد على وبالتحديد يعود إلى الحقبة الخديوية وتم تأميمه وتحويله إلى مبنى حكومى بعد ثورة 1952، ولكنه غير مسجل كأثر إلا أنه يعامل كمبنى ذى طابع تراثى معمارى مميز، ويخضع للقانون 144 لحماية التراث، فهو مبنى معبر عن حقبة مهمة لمصر فى القرن الـ 19، ووفقا لهذا القانون يتم التعامل معه تحت إشراف وزارة الثقافة.

وأوضح أنه من الخطأ عدم تسجيل هذا المبنى كأثر لأن أى مبنى عمره زاد على الـ 100 عام يعد أثراً إلا أنه نظراً «لضعف الإمكانيات يتم التغاضى عن مبان مهمة مثل هذه الفيلا حتى لا تتحمل وزارة الآثار مسؤوليتها وتم إلقاء مسؤوليتها على وزارة أخرى ليست لديها أى إمكانيات لحماية المبنى». وأضاف «أغلب المبانى الحكومية توجد داخل مبان ذات طابع أثرى ويتم تعريضها للخطر بسبب مشاكل سياسية غير أن الكثير منها تغيرت ملامحه نظراً للإهمال ودون أدنى رقابة من الدولة يتم القضاء على تراثنا الأثرى بسبب هذه المبانى الحكومية».