عندما كان يتحدث عن عودة «مصر المختطفة»، على يد قوى الإرهاب والاستبداد باسم الدين، وجدته ينظر بتمعن إلى صورة والده، التى وضعها فى مكان بارز بمنزله.. فلاح بسيط ذو وجه مصرى صميم تقترب ملامحه من شكل تراب الأرض.. مرددا: «مصر عادت أخيرا إلى أهلها».
تحدثنا مع حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى، وقت الحظر.. لكنه أكد، خلال الحوار، أنه ضد فكرة الحظر الجماعى لأعضاء جماعة الإخوان من الحياة السياسية، طالما لم تتلوث أيديهم بجرائم الدم أو الفساد المالى أو السياسى، ودون إفلات لأى محرض على العنف من العقاب.
مزيد من التفاصيل فى الحوار التالى:
■ أين تقف مصر الآن؟
- العنوان الأدق لما نعيشه الآن هو مصر تثبت دولتها الوطنية، مصر فى ثورة مستمرة، بدأت فى 25 يناير واستكملت فى 30 يونيو، وتريد أن تحقق أهدافها والشعب عبر عنها منذ البداية فى الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى، وميزة 30 يونيو أنها أعطت للاستقلال الوطنى زخما وحضورا شعبيا هائلا، رغم أنه مكون أصيل فى الشخصية المصرية، وظهر أكثر عندما حسم جيش مصر موقفه فى 30 يونيو لصالح الشعب المصرى رغم أنف الإدارة الأمريكية، وأدرك المصريون أن هذا الموقف جاء دون أى ضوء أخضر أمريكى، وتابعوا الموقف الذى اتخذته الإدارة الأمريكية الذى اتسم بازدواج المعايير، لأن أمريكا هى نفسها التى وصفت بداية هذه الثورة، فى 25 يناير، بأنها ثورة، ثم أنكرت عن 30 يونيو ذات الصفة رغم أنها استكمال لـ25 يناير، رغم أنها تمت بنفس السيناريو والوصف، وعندما أتى موقف العاهل السعودى والإمارات والدول العربية الأخرى ليقول إن أى محاولات للى ذراع مصر والنيل من استقلال قرارها بسلاح المعونة ستعوضه الأمة العربية ليعيد للسطح حقيقة أصيلة وهى العروبة، وأعتقد أن هذه اللحظة تقدم تاريخى نحو نصر مستحق بعد ثورة قامت من أجل بناء دولة وطنية مرتبطة بالتأكيد على هويتها وعروبتها وإسلامها ومكوناتها الوطنية.
■ كيف تقيم خسائر جماعة الإخوان بعد هذه المعركة؟
- الجماعة خسرت سياسيا أمام الشعب، وخسرت عندما كانت فى السلطة عندما أساءت استخدامها، وخسرت فى المواجهة أمام الملايين الذين خرجوا يوم 30 يونيو وفقدت السلطة، وخسرت أخلاقيا عندما أصرت على تحدى إرادة الشعب، وهذا ليس من معايير الديمقراطية فى شىء، ثم عندما اتجهت للعنف ولوحت به واستخدمته وصنعت ثأرا بينها وبين الناس، فأنت بين دولة وطنية تتقدم لتحقيق أهداف الثورة وبين مقاومة غير مشروعة أو أخلاقية أو ديمقراطية تتحدى إرادة الأغلبية، وتخسر كل يوم على كل المستويات، وهى الآن تنهار كبنية تنظيمية، لكن الأهم أنها تنهار كفكرة لها بريقها الأخلاقى. وكل يوم يمر يؤكد أننا نسير نحو الانتصار، وفتح الباب لتحقيق أهداف الثورة الذى يحتاج إلى وقت وقدرة على اتخاذ قرار، صحيح الإرهاب والعنف لن يختفيا بالتأكيد فجأة لكن تأمل دروس التاريخ المصرى يقول حقيقة مؤكدة إن أى جماعة تلجأ لاستخدام السلاح ضد المجتمع وأدوات الدولة سينتهى الأمر بها إلى هزيمة ولا يوجد فى تاريخنا ما يقول إن جماعة بلا ظهير مجتمعى واسع، تواجه الشعب والدولة تستطيع أن تحقق أى نتائج، وأقصى ما تستطيعه هو عمل كلفة اجتماعية واستنزاف محدود، لكن إرادة الشعب هى السلاح الأقوى فى هذه المعركة، لذلك نحتاج إلى الإسراع فى إيقاف العنف والتقدم على طريق خارطة المستقبل التى طالب بها الشعب، وأعلنها الفريق السيسى يوم 3 يوليو دون تأخير، وبجانب الإسراع فى تحقيق ركن غائب، وهو إجراءات جادة وسريعة لمطلب الشعب فى العدالة الاجتماعية، وهذا يحتاج إلى جرعة مكثفة ومركزة منها، هدفها تعطى إشارة قاطعة للشعب المصرى بأن الحكومة دى معاه.
■ وهل الحكومة قادرة على اتخاذ خطوات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية خلال فترة انتقالية مدتها 9 شهور؟
- ما نحتاجه الآن ليس إنجاز تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن أن يطمئن الشعب أنها حكومة ثورة، حتى لو كانت انتقالية. الشعب قام بثورة مستمرة بموجتين لكى يأخذ حقه. إذا ما تشعر الحكومة الناس بأنها تحترمه وتقدر حقوقه وتفعل ما تستطيع من أجله ستكون قد فشلت فى التعبير عن الشعب، وستفقد أهم سند لها لمواجهة الإرهاب وإكمال مسار التحول الديمقراطى. فهى تواجه خصوماً يستحلون الدم ويحملون السلاح، ويتكبرون على إرادة الشعب ولا يحترمونه إرادته الثورية ومدعومين من تنظيمات دولية، وقوى إقليمية، تريد بمصر شرا، وتدرك أن قيام مصر كدولة وطنية عادلة اجتماعيا، سيعيد ترتيب علاقات القوى بالمنطقة. وإغفال الحكومة الأهم مطلب شعبى وهو العدالة الاجتماعية، يعنى أنها غير جديرة بمواجهة تحديات الداخل والخارج. لا أطالبها بإنجاز كامل، بل بجرعة مكثفة فورية، لأن الشعب أشبه بمريض يقيم بغرفة الإنعاش طوال 40 سنة. عنده مرض عضال يتفاقم، اسمه الفقر والنهب والمستمر لثرواته، والحكومة تستطيع أن تعطى له هذه الجرعة.
الحكومة لديها 12 مليار دولار مساعدات، وستخطئ إذا اعتقدت أن هذه الأموال لتسديد عجز الموازنة، لأنها أتت فى لحظة صراع، وإذا لم تستخدم لتقوية الدولة، فأنت لم تحسن إدارة هذا المال، وللأسف العدالة الاجتماعية، إما غائبة أو شاحبة، عند الحكومة، حتى هذه اللحظة، وهذا أكبر خطر قد تتعرض له الدولة فى صراعها مع خصومها.
وعندما اجتمعت بـ«الببلاوى» فى مجلس الوزراء، منتصف رمضان الماضى، سلمته وثيقة مكتوبة من التيار الشعبى تحتوى على رؤيتنا لتوفير مخرج للشعب لعمل كجرعة مكثفة للعدالة الاجتماعية، تشمل سرعة تطبيق الحد الأدنى للأجور والمعاشات، بحد أدنى 1200 جنيه مع ربطه بمعدل التضخم، على ألا يزيد الحد الأقصى على 25 ضعفا، وتوجيه دعم مالى لإعادة تشغيل المصانع الخاصة المغلقة التى عجز أصحابها عن إدارتها بسبب الديون وتعثرهم المالى، وإعادة تشغيل المصانع التى أعادها القضاء من الخصخصة لإدارة الدولة، ورفع حد الإعفاء الضريبى إلى ١٨ ألف جنيه على الأقل، وإلغاء نصف الديون البنكية على سائقى التاكسى الأبيض، وإلغاء الفوائد على ديون الشباب المستحقة للصندوق الاجتماعى للتنمية لتمكينهم من استمرار مشروعاتهم، وإلغاء ديون الفلاحين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعى حتى ١٥ ألف جنيه، وعفو عام عن الفلاحين المحبوسين فى تلك القضايا، والعفو عن الغارمين الصادرة ضدهم أحكام حبس فى قضايا حتى ١٥ ألف جنيه، وإعادة أراضى الإصلاح الزراعى لأصحابها من الفلاحين الذين صدرت لصالحهم أحكام قضائية. كل هذه الإجراءات العاجلة فى العدالة الاجتماعية لا تحتاج إلى تشريع بل لإرادة سياسية. الشعب يتساءل الآن: طب أنا قمت بثورتين عشان تيجى حكومة لا تعطينى حقى، والإجراءات دى محتاجة عقلية عبدالناصر، لأنه لم يواجه خصومه بإجراءات فى الأمن، بل قدم مشروعاً متكاملاً، خصوصا فى الجانب الاجتماعى، بعد 45 يوما من ثورة 1952، أخذ الأرض وأعطاها للفلاحين بقانون الإصلاح الزراعى، ليحول 23 يوليو 1952 من انقلاب بقيادة الضباط الأحرار، إلى ثورة التفت حولها الجماهير لأنها أنجزت تغييراً جذرياً فى الخريطة السياسية والاجتماعية للبلد، فما بالك ونحن فى ثورة شعبية بامتياز، لم تثمر سوى عن تغيير الوجوه الموجودة على رأس السلطة، دون أن تمس حياة الناس، وأحذر حكومة الببلاوى من غياب العدالة الاجتماعية فى قراراتها.. خطأ استراتيجى فادح وخطر على الثورة. وأثق أن الـ12 مليار دولار التى جاءت إلى مصر جزء منها يكفى لتغطية كل هذه الإجراءات. والسؤال المثير لى، لماذا تترك هذه الأموال إذا كان الاحتياج لها واضح، وخيار الشعب واضح، والمرض واضح، والعلاج واضح، فلماذا لا تنقذ المريض. هذا قتل بالإهمال سيحاسبون عليه. وأنا أدق أعنف ناقوس خطر للفت نظر الحكومة بأن العدالة الاجتماعية فريضة غائبة، وإن لم تؤدها فإنها تهدر تضحيات المصريين عبر ثورة مستمرة فى موجتين. وداخل الحكومة أصوات أثق فى وطنيتها، وانتمائها للثورة وللعدالة الاجتماعية، وأعرف أنها تسعى لهذه المطالب داخل مجلس الوزراء، وحتى الآن الشعب لم ير نتيجة، احنا لا نريد تصريحات فقط المواطن يريد أن يذهب لتسلم راتبه، فيجده أكثر من 1200 جنيه، لماذا لا يتم توجيه مليار دولار من المساعدات كقروض دون فائدة، وعلى أجل طويل، لمليون أسرة مصرية فقيرة فى الصعيد ينفذوا بها مشروعات لتحسين واقعها، هذا الطريق يثبت إن الثورة وصلت للسلطة وإن الحكومة تعبر عن الجماهير، وأنها مدركة أنها فى صراع سياسى لا يحل بالأمن وحده أبدا، بل بثقة الناس فيها وأنها تسير فى طريق العدالة الاجتماعية، والناس ستتحمل مادامت تراك تسير على الطريق السليم، لكن الواقع أننا الآن لسنا على طريق العدالة الاجتماعية، بما يضعف فرص تثبيت أركان الثورة وأهدافها.
■ هل الفترة الانتقالية خلال 9 شهور كافية لإنجاز استحقاقات وضع وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- الفترة كافية، لكن هناك ملاحظة رئيسية لدى على خارطة الطريق خاصة بترتيب هذه الاستحقاقات، وهى أنها لم تلتزم بالترتيب المعلن على منصة ميدان التحرير، وأمام قصر الاتحادية يوم 30 يونيو، بالنص على تقديم إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية. عندما صدر الإعلان الدستورى بذلك، سجلت اعتراضى رسميا، وأرسلته إلى المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، وطالبت بالعودة إلى الترتيب الذى طالبت به الجماهير، خاصة أن المجتمع الدولى يطلب رئيسا مدنيا منتخبا جديدا وعلى وجه السرعة كعلامة فاصلة على طريق جدية تنفيذنا لخارطة طريق، فهذا أكثر أهمية لهم من إجراء انتخابات البرلمان. ونحن كشعب، كان مطلبنا انتخابات رئاسية مبكرة وخرجنا من أجله، فلا يجوز تأخيره، لصالح انتخابات برلمانية. أطالب بالعودة للخارطة التى أقرها الشعب بنفس ترتيبهاوعلى الرئيس المؤقت، عبر توافق سياسى، إصدار إعلان دستورى لتصحيح هذا الترتيب الخاطئ. وإن تقديم انتخابات البرلمان على الرئاسة لن يعبر عن الإرادة الشعبية المعلنة للجنة الخمسين كتابة مادة انتقالية فى الدستور الجديد تقول بعد إقرار هذا الدستور فى استفتاء شعبى بـ10 أيام، تتولى المفوضية العليا للانتخابات الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية، يتولى رئيس الجمهورية بعد 10 أيام من تسلمه موقعه، الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية، ومصر أمام العالم تحتاج إلى رئيس منتخب، هذا ما أرادته الثورة، وكلما عجلنا بانتخاب الرئيس كان أفضل.
■ هل حسمت أمرك بشأن إعلان الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟ وماذا لو غير الفريق عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، موقفه وقرر خوض الانتخابات؟
- لم أقرر حتى الآن، لأن هذه اللحظة تحتاج إلى توحيد الصف الوطنى فى مواجهة الإرهاب، الذى خرج على إرادة الشعب، وتثبيت الثورة أهم من الحديث عن انتخابات الرئاسة وموقفى الثابت، هو أن على الثورة أن تقدم مرشحاً واحداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، بتوافق بين أحزاب جبهة الإنقاذ وتمرد والحركات الشبابية والثورية، والثورة لن تقبل عودة مبارك متخفيا فى اسم، أو محمد مرسى متخفيا فى اسم آخر، أسقطنا فساد مبارك وأسقطنا ديكتاتورية مرسى وجماعته، وإذا كانت مصر تسعى لتحقيق أهداف ثورتها التى كلما تأخرت استدعت موجة ثورية جديدة، فعليها الاتفاق على مرشح واحد يعبر عن الثورة، وسأسعى لذلك تماما. أما عن الفريق السيسى، فهو بطل شعبى بامتياز، ولو قرر خوض الانتخابات فهو الأكثر شعبية فى اللحظة الراهنة، لكنى أثق فى أنه صادق مع نفسه ومع التاريخ عندما صرح بأنه قاد الجيش لينتصر لإرادة الشعب ليس طمعا فى سلطة ولا مغنم، وأنه لن يرشح نفسه للانتخابات، وأنا أصدقه فى ذلك، فإذا غير موقفه، يبقى نبحث الأمر وقتها فى ضوء موقفه الجديد، وأعتقد أنه لابد أن تتم الانتخابات على قاعدة تتماسك فيها مصر شعبا وجيشا، وواثق أن المصريين لن يسمحوا فى الانتخابات الرئاسية بشق الصف الوطنى أو تهديد التماسك بين الشعب والجيش، وأنا التزامى الوطنى والأخلاقى أن أسعى لموقف موحد فى ذلك.
■ هل الأوضاع الحالية تستوجب خوض أى مرشح للانتخابات بفريق رئاسى أم تميل لترك ذلك لما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة؟
- ما أدعو إليه دائما وأسعى لتحقيقه عبر توافق وطنى واسع هو وجود برنامج وفريق ومرشح فى الانتخابات المقبلة، لست فى صف تقديم مرشح دون أسماء رئيسية محددة فى فريقه ودون برنامج انتخابى واضح، وأدعو لحوار وطنى جاد لتحديد هذه النقاط الثلاث معا.
■ داخل التيار المدنى هناك من يدعو إلى استئصال الإخوان من المجتمع، وهناك من يدعو إلى المصالحة، أنت مع أى من الفريقين؟
- هذه نقطة بالغة الحساسية فى هذه اللحظة، لأننا مازلنا نواجه إرهاب الإخوان وخروجهم على إرادة الشعب، وفى لحظات القتال فى الميدان، لا يصح الكلام عما سيحدث بعد زوال غبار المعركة، هذه لحظة فرز بامتياز للمنتصرين، للدولة والشعب، والذين يرفعون السلاح ضدهم. هذا يتطلب درجة عالية من الوحدة والحكمة، وهذا قانون اللحظة ونحن مسؤولون عن مد البصر لليوم التالى، الحقيقة أننا فى خطر حالى يتناقص كل يوم، وسينتهى وإذا استمر لن يكون له أى تأثير، وهو الأعمال الإرهابية. وهناك خطر لا يلتفت إليه، وهو تصاعد موجة الكراهية فى الشارع المصرى، ضد الإخوان التى هى بقدر ما هى مفيدة لإدارة الصراع الحالى، بقدر ما تشكل خطرا بالغا على حلول وطنية واجبة فى الأيام القادمة، لذلك الفت الانتباه إلى أن تصعيد لغة افرم واجزر واقتل واستئصل واعزل لا تفيد المستقبل، لأن أسأل نفسى سؤالاً: إذا افترضنا أن مصر انتهت من خريطة الطريق، والشعب جلس أمام التليفزيون فوجد أن الرئيس الجديد يجلس فى اجتماع مع قيادات الأحزاب المؤيدة له وليس بينهم ملتحى واحد، أليس هذا يذكر الشعب بطريقة معكوسة بمحمد مرسى، وهو يجلس مع قيادات الأحزاب الدينية المؤيدة له ولا يوجد مدنى واحد بينهم؟ هل نريد لمصر المستقبل إعادة إنتاج فكرة الانقسام، فبدلاً من عزل مرسى وجماعته لمعظم الشعب المصرى، يأتى رئيس جديد ويعزل ولو جزء مهما كان صغيرا من الشعب المصرى، وهل هذه الصورة التى نسعى إليها كدولة تعبر عن الوحدة والتنوع أم السعى لمزيد من الانقسام، بالتأكيد نسعى لمصر الموحدة بشرط ألا يتم ذلك من خلال إغلاق الجرح على الصديد، بل بتطهير أنفسنا من أخطاء وقعنا فيها. فما يدفع المصريين لكراهية الإخوان هو مسؤوليتهم عن الدم، لأن كل قطرة دم سالت، سواء من الشرطة أو الإخوان تؤلم كل مصرى. أنا شخصياً أرى قيادات الإخوان شخصيات متطرفة بحثت عن الاستمساك بسلطة أسقطها منها الشعب وضحت بدماء الأبرياء من المصريين ضد احترام إرادة الشعب، كلمة المصالحة فى مصر الآن سيئة السمعة، أنا شخصيا لم أجلس أو أتصل تليفونيا بأى من قيادات الإخوان منذ صدور الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر الماضى، أنا ضد الإفلات من العقاب لكل من ارتكب عنفا أو مارس إرهابا أو سانده أو دعا إليه أو هدد به، كل القيادات الذين تورطوا فى دم الشعب، فى سيناء أو حرق أقسام الشرطة أو الكنائس، أو حرضوا على خروج غارات من رابعة العدوية والنهضة، كما رأينا فى بين السرايات والمنيل، هؤلاء جميعا لابد من تقديمهم للمحاسبة العادلة والقضاء هو صاحب الكلمة. وكما نطالب بعدم الإفلات من العقاب، نقول أيضا لا للعقاب الجماعى، ولن نسمح لأنفسنا للوقوع فيه إذا كنا نريد دولة عدالة وقانون، وأنا كأحد المشاركين فى ثورة يناير، ومسمى دعوا لها، أعرف جيدا أننا أسقطنا مبارك عن حق لكن هذا لا يعنى أن كل من كان عضواً فى الحزب الوطنى فاسد، كان مبارك وقيادات حزبه نموذجا للفساد، لكن إذا قلت إن 3 ملايين من أعضاء الحزب الوطنى كلهم فاسدين أصبحت تمارس عقاباً جماعياً لبسطاء دخلوا الحزب الوطنى اتقاء لشر المستبد. وبنفس القدر أعلم أن قيادة الإخوان أجرمت فى حق الوطن، وفى حق جماعتها، بسبب تكوينها القطبى المتعصب، الذى أودى بالجماعة من درك إلى ما هو أسفل منه. ولو قلت إن كل مصرى كان يدعم حسنى مبارك فاسد، وإن كل من أيد محمد مرسى إرهابى، دخلت فى دائرة العقاب الجماعى.