الدكتور محمد محسوب: مرسي أو الفوضى (حوار)

كتب: شيرين ربيع الجمعة 30-11-2012 00:51

أكد الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، أنه يجب الانتقال لحالة دستورية، لا تتركز فيها السلطة بيد واحدة، وأن الوضع الحالى سببه أخطاء المرحلة الانتقالية، وتعجب ممن يقبلون بهيمنة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على سلطة التشريع ويرفضون إسنادها للرئيس محمد مرسى، رغم أنه منتخب.

وأوضح أن الخطأ من الأساس جاء بسبب الوصاية التى فرضها المجلس العسكرى على الجمعية التأسيسية للدستور. وانتقد محسوب، فى حواره مع «المصرى اليوم»، من سماهم «معرقلى وضع الدستور» بقوله إن الديكتاتورية هى قبول البعض إهدار الإرادة الشعبية، واستماتتهم لمنع صدور الدستور لأسباب واهية.

■ ما تعليقك على الإعلان الدستورى؟ وهل من حق الرئيس إصداره؟

- أرى أنه منذ انتخاب الجمعية التأسيسية فى 14 يونيو الماضى، عدم جواز إصدار إعلانات دستورية من جانب أى طرف، لكن المجلس العسكرى، أصدر الإعلان الدستورى المكمل «المكبل» فى 17 يونيو، والغريب أن القوى السياسية التى تحتج اليوم تقبلت إعلان العسكرى، رغم أنه ترتب عليه انتقال السلطة التشريعية وجزء من السلطة الدستورية وهى وضع الدستور أى جوهر السلطة الدستورية، إليه، وكان المكمل يمنحه الحق فى الاعتراض على أى نص دستورى، إحالته للمحكمة الدستورية العليا لتقوم بإلغائه، وكان «المكمل» كارثة أضفت على القضاء العسكرى من ولاية على المدنيين.

■ ولماذا فى رأيك اتخذت المعارضة هذا الموقف؟

- كراهية فى النظام السياسى الموجود، ولكنها قبلت من قبل إصدار المجلس العسكرى للإعلانات الدستورية، ما يترتب عليه استمرار حق من يدير البلاد فى إصدار الإعلانات، كما أن القضاء قرر أن الإعلان الذى أصدره العسكرى من أعمال السيادة، ورفض الاختصاص به.

■ فى النهاية العسكر رحلوا؟

- لم يكن فى مقدور الرئيس تحقيق انتقال حقيقى للسلطة أو تحويلها إلى سلطة مدنية خالصة، إلا بإلغاء الإعلان المكمل فى 11 أغسطس الماضى، والقرار نقل السلطة له وعندما حاول استرداد مجلس الشعب لينقل السلطة التشريعية إليه، رفضت المحكمة الدستورية، وكذلك رفضته القوى السياسية، وهذا ما أدى إلى بقاء هذه السلطة فى يد الرئيس، .

■ ولماذا تم استبعاد النائب العام؟

- كيف سنحقق أهداف الثورة فى الاصلاح القضائى والسياسى فى هذه الدولة وملاحقة الفساد إذا كان لا يمكن تحديد مدة عمل النائب العام والإصلاح الادارى يعنى بكل بساطة أنه ليس هناك أحد مؤبد فى وظيفته، لأن بقاء رئيس الدولة نفسه محدد وليس هناك ما يسمى سلطة مطلقة وليس من المعقول تعيين نائب عام فى سن الأربعين ويظل فى منصبه حتى يبلغ السبعين عاماً، فهذه قضية خطيرة.

■ المواطنون انتخبوا الدكتور مرسى رئيساً للسلطة التنفيذية فقط فهل من حقه إصدار مثل هذا الإعلان؟

- هذ الكلام غير مقبول، لأن الشعب لم ينتخب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورغم ذلك منحه ثقته بالرضا بالإعلانات الدستورية، والشعب نفسه بكل مؤسساته، بما فيها المؤسسة العسكرية رضى بالإعلان الدستورى السابق، الذى أصدره الرئيس وبالتالى يصبح له سلطة دستورية، وهل من المعقول أن نقبل إعلانات المجلس العسكرى ونحجر على الرئيس المنتخب.

■ أنت أستاذ قانون هل ترضى عن عبارة غير قابل للطعن عليه الموجودة فى الإعلان؟

- يمكن الاختلاف فى الرأى حول الصياغة، وأرى أنه كان يمكن أن تكون الصياغة أكثر دقة ولكن القضية ليست قضية صياغة فهناك نية المشرع، التى يقصد تثبيت الوضع الدستورى.

■ البعض يرى أن إقالة النائب العام يمثل مساساً بالقضاء؟

- نحن لا نتحدث عن شخص النائب العام، على العكس كان تعيينه سفيرا يعتبر تشريفاً له ومخرجاً جيداً، ويجب ترك المنصب فى ظروف معينة.

■ ولماذا تراجع الرئيس عن هذه الخطوة؟

- لأن المحاكم كانت ستلغى قراره.

■ والآن أليس من الممكن إلغاؤه؟

- لا أحد يستطيع.

■ ولماذا؟

- لأنه ليس قراراً رئاسياً بل هو إعلان دستورى لا يستطيع أحد الطعن عليه أمام أى جهة.

■ ولماذا نص الرئيس على عدم جواز الطعن على مواد الإعلان؟

- دعينى أعد التأكيد على أمور، أولها أن إعادة المحاكمات واقالة النائب العام مطلب شعبى، الثانى أنه رغم ذلك لم يستبعد الرئيس النائب، لأنه أراد له خروجاً مشرفاً بتعيينه سفيراً، لأنه ليس متهماً بالفساد لكن الأخير رفض، ثم رأى الرئيس أن مدة النائب يجب أن تقتصر على 4 سنوات فقط، وقد مرت بالفعل لأن مبارك عين النائب فى عام 2006، هنا الرئيس حدد فترة بقائه فى المنصب، وفى إعلان دستورى.

■ ولماذا قام بتحصين قراراته ضد الطعن؟

- الرئيس لم يحصن قراراته بل حصن الإعلانات الدستورية والقرارات المتعلقة بها والقرارات الرئاسية حصنها من الطعن عليها، لأنها ستشكل الوضع الدستورى المؤقت، ولكى نصل إلى الوضع النهائى يجب تحصين هذا الوضع وألا يكون موضع نزاع عليه، وغير ذلك يعنى استحالة تقدم للأمام فى العبور من المرحلة الانتقالية، لأنه سيتم الطعن على أى قرار للرئيس أمام المحاكم وتقضى ببطلانه، ونعود للصفر مرة أخرى.

■ ولكن الحقيقة أن الوضع أصبح محتقناً والبلاد منقسمة؟

- البلاد كانت ستصل لمرحلة أصعب وهى أن يتفاجأ الشعب بأن الدستور الذى وافق عليه بعد الاستفتاء مطعون فى شرعيته لأن المحكمة ستقضى ببطلان الجمعية التى صاغت مواده، لابد من تثبيت الوضع الدستورى المؤقت لإمكانية الوصول إلى وضع دائم مستقر.

■ ولماذا يحتاج الرئيس لمجلس الشورى؟

- هنفترض أننا قمنا بإقرار الدستور، من الطبيعى أن هذه العملية سيليها إجراء انتخابات، وبالتالى نحن نحتاج إلى المجلس لإصدار قانون ينظم هذه الانتخابات.

■ البعض قال إن الرئيس أراد استباق أحكام حل التأسيسية والشورى، وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل فى 2 ديسمبر المقبل؟

- هذا هو ما أسميه تثبيت الوضع الدستورى، ومن العيب وجود مثل هذه الدعوى، لأنها لا تراعى المصلحة الوطنية، ويجب على كل شخص أن يحسب التكلفة الاجتماعية لتصرفاته، وكم سيدفع المجتمع ثمناً لها.

■ البعض يقول إن الجمعية لم تهتم بتحديد حد أدنى وأعلى للأجور؟

- ده كلام «فاضى»، ونحن لدينا 15 مادة فى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية فقط، كما يوجد نص على ضرورة إعطاء بدل بطالة للفئة المستحقة، إضافة إلى مواد منفصلة لضمان تنفيذ مثل هذه الحقوق.

■ ما تعليقك على مظاهرات التحرير المطالبة بإلغاء الإعلان أو رحيل «مرسى»؟

- كل له الحق فى التظاهر، ولكن المتظاهرين الآن ليس لهم الحق فى الاعتراض على قرارات الرئيس إلا سلمياً ولا داعى للعنف الذى قد يزهق الأرواح، المعارضون وقعوا فى فخ الاستعراض، ولن يثمر هذا عن شىء فالتظاهر يجب أن يكون له هدف واضح وطلبات ثابتة وأتخوف من الفوضى والاحتكاكات بين الشرطة والمتظاهرين، ومصر بها ثلاثة ألوان سياسية هى القومية والليبرالية والإسلامية، ولا يجب أن يتحد اثنان مقابل ثالث ليشكلا قوة ضده.

■ وماذا عن موقف المحكمة الدستورية العليا من الإعلان؟

- بيان المحكمة الدستورية متوقع فحينما تسمع من قاض بالدستورية العليا يقول إن الرئيس محمد مرسى ليس له الحق فى إصدار إعلانات دستورية من الأساس فإن ذلك يؤكد مخاوف إلغاء إعلان 11 أغسطس، أو يقول إن الرئيس لا يجب أن يحصن قراراته، فهذا خطأ أيضاً فكل دولة تفعل هذا وقرارات الرئيس يجب أن تحصن مادامت تعلقت بأعمال السيادة، ورغم أن مرسى احترم قرار المحكمة من قبل لكن كان يجب إلغاء الإعلان المكمل وحماية مدنية الدولة ومنع إعادة الإعلان المكمل وإذا طرح الدستور يمكن إلغاء هذا الإعلان.

■ هل شاركت فى وضع الإعلان الدستورى؟

- لم أشارك لكنى مؤيد له خاصة المادة الثانية لأنها تحصن أعمال السيادة الخاصة بالوضع الدستورى المؤقت الذى سينتهى.

■ وماذا عن استنجاد القوى المدنية المتظاهرة بالعسكرى كبديل لمرسى فى حالة رحيله؟

- تبادل الإخوان والليبراليين الموقف من العسكرى وطريقة الاستقطاب لا تدفع للتقدم وإرساء الديمقراطية، فلا أمل لنا فى نظام حر وديمقراطى إلا بشعب حر من الاستقطاب والكراهية، ولا أرى مبرراً لكلمة الرحيل، وإلا فهى الفوضى، فالجمعية التأسيسية وأمر مدها شهرين اعترضت عليه إلا إذا تراجعت القوى المنسحبة وقد تخطينا هذه المرحلة. والجمعية مفوضة بوضع مشروع دستور وهى تستطيع فعل ذلك بتشكيلها الحالى وقد أوشكت لجنة الصياغة المصغرة على إعداد المسودة النهائية، التى ستعرض للتصويت على الجمعية.