الباحثة الأمريكية مارينا أوتاواي: حكم «الإخوان» متعجرف.. وتفويض «السيسي» عزز الانقسام

كتب: بسمة المهدي الجمعة 23-08-2013 21:18

قالت الباحثة الأمريكية البارزة مارينا أوتاواى إن الجيش كان من الممكن أن يتدخل بصورة أفضل، في التعامل مع الرئيس محمد مرسي، بعد مظاهرات 30 يونيو، مؤكدة أن عزله وتوجيه اتهامات إليه أمر رأته الحكومات الغربية «مثير للسخرية»، وأن دعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الشعب للتظاهر وتفويض الجيش، كانت أمرًا خطيرًا عمّق الانقسام في المجتمع المصري.

وتابعت الباحثة أن الجيش كان يجب عليه التدخل بعد المظاهرات الحاشدة ضد الحكم الإخواني «المتعجرف»، ولكن كان عليه أن يضغط على مرسي مع إبقائه في السلطة، بأن يفرض عليه تشكيل حكومة جديدة، مع تعديل المواد الخلافية في الدستور، ثم إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية.

وذكرت، في حوار أجرته معها «المصري اليوم» عبر البريد الإلكتروني، أن السلفيين سيكونون الأكثر حظاً فى أن يحلوا محل جماعة الإخوان المسلمين على الساحة السياسية بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وقالت إن الإدارة الأمريكية ستمنع المحاولات التي تجري فى الكونجرس لقطع المعونة عن مصر بسبب حرصها على مصالحها مع الجيش المصرى.

وتابعت أن الإدارة لا تدعم مشروع الإسلام السياسى فى منطقة الشرق الأوسط، وكان الأفضل لها أن يصل إلى السلطة التيار الليبرالي، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة ليس لديها القدر الكبير من التأثير على الجيش أو الجماعة».

وانتقدت الباحثة التى انضمت حديثا إلى فريق الباحثين عن الشرق الأوسط فى مركز ودرو ويلسون الأمريكي، بعد عملها فى معهد كارنيجى لأبحاث السلام، خبرة مرسى والإخوان السيئة وعجرفتهم فى إدارة البلاد، وإلى نص الحوار الذى أجرته «المصرى اليوم» من واشنطن عبر البريد الإلكتروني.

 

■ هل الدولة العميقة أطاحت بمرسى، أم إدارته الفاشلة للبلاد؟

ـ أرى أن هذه عودة للنظام القديم بدون الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فإدارة مرسى السيئة للبلاد لم تطح به من الحكم، ولكن الجيش فعلها، ففى ظل نظام ديمقراطى، لا يوجد مكان لتدخل عسكرى من هذا النوع، وهذا يفسر القدر الكبير من الانتقادات فى الخارج إلى السلطات المؤقتة فى مصر، خاصة أن الجيش يظهر أنه يمارس السلطة الحقيقية.

 

■ ما أكبر أخطاء الرئيس المعزول وحكومته التى ساهمت فى الغضب الشعبى تجاههم؟

ـ كانت هناك العديد من المشاكل فى طريقة إدارة حكومة مرسى لشؤون مصر، بالإضافة إلى أنهم عديمو الخبرة نظرا للطريقة التى عاملهم به النظام القديم وإقصائهم من المناصب التنفيذية، كانوا متعجرفين، ولم يستوعبوا أهمية توسيع مجلس الوزراء لتشمل الأحزاب العلمانية، التى بدورها لم تظهر بوادر لرغبتها فى التعاون معها.

 

■ هل كانت توجد بدائل أفضل عن تدخل الجيش فى المشهد السياسى عقب مظاهرات 30 يونيو؟

ـ أنا أتفق على أنه كان ينبغى للجيش القيام برد فعل، ولكن بطريقة أقل خطورة عما حدث، كان يمكن أن يترك مرسى فى السلطة بينما يجبره على تشكيل حكومة مصالحة، ويوضح أنه لن يدعم مطالب حركة تمرد، وجبهة الإنقاذ الوطنى فى الإطاحة بمرسى، وبالتالى يضغط عليه لتشكيل لجنة مراجعة أكثر المواد إثارة للجدل فى الدستور، تليها انتخابات برلمانية ثم رئاسية، وهذه هى خريطة الطريق الحالية، بالطبع، ولكن تم عزل مرسى قسرا مع توجيه اتهامات إليه، تراه الحكومات الأمريكية والأوروبية مثاراً للسخرية، وبالتالى فإن المسألة ليست ما إذا كان مرسى رئيساً جيداً أو سيئاً، فإن القضية هى طريقة تدخل الجيش.

 

- ما تقييمك لرد فعل إدارة أوباما تجاه الإطاحة بمرسى؟

■ الحكومة الأمريكية لم تسم ما حدث انقلابا، لأنها ستضطر حينها إلى وقف المساعدات الأمريكية لمصر، وهو أمر لم تكن على استعداد للقيام حتى الآن، والإدارة الأمريكية تريد علاقات جيدة مع الجيش، وبناء عليه، ثم ستعمل على استمرار تقديم المعونة العسكرية إلى مصر، بالرغم من محاولات بعض أعضاء الكونجرس تعليقها.

 

■ هل تؤيد الإدارة الأمريكية مشروع الإسلام السياسى فى منطقة الشرق الأوسط؟

ـ الولايات المتحدة لا تؤيد الإسلام السياسى، وكانت ستكون أكثر سعادة إذا فازت الأحزاب الليبرالية فى الانتخابات البرلمانية، ولكن «أوباما» قرر أنه إذا كانت الولايات المتحدة تدعم الديمقراطية يجب أن يقبل نتيجة تصويت الشعب المصري.

 

■ كيف رأيت دعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع إلى المصريين بمنحه تفويضاً لمحاربة الإرهاب؟

ـ دعوة «السيسي» الشعب المصرى للخروج فى تظاهرات لمنحه تفويضا شعبيا لمحاربة الإرهاب تعد خطوة خطيرة، وعمقت من الانقسام فى البلاد، ورغم تأييد المصريين له، فإن آخرين يعارضون بشدة، وفى نهاية المطاف، وفى ظل نظام ديمقراطى، يجب أن يستند على الانتخابات وليس المظاهرات التى لا يمكن أن تكون بديلة لها، كما أن الدعم الجماهيرى يمكن أن يساء استخدامه، لذلك فإن الحكومات الغربية لا تعتقد أن المظاهرات يمكن أن تضفى شرعية على الإطاحة بمرسى.

 

■ هل تعتقدين فى إمكانية تحقيق المصالحة الوطنية؟

ـ أرى أن مطالبة «السيسي» بخروج تظاهرات جاءت بمثابة استفتاء شعبى لحملة تستهدف بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين، وذلك يتعارض مع الدعوات المتكررة من قبل الرئيس المؤقت عدلى منصور للمصالحة الوطنية.

 

■ وهل يحل السلفيون محل جماعة الإخوان المسلمين على الساحة السياسية؟

ـ الأحزاب السلفية المتشددة تبدو مهيأة لتحل محل جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارهم اللاعبين الإسلاميين الأكثر أهمية على الساحة، ولكن يبدو أن قرار الجيش تضمين السلفيين فى الساحة السياسية لم يتخذ بعد، لأنه سيكون له ثمن ربما لا تكون مصر على استعداد لدفعه فى الوقت الراهن.

 

■ ما توقعاتك للمشهد السياسى فى مصر؟

ـ لا أتوقع أن يسمح الجيش بعودة مرسى إلى الحكم ليعلن تنحيه ودعوته إلى انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن إذا لم يبدأ الجيش فى الإفراج عن قيادات جماعة الإخوان المسلمين المقبوض عليهم عقب 30 يونيو، والبدء فى عملية تفاوض معهم حول الخطة الانتقالية التى يشكل الإسلاميون جزءا منها، سيؤدى ذلك إلى حدوث أزمتين، الأزمة الأولى تتمثل فى العودة إلى الحكم الاستبدادى، وربما تشكيل حكومة أكثر استبدادا من مبارك، والأزمة الثانية تتمثل فى زيادة التطرف جانب من الإسلاميين، بعد فقدان القادة السياسيين لهذا التيار نفوذهم.

 

■ هل كثافة الزيارات الأخيرة لمسؤولين أمريكين إلى القاهرة تعود إلى النفوذ الأمريكى على جماعة الإخوان المسلمين؟

ـ فى الحقيقة أنا لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية لديها هذا القدر الكبير من التأثير على كل من المؤسسة العسكرية أو جماعة الإخوان المسلمين لتغيير مسار الأحداث فى مصر، أو الضغط على الجماعة لقبول الوضع بعد 30 يونيو، فأقصى ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة هو خفض المعونة العسكرية، ومع ذلك فإن المساعدات التى قدمتها دول الخليج العربى، تجعل هذا الفعل قليل التأثير على القرارات المصرية.