انقسمت مواقف الجاليات المصرية في الخارج، من الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، ومن المليونية التي دعت إليها قوى سياسية الثلاثاء لإسقاطه في ميدان التحرير.
ودعت جاليات إلى مظاهرات حاشدة للجاليات المصرية في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وأستراليا وألمانيا وسويسرا واليونان وأمريكا ودول الخليج للمطالبة بإسقاط الإعلان وعزل مرسي.
وكان من المقرر أن تقوم الجالية المصرية في اليونان بتنظيم وقفة متزامنة مع مليونية التحرير، الثلاثاء، إلا أن الظروف الأمنية الداخلية التي تعيشها البلاد حالت دون حدوث ذلك. ووصف عدد من أبناء الجالية في أثينا القرارات الأخيرة بأنها «اعتداء صريح على دولة سيادة القانون وعلى حقوق المواطن والانفراد المطلق بالسلطة».
عارضوا الرئيس ولا تشيطنوه
وعن مليونية الثلاثاء، قال علاء محمود أبو سالم (محاسب): «المصيبة تكمن فيمن ينتهزون الفرصة لزرع الحقد والكراهية. يصرون على الوصول بالموقف إلى نقطة الصدام ثم الحرب الأهلية. هناك فرق بين معارضة قرارات ديكتاتورية، والضغط بكل الوسائل السلمية المتاحة لتغييرها، وبين شيطنة الرئيس المنتخب وجماعة الإخوان المسلمين والمطالبة بإقصائهم من الحياة السياسية».
وأوضح«الأخوان عنصر سياسي واجتماعى مهم وموجود سواء رضينا أم لا. علينا بكل الطرق السلمية أن نصل معهم لحلول تضمن الاستقرار. نعم لتطهير القضاء وعزل النائب العام، لكن علينا أولا تطهير الداخلية والمؤسسات الأمنية حتى نحصل على أدلة تدين قتلة الشهداء. ولا لسيطرة العسكر، ولا لسطوة أنصار الرئيس السابق حسني مبارك في القضاء، ووقوفهم ضد تطهير مؤسسات الدولة, ولا للجنة تأسيسية من أنصاف الجهلة والمتشددين الدينيين».
وأشار أبو سالم إلى أن «القضاه لا يقتلوننا في الشوارع ولا يعذبوننا في أقسام الشرطة. ما كنا نريده من الرئيس هو تطهير الداخلية قبل القضاء، للحفاظ على كرامة المصري في الداخل والخارج».
من جانبه، قال شوقي خليل (صاحب ميني ماركت) في العاصمة اليونانية «أنا من المؤيدين لقرارات مرسي وأرى ضرورة إعطائه الفرصة كاملة لتحقيق وعوده الانتخابية. ولكن أرى أنه أخطا كثيرا في توجيه خطابه لمتظاهري الاتحادية في وقت نتحدث فيه عن لم الشمل والحياد».
سيادة الرئيس.. تراجع أو ارحل
وأكد محمد عبد الرؤوف (عامل) أنه ضد الكثير من الممارسات التي وقعت من قبل المعارضين للرئيس، وعلى رأسها حرق مقار الإخوان. لكنه أضاف «هذا خروج على القانون تحت ستار الثورة، لكني أريد توجيه رسالة للرئيس أقول له فيها: وصفت نفسك بأنك أب لكل المصريين يا سيادة الرئيس، لكن أولادك يقتلون بعضهم بعضا الآن بسبب قراراتك غير الشرعية. أمامك اختيارين: الرحيل أو الرجوع عن القرارات حقنا لدماء أولادك».
واعتبر إبراهيم عبد الشهيد (محامي) أن استباق مرسي المليونية بمحاولة الدفاع عن الإعلان الدستوري «غير مقنع بالمرة». وقال «مللنا فزاعة النظام القديم. العدوان على استقلال القضاء دليل واضح على رغبة الرئيس الانفراد بالسلطة»، على حد قوله.
وفي ألمانيا، أعربت هبة عبد العزيز عن قناعتها بأن رد فعل الإخوان من مليونية الثلاثاء هو ما سيحدد مصير المظاهرات. وقالت «الناس لن تتقبل أي نوع من الديكتاتورية مرة أخرى بعد مبارك».
وحول احتجاجات المصريين في برلين، فتوقعت تنظيم وقفة تضامنية، السبت المقبل، حال استمرار الاعتصامات في ميدان التحرير بالقاهرة، وأوضحت «التظاهر هنا في ألمانيا يحتاج وقت وترتيبات وإجراءات لتنظيمه. أغلبية أعضاء الجالية المصرية تعمل خلال النهار، ولا تستطيع تنظيم احتجاجات إلا في عطلة الأسبوع».
وفي بروكسل، تباينت مواقف المصريين بشان مظاهرات التحرير، وقال غريب رضوان (سائق تاكسي) في مدينة إنتويرب البلجيكية إنه يساند توجهات الرئيس للقضاء «على أي مظاهر فساد وقطع ذيل النظام السابق ويجب منحه الوقت كي يقدم ما لديه ويحقق وعوده».
وأبدى رضوان (45 عاما) استغرابه من خروج التظاهرات الرافضة لسياسات مرسي رقم قصر الفترة التي أمضاها في الحكم، على حد قوله. أما عماد الشرقاوي (صاحب مطعم) وفي مطلع العقد الرابع فأكد أنه «لا بد أن يتقبل الإخوان الرأي الآخر. فمثلما خرجوا وقالوا رأيهم في الميدان، من حق الآخرين أن يعبروا عن مواقفهم. إنها ثقافة قبول الآخر التي يجب أن تسود بعد الثورة»
بدوره، قال المغربي حسن البوهراتي، مقيم في العاصمة، ويعمل مصورا إن «ما يحدث في مصر يقلقنا جميعا كعرب. ما حدث يثبت أن الشعوب العربية بعد الربيع العربي تثور بشكل سريع على كل شئ ونحن في المغرب كنا نحسد مصر».
في الكويت ممنوعون من التظاهر
وفي دول الخليج كانت فعاليات التضامن أقل منها في أوروبا نظرا للأوضاع الداخلية، ففي الكويت، تمنع السلطات وجود أي مظاهر لتأييد تيار سياسي معين على أراضيها كما يحظر القانون تجمع أكثر من 20 شخصا دون تصريح مسبق، وهو ما يجعل غالبية أبناء الجالية غير قادرين على تنظيم مظاهرات تضامن أو رفض لما يجري في مصر.
وسيطرت حالة من الانقسام الشديد على أبناء الجالية تجاه المليونية. وقال عمر شيخ العرب (30 عاما) إنه يؤيدها انطلاقا من رفضه لكل ما جاء في الإعلان الدستوري، مشيرا إلى أنه وإن كان يؤيد إبعاد النائب العام لكنه أيضا ضد تعيينه من قبل السلطة التنفيذية. وأضاف أن «الرئيس خلف قرارات استبدادية بأخرى شعبوية ليؤكد بذلك أنه ليس رئيسا لكل المصريين وإنما لجماعة الإخوان فقط».
أما علاء عبد الفتاح (47 عاما) فأكد أنه يرفض فكرة المليونية تماما لكونه يؤيد قرارات الرئيس، التي رأى إنه مجبر عليها. وأضاف «المليونية اختلط فيها الحق والباطل. من حق أي ثوري لا يعرف الإخوان أن يشارك فيها، لكن عليه أن يعرف أنه جميع الخاسرين يجتمعون معه سواء من خسر الانتخابات السابقة أو من خسر المصالح والأموال غير الشرعية التى ربحها قبل الثورة، لذا يمكن أن نطلق عليها مليونية الحق الملوث بالباطل».
في قطر تناقض بين موقفي مجلس الجالية وأبنائها
وفي قطر، لم تجد دعوة التظاهر تفاعلا يذكر من الجانبين. وشنت الصفحات الإلكترونية الخاصة بالمصريين حملات للتقليل من أهمية تلك التظاهرات، ووصفتها بإنها «تعود بفلول النظام السابق إلى واجهة الحياة السياسية»، وبأنها «انقضاض على شرعية الرئيس المنتخب».
وشهد المصريون في قطر مفارقة تمثلت في إعلان مجلس الجالية على صفحته الرسمية تأييده لقرارات الرئيس، في حين أعرب الكثيرون من أبناء الجالية أنفسهم عن أن هذا الموقف لا يعبر عن جموعهم. وقال علي حسين إن مليونية الثلاثاء «دليل على أن الثورة لن تموت. وأنها لن تسمح بعودة أي شكل من أشكال الديكتاتورية».