التفاصيل الكاملة لـ«مذبحة جنود رفح الثانية»

شهدت منطقة «سدود» بطريق العريش - رفح الدولى بشمال سيناء، الاثنين، جريمة إرهابية بشعة راح ضحيتها 25 جندياً وأصيب 3 آخرون، وتبحث أجهزة الأمن روايتين وراء تنفيذ الجريمة، الأولى أن هناك اختراقاً من جانب العناصر الإرهابية لمديرية أمن شمال سيناء، وأنه تم رصد الجناة من منطقة القنطرة شرق بالإسماعيلية حتى وصلوا لموقع الحادث، والأخرى أن أحد عملاء الجماعات التكفيرية أبلغ عن الجنود عندما جلسوا على أحد المقاهى انتظاراً لانتهاء ساعات حظر التجول للتوجه إلى معسكر الأحراش، فيما أكدت مصادر الجيش أن الرد على هذه الجريمة سيكون قاسياً وفى أسرع وقت.

وقال اللواء أسامة إسماعيل، مساعد وزير الداخلية لأمن شمال سيناء، إن الجنود كانوا يستقلون سيارتى ميكروباص فى طريق عودتهما إلى معسكر «الأحراش»، واعترض طريقهم مسلحون كانوا يقفون بسيارتى دفع رباعى فى عرض الطريق، فى الساعة السابعة والربع صباحاً، وأجبروهم على النزول من السيارتين، وأمروا السائقين بالمغادرة ثم طرحوا الجنود أرضاً على وجوههم وأعدموهم رمياً بالرصاص.

وأضاف «إسماعيل»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أن قوات الجيش والشرطة بدأت تمشيط المنطقة عبر دفع قوات كبيرة إليها، بحثاً عن منفذى الهجوم، وتم تحديد عدد من المشتبه فيهم.

وأشار مصدر أمنى إلى أن مناظرة الجثث أوضحت أنه تم إطلاق أعداد كبيرة من الرصاص على الجنود، وغالبية الإصابات عبارة عن طلقات فى الرأس والصدر، موضحاً أن معظم الضحايا كانوا متجهين إلى معسكرهم لإنهاء إجراءات نهاية خدمتهم بالتجنيد، وتسلم شهادة تأدية الخدمة العسكرية، وأن عددًا كبيرًا منهم كان «رديفا»- دفعة 1 سبتمبر المقبل.

وقال المصدر، طلب عدم نشر اسمه، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، إن لجنة أمنية على مستوى عال مكونة من ضباط الأمن العام والأمن الوطنى والمخابرات الحربية والعامة بدأت العمل فور وقوع الحادث لتحديد هوية المخططين ومنفذى الجريمة، مشيراً إلى أن اللواء أحمد وصفى، قائد الجيش الثانى الميدانى، يتابع الموقف من خلال غرفة العمليات بأحد المقار العسكرية بمدينة العريش.

وأضاف أن الجنود كانوا فى إجازتهم الاعتيادية، وجهزوا أنفسهم للذهاب للمعسكر لتسليم متعلقاتهم «المِخْلة»، والحصول على شهادة تأدية الخدمة، وأنهم تجمعوا فى موقف «المرج»، صباح الأحد، وغالبيتهم من محافظات وجه بحرى وتحديداً محافظة المنوفية.

وتابع: «اتفق الجنود مع سيارتى ميكروباص على توصيلهم للمعسكر، وبدأوا الرحلة فى الثالثة فجرًا، وتسبب إغلاق كوبرى السلام، الذى يربط محافظتى سيناء والإسماعيلية، إلى انتظارهم فترة طويلة حتى عبروا الضفة الشرقية للقناة عبر معدية القنطرة، ووصلوا إلى مدينة العريش فى الساعة السادسة والنصف، وتوجهوا إلى معسكرهم لكن مدرعات الجيش استوقفتهم وأمرتهم بالعودة مرة أخرى إلى مدينة العريش، نظراً لسريان حظر التجول، فنفذوا التعليمات، وعادوا إلى العريش وانتظروا على أحد المقاهى طوال الليلة».

وأكمل: «أحد العملاء اتصل هاتفياً بالجماعات التكفيرية، وأبلغهم بوجود عدد كبير من الجنود على المقهى، وفى طريقهم للعودة إلى معسكر الأحراش فى السادسة صباحاً بعد انتهاء وقت الحظر تمت مراقبة الجنود حتى وصلوا إلى منطقة غير مأهولة بالسكان عند قرية سدود، التى كان ينتظرهم عندها الجناة الذين أنزلوهم من السيارتين، وطرحوهم أرضاً وقيدوا أياديهم من الخلف، ثم أطلقوا عليهم وابلاً من الرصاص، ما أسفر عن استشهاد 25 منهم، وإصابة 3 آخرين، اثنان فى حالة حرجة، والثالث مصاب بانهيار عصبى».

وأشار إلى أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، أمر بنقل المصابين والجثث بواسطة طائرة حربية من مطار العريش إلى القاهرة لعلاج المصابين، وأن الطائرات المروحية العسكرية قامت بتمشيط المنطقة لملاحقة الإرهابيين.

ولفت إلى أن التحريات الأولية تشير إلى تورط (ك.ع)- أحد المحكوم عليهم بالإعدام فى قضية الهجوم على قسم شرطة ثان العريش فى 2011 - المتهم بخطف 7 جنود فى مايو الماضى، وجار تحديد عناصر أخرى متورطة فى الجريمة.

وقال مصدر أمنى إن معرفة الجناة بموعد وصول ميكروباصى الجنود بهذه الدقة تشير إلى أن هناك اختراقاً من قبل الإرهابيين لمديرية أمن شمال سيناء، مشيراً إلى أن الإرهابيين خططوا للعملية بعناية فائقة منذ خروج المجندين من القنطرة شرق، وتمت متابعتهم طوال الطريق من خلال عناصر تابعة للإرهابيين وتم رصدهم بعناية فائقة طوال الـ 200 كيلو متر حتى وصلوا إلى موقع الحادث. ورجح أن يكون الهجوم الإرهابى رداً على مقتل 36 من عناصر الإخوان فى أحداث سجن أبوزعبل الأحد.

وأكد مصدر عسكرى رفيع المستوى أن التحريات تشير إلى تورط عناصر أجنبية إرهابية من أفغانستان واليمن وفلسطين وسوريا، مشيراً إلى أن قادة قوات الجيش والشرطة اجتمعوا، الاثنين، لبحث الرد بشكل قوى على مذبحة قتل الجنود، مؤكداً أن الرد سيكون قوياً ومدروساً وفى أسرع وقت وأكبر مما يتصور أحد، واصفاً الجريمة بـ«عملية بربرية وحشية».

وأضاف أن اللواء أحمد وصفى، قائد الجيش الثانى الميدانى، سيعقد لقاء مع مشايخ القبائل بالعريش لإطلاعهم على آخر التطورات الأمنية، وتفاصيل الجريمة البشعة، ومطالبتهم بالوقوف مع القوات المسلحة فى محاربة الإرهاب، مشدداً على أن القوات المسلحة والشرطة ستقومان خلال ساعات بتنفيذ خطة دقيقة ومحكمة لعملية عسكرية برية وجوية تستهدف البؤر الإرهابية فى منطقة الشيخ زويد ورفح.

وأغلقت السلطات الأمنية معبر رفح من الاتجاهين لأجل غير مسمى بعد وقوع الحادث. وأشار المصدر إلى أنه ليس من المتوقع أن يتم فتح المعبر فى القريب العاجل، فيما رفعت قوات الجيش والشرطة درجة استعداداتها إلى الدرجة القصوى، وانتقلت قيادات أمنية وعسكرية إلى مدينة العريش لمتابعة الموقف على الأرض.

من جهة أخرى، استشهد ظهر الاثنين الرائد أحمد محمد جلال، من مديرية أمن شمال سيناء، متأثراً بجراحه بعد أن قامت عناصر إرهابية باستهدافه بميدان الساعة بجوار البنك الأهلى، وإطلاق النار عليه بكثافة، وتم نقله إلى المستشفى العسكرى إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة بغرفة العمليات.