أفردت الصحف الإسبانية مساحات كبيرة للاحتفال بمن أطلقت عليه «أسطورة ميسى» بعد نجاحه فى تسجيل ثلاثة أهداف فى مرمى «سرقسطة» بالدورى الأسبانى، وهو ما جعل بعض الصحف تكتب أنها لم تجد عبارات تصف بها ميسى أكثر مما قالت من قبل، وتساءلت بعض الصحف هل تجاوز ميسى إمكانيات ومهارات المدير الفنى لمنتخب بلاده الأسطورة «دييجو مارادونا».
وعلق حارس المنتخب الإسبانى المعتزل «سانتياجو كانيزاريس» على أداء نجم برشلونة، الذى قاد فريقه نحو الفوز على ريال سرقسطة بملعبه 4/2 «عندما كانت الكرة تصل إلى المهاجم السويدى زلاتان إبراهيموفيتش، كان الحارس يشعر بالراحة، أما عندما كانت تصل لميسى فكان الأمر مختلفاً الحقيقة أن ميسى الآن أصبح شيطانا».
وسجل ميسى ثلاثة أهداف «هاتريك» للمباراة الثانية على التوالى فى الدورى الإسبانى وقدم واحدة من مبارياته التى لن تنسى، بفضل مهاراته الفردية الرائعة وسجل الأرجنتينى ثمانية أهداف من آخر تسعة أحرزها فريقه فى الدورى الإسبانى، وأحرز عشرة أهداف من آخر 13 سجلها النادى الكتالونى فى المباريات الرسمية، بإضافة مباراة شتوتجارت الألمانى فى إياب دور الستة عشر لبطولة دورى أبطال أوروبا.
وأدت جمال أهدافه وأهميتها الكبيرة فى مباريات برشلونة الأخيرة إلى مقارنة العديد من الصحف الإسبانية بينه وبين أفضل مستوى قدمه مارادونا عندما كان لاعبا وقال خوليو مالدونادو، أشهر المعلقين بقناة «كانال بلس»، أحد أكثر عشاق المدير الفنى الحالى لمنتخب الأرجنتين: «لم أكن أعتقد أننى قد أقولها فى حياتى، لكننى بدأت أتساءل إذا ما كان ميسى أفضل من مارادونا».
وتكرر أمام سرقسطة ما حدث أمام ألميريا وفالنسيا، حيث سرق ميسى الأضواء وأنقذ فريقه من عروض متواضعة شهدت أخطاء دفاعية واضحة، وفتح ميسى طريق الفوز أمام سرقسطة، قبل أن يؤكده بلعبات متميزة.
أما خوان لابورتا، رئيس نادى برشلونة، فلم يعد يسأل نفسه هذا السؤال، رغم أن ناديه تألق فى صفوفه من قبل الجناح الهولندى يوهان كرويف ومارادونا نفسه «أعتقد أن ميسى هو أفضل لاعب فى تاريخ كرة القدم العالمية».
ودلل الهدف الأول للأرجنتينى على التنوع الكبير فى قدراته الهجومية، حيث تلقى ميسى كرة عرضية من يدرو وأعد جسده بطريقة مثالية لإطلاق ضربة رأس على عكس اتجاه الحارس روبرتو.
وقدم ميسى، الذى يتصدر قائمة هدافى الدورى الإسبانى برصيد 25 هدفا، بأفضل عرض له هذا العام فى الشوط الثانى من اللقاء. فعندما كان برشلونة حائرا بين سلبية سرقسطة وعدم قدرته على دعم النتيجة، ظهر المنقذ من جديد لإطفاء الشكوك، وسرق ميسى كرة من نصف الملعب وبدأ تحفة ملحمية جسد بها الهدف الثانى. فالأرجنتينى لم يتلق الكرة من أحد، بل قاتل للحصول عليها، وترك فى طريقه الأورجوانى كارلوس ديوجو قبل أن يتلاعب مرتين بالإيطالى ماتيو كونتينى، ثم يطلق تسديدة أرضية بيسراه بجوار القائم البعيد.
وغامر الظهير البرازيلى دانى ألفيس، الذى يتقاسم مع الأرجنتينى قيادة الجبهة اليمنى الهجومية بالقول «إنه لا تساورنى أى شكوك فى إمكانية مقارنته بمارادونا، وليو لا يزال لديه الوقت لتقديم المزيد، لأنه صغير السن ,بالتأكيد سيكون أعظم من مارادونا».
أما الهدف الثالث فكان مثالا على سرعة اتخاذ القرار بتسديدة من خارج المنطقة، وبعد أن اقترب سرقسطة بتسجيل هدفين، جاء ميسى وأنهى الأمور بفاصل من المراوغة حصل به على ضربة جزاء، ليتوج ليلته الخالدة فى ملعب «لاروماريدا» قبل أن يتلاعب بالدقاع ويتسبب فى ضربة جزاء أهداها إلى ابراهيموفيتش ليسجل الهدف الرابع .
وقال المدير الفنى لسرقسطة خوسيه أوريليو جاى «لم يعد لدى صفات. لا أعرف إذا ما كان لاعبا من كوكب آخر أو ماذا، لكننى عدت إلى مشاهدة مارادونا فى أفضل صوره» أما الصحف الصادرة فى إسبانيا، فابتعدت عن تلك المقارنة لتصب اهتمامها على ازدهار «عصر ميسى».
وقالت صحيفة «الموندو ديبورتيفو» «عندما يمر بعض الوقت، سيتم تذكر كل ذلك على أنه عصر ميسى، وسيكون وقتها من المميز أن يقول المرء لقد عشت عصر ميسى. برشلونة لديه أفضل لاعبى العالم، وجماهير برشلونة تستمتع بذلك».
ولم تخجل صحيفة «سبورت» من إغداق المزيد من المديح على نجم التانجو «إنه الأفضل فى كرة القدم على مستوى العالم حاليا، كائن أرقى يمنحه لعبه تألقا أكثر من الآخرين، وهو الصانع الأول وراء أفضل برشلونة على مر التاريخ. قادر على الظهور فى كل مكان وتقديم كل المهارات. كل ذلك وأكثر هو ميسى، المبدع والمنقذ فى برشلونة».
حتى صحافة مدريد لم يكن بمقدورها سوى الاعتراف بالمهارات الكبيرة لميسى، حيث قالت صحيفة «آس»: «إننا أمام لاعب خارق، وعندما يكون لاعب من هذه النوعية فى حالته فإنه قادر على الفوز بالمباريات وحده».
أما صحيفة «الباييس» فقالت «إن الذاكرة لا تستدعى مهاجما آخر يتمتع بهذه الرؤية المتميزة للملعب دون النظر إلى زملائه مثل ميسى ولا يوجد من هو قادر على اللعب بسرعته إنه يعدو أسرع من الكرة، ويمر من المنافسين دون أن يهتم إذا ما كانوا لاعبى وسط أو مدافعين ويسدد كرات كرصاصات القناصين المحترفين».
عاد ميسى للمس سماء كرة القدم بشخصيته وبمهاراته وبذكائه فى اللعب ويبدو أن لقاءه مع مارادونا «السبت» الماضى بأحد فنادق برشلونة قد أتى بثماره فى سرقسطة.
وعلى مسافة شهرين ونصف الشهر من كأس العالم، يسير ميسى نحو أهم تجربة قد تثبت بحق إذا ما كان اللاعب الأفضل فى التاريخ، لكن الأهم من ذلك أن يثبت إذا ما كانت لديه الرغبة فى أن يكون كذلك.
من جانبه وصف ميسى هدفه الثانى فى مرمى سرقسطة بـ«التحفة الفنية» مبدياً رغبته فى الاستمتاع بمشاهدته على شاشة التلفاز، وقال:الهدف الثانى لا أعرف إذا ما كان أجمل الأهداف التى سجلتها.. فلقد تم كل شىء بسرعة كبيرة، وأود أن أشاهد ذلك على شاشة التلفاز.