بينما تسعى العديد من شركات حديد التسليح إلى تنشيط مبيعاتها، فى ظل المنافسة المحتدمة مع «المستورد»، ثبتت شركة حديد عز، أكبر منتج للحديد فى السوق المحلية، أسعارها لشهر مارس الحالى، الأمر الذى اعتبره عاملون فى القطاع بمثابة عنصر ضغط على الكيانات الأخرى، مما يجبرها على عدم تحريك الأسعار صعودا، كنوع من تعويض ما وصفته بـ«الخسائر» التى لحقت بها جراء الفجوة الحالية بين المبيعات وطاقة المصانع الإنتاجية.
وقررت مجموعة «عز الدخيلة»، تثبيت أسعارها عند نفس مستويات الشهر فبراير الماضى، لتتراوح بين 3350 جنيهاً و3470 جنيهاً للطن للمستهلك، حسب الموقع الجغرافى، ونحو 3280 جنيهاً للطن تسليم أرض المصنع.
قال سمير نعمان، رئيس قطاع المبيعات بمجموعة عز لـ«المصرى اليوم» إن الشركة فضلت تثبيت أسعارها للشهر الحالى رغم اتجاه الأسعار العالمية إلى الزيادة، وذلك حرصا على عدم اصطدام الشركة بعملية تصحيح أسعار الفترة المقبلة، قد تتسبب فى مشاكل لاحقة للشركة وللسوق.
غير أن عاملين فى قطاع الحديد رأوا أن تثبيت «عز» لأسعارها تسبب فى حالة ارتباك شديد لباقى مصانع الحديد المحلية، ويعمق من الأزمة التى دخلتها تلك المصانع منذ عدة أشهر، من تراجع مبيعاتها إلى نحو 95 ألف طن فقط، بينما يصل إنتاج تلك الشركات وفقا لطاقاتها إلى أكثر من 300 ألف طن شهريا.
وقال أحمد أبوهشيمة منتج وموزع للحديد إن المنتجين الصغار يعيشون ما وصفه بـ«مرحلة موت بطىء»، باعتبار أنهم مجبرون على البيع بأسعار تقل عن أسعار تكلفة الإنتاج بمصانعهم بسبب منافسة المستورد التركى، مشيراً إلى أن مصانع مجموعة عز هى الأقل تأثرا بتلك المنافسة بعكس باقى المصانع.
لكن سمير نعمان، رئيس قطاع المبيعات بمجموعة عز، أكد أن شكوى باقى مصانع الحديد ناتجة عن أن معظم مبيعاتها كانت سحباً من مخزونها الراكد خلال الأشهر الماضية، فضلا عن أن أسعار مبيعاتها لا تعبر عن تكاليفها.
وأظهرت بيانات رسمية حصلت «المصرى اليوم» عليها أن مبيعات «عز الدخيلة» الشهر الماضى سجلت نحو 217 ألف طن، مقابل استيراد نحو 100 ألف طن فى نفس الشهر.
ويبدو أن حالة المنافسة مع الحديد المستورد، خاصة التركى، ستظل بمثابة عامل ضغط على الشركات المحلية، خاصة الصغيرة لعدم رفع أسعارها، خلال الفترة المقبلة، مما يزيد من مطالبها باتخاذ الحكومة إجراءات وقائية للصناعة المحلية فى مواجهة هذه المنافسة.
وقال محمد المراكبى، عضو غرفة الصناعات المعدنية إن: «الشركات تنتظر تدخلاً حكومياً لحمايتها، ونخشى أن يقضى علينا «، لكن مسؤولاً بوزارة التجارة والصناعة، أكد أن مصانع الحديد تقدمت بشكوى واحدة للوزارة لفرض رسم وقاية على الواردات من الحديد، ولم يتم استيفاء بياناتها حتى الآن، الأمر الذى يجعل الشكوى «قيد الدراسة».
وفى هذا السياق، قال محمد حنفى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية إن قطاع الاتفاقيات التجارية بوزارة التجارة والصناعة سيحسم الأسبوع المقبل موقفه النهائى بشأن الشكوى المقدمة.
وفى ظل هذه الأجواء، يبدو أن شركات الاستثمار العقارى ستبقى المستفيد الأكبر من حالة الاستقرار النسبى فى أسعار حديد التسليح، باعتباره أحد المكونات الرئيسية لعمليات البناء، بعد أن واجهت هذه الشركات أزمة كبيرة على مدار الأعوام القليلة الماضية، تتعلق بحدوث طفرات كبيرة فى أسعار الحديد، انعكست بشكل سلبى على عمليات البناء بالنسبة للشركات الصغيرة، وساهمت فى الوقت نفسه فى تشجيع الشركات الكبرى على رفع أسعارها لمستويات «غير مبررة»، على حد وصف العديد من الخبراء.
وقال مصطفى عبدالرشيد، رئيس شركة للاستثمار العقارى، إن تراجع أسعار الحديد خلال الفترة الماضية، واستقرارها عند مستوى 3400 جنيه للطن، بعد أن تجاوز 8 آلاف جنيه خلال عام 2008، أدى إلى نشاط شركات الإنشاءات والعقارات، فى محاولة للاستفادة من هذا الاستقرار، انتظاراً لمعاودة القطاع العقارى نشاطه خلال الفترة المقبلة.
واستبعد ارتفاع أسعار الوحدات حتى مع تزايد الطلب المتوقع خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن ثبات سعر الخامات حاليا إلى جانب حالة الركود التى سيطرت على الأسواق خلال الفترة الماضية، سيؤديان إلى استقرار مستويات أسعار الوحدات عند مستوياتها الحالية.
كانت دراسة أجرتها شركة «سى.إم.سى.إس» العاملة فى مجال توفير حلول إدارة محافظ المشاريع، قد توقعت ارتفاع معدل الإنفاق على قطاع البناء فى مصر إلى 7.3 مليار دولار بحلول العام 2015.
وأشارت الدراسة إلى أنه من المتوقع زيادة حجم الإنفاق على قطاع الإنشاءات السكنية فى الدولة إلى 606 ملايين دولار بحلول 2015، حيث تعزى هذه الزيادة إلى عدد من العوامل الرئيسية مثل الارتفاع فى معدل الدخول المتاحة للإنفاق وتطوير مناطق سكنية جديدة إلى جانب تنفيذ سياسات حكومية جديدة للمساعدة على خلق نظام تمويل سكنى أقوى فى الدولة