كان «أنس» يلعب مع إخوته عندما سمع دويَّ 4 انفجارات قبل أن يشعر بحرارة تشتعل في رأسه، بينما حجارة منزله تسقط فوق جسده.
يرقد الآن أنس الجمل، الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، في مستشفى الشفاء بغزة، ملفوفًا بالضمادات. وهذه هي المرة الثانية التي تصيبه رصاصات الجيش الإسرائيلي، إذ أصيب إصابات متوسطة في الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2008.
بصوت ثابت وعينان تملأهما الدموع الراكدة قال «أنس»، والذي دُفن تحت ركام منزله، بعد تعرضه للقصف: «كنت ألعب مع إخوتي في المنزل وفجأة سمعنا دوي 4 انفجارات قبل أن أشعر بحرارة مشتعلة في رأسي، وتتساقط علي حجارة الدار».
وأضاف لـ«المصري اليوم»: «من شدة الصوت وقوته، تخيلت أن الصواريخ تخرج علينا من الأرض، وتسقط علينا من السماء مرة واحدة». تحدث أنس والضمادات تلف رأسه ويده اليمنى.
وقال: «لا أعرف كم استغرقت تحت الركام، لكن ما أتذكره هو أنني عندما بدأت أستوعب ما يجري من حولي، سمعت صوت رجل كأنه صوت قادم من بعيد، ثم أزاح هذا الرجل عني كل الركام وحملني ومعه عدد من الناس».
«أنس» لم يُصب وحيدًا، بل كان والده معه. يقول «بسبب قوة القصف وكثرته، تخيلت أن أكثر من 100 صاروخ تخرج من الأرض وتتجه نحوي. هذا القصف وبهذه الطريقة كنت أشاهده على شاشات التلفزيون فقط».
بجوار سرير «أنس» ترقد «الحاجة فايزة»، بوجه متورم ويد ملفوفة وعيون تخرج منها نظرات الألم على أحبة جاءوا للاحتماء بها. لكنها وإياهم أصيبوا نتيجة القصف.
قالت «الحاجة فايزة» لـ«المصري اليوم»، إنها أصيبت يوم السبت حوالي الساعة 6 مساء بقصف منزلها في معسكر «جباليا» للاجئين، شمال قطاع غزة.
ومضت واصفة ما حدث لها قائلة: «دفنا جميعنا تحت الأنقاض. كنا 10 أفراد، وأصبت أنا وزوجي بجروح خطرة. الآن هو يعالج في مصر، بالإضافة إلى بنتي المتزوجتين واللتين جاءتا لزيارتنا ومعهما أطفالهما الـ4».
الحاجة فايزة، التي أصيبت بكسور في يدها وشظايا صاروخية في رأسها أكدت أنه «لا يوجد أي مكان عسكري مستهدف بجوار بيتها، إنما القصد من القصف هو كل المدنيين»، على حد قولها، الذي يتطابق مع شهادات سائر المدنيين الذين تحدثنا معهم في مجمع الشفاء.
ففي قسم آخر من المجمع الطبي، وجدنا الشاب «شادي خلة» خارجا لتوه من عملية جراحية في العظام، جراء إصابته بجروح يوم القصف الجمعة الماضية. وقال بصعوبة إنه كان يجلس على باب منزله حينما سقط صاروخ بجواره هو وعدد من الأطفال، بما أدى إلى إصابته واستشهاد طفلين ممن كانوا معه.