أثار عرض مسلسل «نيران صديقة»، الذي قام ببطولته كل من الفنانين: «منة شلبي، رانيا يوسف، كندة علوش، عمرو يوسف، محمد شاهين»، قضية رأي عام في حكومة شمال العراق، بسبب تناول العمل لقضية سياسية قديمة تتعلق باعتقال السلطات العراقية عام 1988 لآلاف الأسر الكردية في إطار حملة عسكرية ضد المعارضة سُميت آنذاك بـ«الأنفال»، وحسبما جاءت أحداث المسلسل فإن السلطات العراقية نقلت 18 من فتيات تلك الأسر إلى مصر للعمل في ملاهٍ ليلية، وهو ما أثار موجة كبيرة من السخط بين الأوساط العراقية.
وقال المتحدث باسم وزارة الشهداء بحكومة إقليم شمال العراق، فؤاد عثمان، معلقًا على أحداث المسلسل: «القضية كبيرة تستدعي متابعة من الحكومة، وسبق أن تمت متابعة الموضوع إثر الحصول على وثيقة مخابراتية عراقية بعد الإطاحة بنظام حكم صدام حسين عام 2003، أظهرت مخاطبات داخلية بين المخابرات جاء فيها أن 18 من الفتيات الكرديات المعتقلات جاهزات لإرسالهن إلى مصر للعمل في الملاهي هناك».
وأضاف «عثمان»: «سنذهب في وفد من وزارة الشهداء إلى القنصلية المصرية الثلاثاء المقبل، في (أربيل) لنعرض الموضوع عليهم ونطلب مساعدتهم في الوصول لأولئك الفتيات».
وتوقع «عثمان» أن تتعاون القنصلية المصرية في متابعة القضية، مبررًا ذلك بأن مصر لها مصالح في العراق، مستطردًا: «نريد أن نعرف من أين أتى مخرج وكاتب المسلسل بمعلومات قضية هؤلاء الفتيات».
وقال مدير عام ديوان وزارة الداخلية بحكومة إقليم كردستان العراق، طارق كردي: «حكومة الإقليم تعد الكوادر المتخصصة التي بإمكانها إجراء فحوص الحمض النووي على رفات الضحايا في عملية (الأنفال)».
وأوضح الكاتب والباحث العراقي المتخصص في قضية «الأنفال»، عارف قورباني، أن الموضوع حساس، ويضع حكومة إقليم شمال العراق أمام مسؤولية تاريخية، عليها أن تتحرك بإرسال وفد رفيع إلى الخارجية المصرية لتعقب الموضوع والوقوف على حقيقته، وليس إرسال طلبات وكتب ومخاطبات حول الموضوع.
وأضاف «قورباني»: «إذا ظهر أن الموضوع صحيح فمن حقنا أن نشتكي السلطات المصرية لدى الأمم المتحدة ونطالبها بالتعاون وتقديم الاعتذار للشعب الكردي، وإذا لم يكن للموضوع أساس فستقوم حكومة الإقليم بإغلاق الملف وإعلان ذلك».
واختتم: «بين حين وآخر يفتح الموضوع منذ سنوات وبه تفتح جراح أقرباء ضحايا (الأنفال)، لأن القضية كبيرة تتعلق بشرف الأسر».
كان العمل تطرق في الحلقة الخامسة من أحداثه إلى اعتراض صاحب ملهى ليلي بمصر على قيام مساعده بتشغيل 18 فتاة عراقية ذوات أصول كردية كراقصات، ويبرر مساعده ما فعله بأن هناك من أمره بفعل ذلك، ليتضح فيما بعد أن والد صاحب الملهى هو من أمر بذلك، فيدور حوار ساخن بين الأب والابن، يطلب خلاله الابن تفسيرًا من والده عن سبب دفعه بتلك الفتيات للعمل في ناديه، فيبرر الوالد ذلك بأنه أفضل لهن العمل كراقصات بدلًا من أن يقتلهن صدام حسين، كما فعل مع ذويهن، فيأتي رد الابن بأن القتل أفضل لهن، لأنهن سيصبحن شهيدات بدلاً من أن يعملن راقصات، وينتهي حوارهما باتهام يوجهه الابن لوالده بأنه بات يعمل مع العصابات.
كانت السلطات الكردية أعلنت أن السلطات العراقية اعتقلت 182 ألف شخص خلال حملة «الأنفال» بينهم نساء وأطفال، ونقلتهم إلى معسكرات اعتقال جماعية قبل أن تنقلهم إلى مواقع أخرى ثم تصفيهم سرًا وتدفنهم في المناطق الصحراوية بجنوب البلاد، وتمكنت السلطات في إقليم شمال العراق عام 2003 من التوصل إلى موقع عدد من المقابر الجماعية التي دفن فيها ضحايا النظام السابق واستعادة رفات نحو 3 آلاف منهم، وتتواصل عملية البحث عن رفاة الباقين.