الشيخ أحمد الرزيقي.. ترك الدراسة من أجل «رحلة مع القرآن»

كتب: أسامة الشاذلي السبت 03-08-2013 17:34

لم يكن الصغير يعرف أنه في تلك الليلة الباردة،عندما توقف عند بيت أحد أعيان قريته مع جمع من الناس ليستمع لصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد يرتل أيات الذكر الحكيم سنة 1950 في المذياع، أن حياته بالكامل سوف تتغير، حيث قرر صاحب الاثنى عشر عام حينها الطفل أحمد الرزيقي أن يترك المدرسة ويلتحق بالكتاب لحفظ القرآن الكريم، وهو ما باركه والده حينها وألحقه بالكتاب ليحفظ القرآن كاملاً في 3 سنوات على يد الشيخ محمود إبراهيم وهو رقم قياسي يصعب تكراره، حققه العاشق بقلب المتيم بكتاب الله، وهو ما كافأه عليه الوالد أيضاً بأن اشترى له مذياعاً ليتابع كبار القراء.

ثم التحق بمعهد القراءات ببلدة  «أصفون» القريبة من قريته - الرزيقات - ليدرس التجويد على يد الشيخ محمد سليم المنشاوى، لينتقل بعدها لمدينة الأقصر والتي عاش فيها من عام  1961 وحتى عام 1974، حيث ولد الشيخ احمد الرزيقى فى الثامن من شهر فبراير عام 1938 بالرزيقات مركز ارمنت بمحافظة قنا قبل إنتقاله للأقصر، وبعد ذلك ذاع صيت الشيخ أحمد الرزيقي في كل مدن وقرى الوجه القبلي فانهالت عليه الدعوات ليسهر رمضان, ويحي المآتم والمناسبات الدينية, وأصبح محل ثقة وحب الجميع في صعيد مصر، بفضل الموهبة التي حملت صاحبها على أجنحة الالتزام والتقدير والاعتزاز بكتاب الله عز وجل .     

لم ينس الشيخ أحمد الرزيقي زيارته الأولى للقاهرة للإختبار في الإذاعة ليتم إعتماده قارئاً للقرآن الكريم، حين اصر الشيخ الغزالي على أن يقرأ سورة «التغابن» تجويداً، وكان لا يجيدها إلا ترتيلاً، وحاول إقناع الشيخ الكبير الذي رفض وأصر على موقفه، فتبخر حلم النجاح من قلب الشيخ الشاب، إلا أن المرحوم الدكتور عبدالله ماضي الذي كان عضواً في لجنة الإستماع أيضاً أنقذه، واقنع الشيخ الغزالي، الذي استحسن الترتيل ومنح الرزيقي ثناء خاصاً، وهو ماجعل الرزيقي يصر على قراءة سورة التغابن في دولة قطر عام 1985، حين دعي لإحياء شهر رمضان بصحبة إمامه الكبير الشيخ الغزالي الذي كان حاضراً، ليذكره بما حدث ليلة الإختبار.

ولم يكتف الشيخ الشاب بعد ذلك بالعلوم القرأنية فقط بل التحق بمعهد الموسيقى العربية ليدرس الموسيقى على يد الموسيقار محمود كامل، حريصاً على تطبيق مبدأه الذي آمن به طيلة عمره أن يتذوق الكلمة أولاً، فإذا كان طعمها مستساغًا ينطقها, ولكنها إذا كانت مُرة المذاق, فسوف تكون أكثر مرارة إذا خرجت من لسانه.

سافر الشيخ أحمد الرزيقي إلى العديد من دول العالم، ومكث فترة طويلة في مدينة لندن متفرغاً للدعوة، حيث وصل عدد من يدخلون الدين الإسلامي على يديه إلى 150 شخص يومياً، ونجح بعد زيارته إلى استراليا أن يقنع شيخ الأزهر الشيخ  جاد الحق على جاد الحق بأن يرسل شيوخ ودعاة بانتظام إلى القارة البعيدة، وخلال حضوره مع استاذه الشيخ عبدالباسط عبدالصمد مهرجان ايام الموسيقى العربية في باريس طالب الشيخ الشاب بإضافة حق الأداء العلني  لقراء القران الكريم من جمعية الملجنين والمؤلفين.

كان سباقاً مقداماً دائماً، فاختارته السيدة نفيسة بتوفيق الله ليكون قارئاً وإماماً لمسجدها، قبل أن يتم إنتخابه وكيلاً لنقابة قراء القرآن الكريم، ويحصل عام 90 على وسام الجمهورية في الإحتفال بليلة القدر، حتى رحل عن دنيانا في في الثامن من ديسمبر عام 2005م ، بعد أن ترك العديد من التسجيلات القرآنية التي تتداولها الإذاعات العربية.