مسعد أبوفجر بعد الإفراج عنه لـ«المصري اليوم»: أرفض سحب ملف سيناء من «الداخلية»

كتب: صلاح البلك, أحمد أبو دراع الخميس 15-07-2010 00:08

العريش ــ صلاح البلك وأحمد أبودراع :

قال الأديب والناشط السيناوى مسعد أبوفجر، فى أول تصريحات له عقب الإفراج عنه، إنه لا يوافق على سحب ملف سيناء من يد الداخلية وإسناده إلى جهات سيادية أخرى، لافتاً إلى أنه داعية لمشروع الدولة المدنية، وسيواصل نضاله السلمى للمطالبة بحقوق المواطنة مثل جميع المصريين، مؤكداً أنه يشعر بمصريته الآن أكثر من أى وقت مضى.

وأضاف فى حواره مع «المصرى اليوم» - التى كانت أول من التقاه فى منزله بمدينه العريش، بعد الإفراج عنه فى أعقاب اعتقاله الذى استمر لأكثر من عامين أو كما يحلو له أن يحصيه (عامان و6 أشهر و17 يوماً)-: إن بدو سيناء ليست لديهم شهوة للصدام مع الأمن، منتقداً أوضاع المعتقلين التى لا تتناسب ومكانة مصر.

■ هل تعرضت لمضايقات داخل المعتقل.. وماذا عن تجربتك خلال فترة الاعتقال؟

- هى تجربة بلا بداية أو نهاية، إنها قدر كالزلزال أو البركان وما على الإنسان إلا أن يتوافق مع الأوضاع، وما يحدث فى السجون المصرية حرام، فاستقبال المساجين يتميز بالوحشية، ولم أكن أرى الشمس إطلاقاً سوى عند زيارة أسرتى، ونبقى فى الزنازين أكثر من 20 يوماً ويقتصر خروجنا على المتر الفاصل بين الزنازين التى تملأها رائحة الموت والصمت اللذان يحلقان فوق رؤوسنا دون أمل، لكن أسوأ ما فى المسألة التفتيش الذى تتعرض له السجون، حيث يتم التعامل معنا كأشياء أو حيوانات، يجمعنا الجنود بالعصى ويتم إخراجنا من العنابر إلى الممرات وأيدينا فوق رؤوسنا ونقوم بتجميع كل محتويات الزنزانة فى كومة حطام ونمضى يوماً كاملاً بحثاً عنها بعد ذلك، إنها أوضاع لا إنسانية ولا تتناسب مع وطن اسمه مصر، له مثل تاريخه، وبالنسبة لى فقد تم وضعى مع محكومين بالمؤبد ولك أن تتخيل أن الزنزانة المخصصة لثمانية أفراد يقيم بها أكثر من 60، والنوم ورديات بالدور، ولست حريصاً على أن أتذكر المزيد من بقايا الأيام السوداء، لكنى أثمن دور كل من طالب بالإفراج عنى وأرى فيه جزءاً مهماً من المسيرة التى أوصلتنا إلى العودة لحياتى والإفراج عنى، وإن كنت تعرضت فى بعض الأحيان لممارسات أفقدتنى الثقة تماماً فى إمكانية حدوث تغيير فى موقف الحكومة وليس فىّ كشخص، ولكن من القضايا التى طالما دافعت عنها.

■ كيف ترى قرار الإفراج عنك فى هذا التوقيت؟

- أعتقد أن الحكومة أدركت حجم خطئها مع البدو، وأدركت أنها أمام نتائج دراماتيكية، قد تؤدى إلى حرائق لا قبل لنا أو للحكومة بها، كما أن الإفراج عنى جاء نتيجة جهود مؤسسات المجتمع المدنى التى لم تتوقف عن متابعة القضية ولم تيأس من الإفراج عنى، بالإضافة إلى الصحف المستقلة وجهود منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية، التى ساهمت بشكل كبير فى إبراز الحراك على أرض سيناء، ومتابعة مسيرة المطالبة بحقوق المواطنة لأهل سيناء مثلهم مثل باقى المصريين، ولن تتوقف. وعلى الحكومة أن تتعامل بالقدر المناسب من المسؤولية والوعى بأن الأشخاص لا يشكلون خطراً على مستقبل الوطن خاصة أولئك الذين يعتمدون النضال السلمى، لكن الخطورة أن يغيب الوعى وينعدم الفهم لطبيعة الأماكن والسكان وتُعتمد العصا والقوة بدلاً من التفاوض وتلك هى القضية، بل النتيجة التى يجب أن نصل جميعاً إليها بما يكفل باعتماد أسلوب جديد لحل قضايا المجتمع المصرى، ليس فى سيناء فحسب، ولكن فى كل شأن مصرى، تجنباً لمزيد من الصدامات التى باتت سمة أساسية وحدثاً شبه يومى نتيجة الافتقار للنية الحقيقية فى اعتماد سياسات ذات توجهات أكثر مرونة فى التعامل مع المتغيرات والمستجدات.

■ ما رؤيتك لمستقبل سيناء فى المرحلة المقبلة؟

- أنا محمل بالشكوك حول نية النظام الاستمرار فى الإصلاح أو العمل الجاد لتصحيح أوضاع سيناء، وأنا شخصياً لا أميل إلى الصدام ولا أدعو إليه، وليست لدينا أى شهوة فيه، ولسنا إلا جزءاً من مشروع التعبير المصرى، وسنواصل اتصالنا السلمى من أجل حقوقنا فى إطار إيماننا بمصريتنا، التى أشعر بها الآن أكثر من أى وقت مضى، فالشعب المصرى هو السبب الرئيسى فى الإفراج عنى وهو ما نعول عليه المرحلة المقبلة فى الدفع بالأوضاع نحو الاستقرار الحقيقى، فسيناء ليست إلا جزءاً من مشروع نهضة مصرية وديمقراطية حقيقية فى إطار مشروع قومى نعيشها فقد سنوات، لكننا لا نستطيع أن نفقط التفاؤل، فكل شىء يتغير ولسنا بعيدين عما يحدث عالمياً، وعلى المستوى المحلى فكل المؤشرات تؤكد أن المستقبل سيكون مختلفاً.

■ هناك من يطالب بسحب ملف سيناء من يد وزارة الداخلية وإسناده لجهات سيادية أخرى، بدعوى أن هذا هو الحل الأمثل للاستقرار والهدوء فى سيناء؟

- (قاطعنا محتداً).. لا.. لا أنا لست مع هذا الرأى، فمن غير المعقول أن تتحول إلى عسكرة الإدارة.. أنا داعية دولة مدنية.. صحيح هناك حاجة ملحة لفرملة وزارة الداخلية فى إطار القانون والقضاء وإن كانت هذه المنظومة أصعب من أن تقوم بذلك الآن، لكن أرى أنه ليس هناك مبرر لعدم قيام الأجهزة العاقلة الأخرى داخل النظام بدورها فى هذه المرحلة الحافلة بالتوترات التى تحتاج إلى إعادة نظر فيما يحدث من تجاوزات دون التراجع عن فكرة الدولة المدنية الحقيقية، وملف سيناء كغيره من الملفات به من التغييرات ما يمكن إصلاحه بسهولة فالأحكام الغيابية لا تعنى أننا أمام مجرمين وعلى من قام بهذا السحر الأسود أن يخلصنا منه، فمعظم الأحكام صدرت ضد من هرّبوا السلع إلى قطاع غزة المحاصر عبر الأنفاق والتى قد لا أتفق معها، لكنى لا أستطيع أن أخرج البدوى عن وعيه وأطالبه بالاتصال السلمى من أجل فتح معبر رفح فهو لا يعرف سوى العمل المباشر لإمداد قطاع غزة بحاجاته اليومية، ولا شك أنهم مخطئون فيما يقومون به ولكنهم ليسوا مجرمين مطلقا.. علينا جميعاً مسؤولية تجنيب أبنائنا الانزلاق إلى مبررات اعتقالهم ولا يمكن أن تقف مكتوفى الأيدى دون السعى بشكل فورى لمشروعات تنمية حقيقية من شأنها تغيير الواقع وإخراجنا من دائرة العنف.

■ وماذا عن دورك كمثقف فى مجتمع يموج بالقلاقل؟

- دورى يرتكز فى إطار مشروع يعتمد التفاوض، ونحن مع قيام المشايخ والعقلاء باعتماد سياسة «خذ وفاوض وإياك والتصادم»، ونحن صابرون وسنستمر فى التحرك بين الناس عبر قنوات الاتصال المباشر من خلال قنوات شرعية وفعلية وعشائرية تمنحها حرية العمل من أجل خلق دافع جديد ومختلف من السلطة والناس من منطلق الإدراك الكامل للشراكة الواجبة فى الحفاظ على مستقبل الوطن الذى نعيش على أرضه ونتقاسم كل شىء فيه بما فى ذلك أطروحات الدور الذى نستحقه كمصريين، وأنا واثق فى أن العالم مرتبط بتقدم مصر ذات التأثير الأهم فى التاريخ العالمى، ومن الممكن أن تستمر فى دورها فى دعم السلام العالمى.

■ وماذا عن مشروعاتك الأدبية؟

- ستصدر لى قريباً رواية «كمائن متحركة» وهى ترصد أوضاع سيناء وما حدث فيها، وعن تجربتى فى النضال والاعتقال والموقف الحضارى للبدوى السيناوى المحاصر بمفاعلات نووية من ناحية، وبشك فى انتمائه والريبة منه من ناحية أخرى.. ولا أريد التشكيك فى انتماء أحد وفى وطنيته، وعلاقتى بالدولة أكبر من الغناء أو الحديث عن الحب.. إنه عقد اجتماعى لا يمكن لأحد بموجبه أن يتهم الآخرين بالخيانة لمجرد خلاف فى الرأى والتوجه، فالحكم الفصل هو القانون والبرلمان والمؤسسات.