قال محمد الدايري، مدير المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن اللاجئين الإثيوبيين الذين يبلغ عددهم رسمياً 2621 لاجئا وطالب لجوء تقدموا خلال الأسبوعين الماضيين بما يقارب 35 شكوى بسبب اعتداءات وطرد من السكن بعد اندلاع أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، مؤكداً أهمية حماية اللاجئين الأفارقة في مصر لتعزيز مكانتها في دول حوض النيل، مشيراً إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق لم يحقق خطته الخماسية المتمثلة في رفع تحفظات مصر على اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، ووضع قانون لللاجئين.
وإلى نص الحوار:
■ ما خلفية لجوء الإثيوبيين إلى مصر وأسباب فرارهم من بلدهم؟
- يعود لجوء هؤلاء الإثيوبيين إلى مصر لاضطهاد يأخذ أشكالا عدة منها الديني، والعرقي والذي يتعرضون له في إثيوبيا، مما دفع عرق «الأورومو» الذي يشكل أغلبية السكان هناك إلى لجوء بعضهم إلى دول أخرى منها مصر، واليمن، ولكن لا يزال الملايين منهم يمكثون في بلادهم، وعرق أخرى هم «الأمهرك» فروا من بلادهم بسبب آرائهم السياسية المخالفة للنظام الحاكم، وقد بدأ توافدهم على مصر منذ عدة سنوات، وبدأ تحديداً بشكل متزايد منذ 2004 أثناء حكم مبارك.
■ ما أعداد اللاجئين الإثيوبيين لمصر؟
-أعداد اللاجئين الإثيوبيين، وفقا لآخر تحديثات قاعدة بيانات المفوضية، هو 2621 لاجئا، مع العلم بأن أعداد الإثيوبيين ليست كبيرة مقارنة بأعداد اللاجئين السودانيين واللاجئين السوريين في مصر حالياً.
■ هل سجلتهم مفوضية الأمم المتحدة جميعاً؟
- في العالم العربى، تسمح الدول بإعطاء عدد محدود للأشخاص ما يسمى اللاجئ السياسي داخل الدولة، وهؤلاء لا نعرف عددهم بالتحديد، ولكن بموجب اتفاقية مع الحكومة المصرية منذ عام 1954، نسجل اللاجئين ونحدد وضعية اللجوء، ثم نقوم بإعادة توطين بعض منهم، وحتى الآن لدينا 46 ألف لاجئ وطالب لجوء، لم يتم تحديد وضعيتهم كلهم، ولدينا تاريخ من التعاون مع وزارتي الخارجية والداخلية لتسجيل قوائم اللاجئين والتحقق من أوضاعهم، ومن جانب آخر نتعاون مع شركائنا من منظمات وجمعيات أهلية لتقديم المساعدات إليهم بعد تسجيلهم.
■ ما أبرز المشكلات التي واجهها اللاجئون الإثيوبيون في مصر؟
- توجد مشاكل عامة تواجه اللاجئين عامة، بعضها يتعلق بشغل بعض الأعمال، وأخرى مشاكل سكنية، وبعض الاعتداءات خاصة أثناء الثورة، وبالنسبة للإثيوبيين لم تكن تحدث مشاكل خاصة بهم من قبل، ولكن الوضع تغير مؤخراً خلال الأسبوعيين الماضيين، حيث تقدم بعضهم بشكوى من انتهاكات بحقهم.
والمشكلات التي توجهوا بها إلى مكتبنا خلال الشهر الحالي تمثلت في طرد بعضهم من أماكن عملهم وبيوتهم، خاصة مع عمل معظم الإثيوبيات في العمل المنزلي، فتم طرد بعضهن من مكان العمل، بالإضافة إلى اعتداءات لفظية وجسدية، وتقريبا 36 شكوى، وطلبنا من المحامي الذي يعمل معنا الجلوس مع أصحاب الشكاوى، ونحن على أعلى استعداد للنظر في أي شكوى مستقبلية، ونحن نتحقق من هذه الحالات ونراجعها مع الجهات المعنية بذلك، وخلال الأزمة الأخيرة قمنا بإرسال زملاء لنا إلى قسم شرطة المعادى لمتابعة الإجراءات والمحاضر الشرطية هناك، وأبدوا استعدادهم للتعاون مع توفير مترجمين لإمكانية التواصل مع أصحاب الشكوى من اللاجئين.
■ كيف تجاوبتم مع اعتصامهم أمام مقركم في 6 أكتوبر؟
- طلبوا خياما وغذاء ونحن لا نشجع إقامتهم بشكل مستمر، ونحترم حقهم فى التظاهر، ونقابلهم بشكل شبه يومي، ولكن الموضوع لم يحل بسبب تخوفهم من العودة إلى منازلهم، ويطالبون بتوفير حماية جسدية من خلال إقامة مخيم آمن لهم، مع العلم أن سياسة مصر لا تقبل ذلك، ونحن نرحب بموقف مصر بعدم إلزام اللاجئين بالإقامة في مخيمات، وإعطائهم حرية الحركة، سنستمر في إيجاد بيوت لمن يطلب منهم ذلك، وقمنا مؤخرا بتسجيل من لم يقم بذلك من قبل من اللاجئين، و«ياريتهم يقبلوا هذه الحلول»، مع العلم بأننا اجتمعنا باللاجئين الأمهارك يوم الخميس قبل الماضي، ولم يقوموا بتنظيم اعتصام.
ونحن نتمنى أن نجد وظائف للاجئين الإثيوبيين وغيرهم، ولكن مصر لديها تحفظات على بعض اتفاقية 1951، ولذلك لم نجد حلا لتشغيل اللاجئين بصورة رسمية، وبالطبع ذلك يؤثر سلباً على أوضاعهم فحرمانهم من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية يدفعهم إلى البحث عن فرصة أفضل في بلدان أخرى.
■ كيف تعاملت السلطات المصرية مع شكواهم؟
-أولاً يجب إيضاح نقطة مهمة، وهي أن اللاجئين لم يقدموا أي شكاوى ضد الحكومة المصرية، فهي مدركة تماماً لمهامها ومسؤولياتها تجاه اللاجئين خاصة الإثيوبيين في هذه الظروف الحالية.
ووضع مصر دولياً بالنسبة للتعامل مع اللاجئين ليس وضعاً سيئاً مقارنة بعدد كبير آخر من الدول التى يعتبر وضع تعاملها مع اللاجئين متردياً، ولكن كنا نتمنى أن يحقق المجلس القومي لحقوق الإنسان خطته الخماسية التي تتمثل في قانون للاجئين ورفع تحفظات مصر على اتفاقية 1951، لأن حماية اللاجئين سيعزز من مكانة مصر وعلاقتها مع دول حوض النيل، لاجئ اليوم سيكون مسؤولا غدا فى بلده، لذلك إذا حسنت مصر أوضاعهم سيعود ذلك بالنفع مستقبلا على علاقتها الدولية والإقليمية.
■ ما أهم تحفظات مصر على اتفاقية اللجوء؟
- تحفظها على تقنين الوضع الشخصي للاجئ بمعنى استخراج بطاقة شخصية أو جواز سفر، وحقه في التعليم في المدارس الحكومية، فاللاجئ لا يعامل معاملة المصري في التعليم ولكن هناك بعض الجنسيات مسموح لها بالتقديم في المدارس الحكومية مثل السوريين، والسودانيين، في حين غير مسموح لجنسيات أخرى مثل العراقيين، والإثيوبيين، والإريتريين، بالإضافة أنه ليس من حقهم التقديم في التأمينات الاجتماعية وهذا يصب في خانة عدم السماح لهم بالانخراط في العمل الرسمي في الدولة.
■ هل يوجد لاجئون إثيوبيون في المخيم التابع للمفوضية بمدينة السلوم؟
- نعم، هناك عدد صغير جدا من اللاجئين الإثيوبيين في المخيم بعضهم جاء من ليبيا ويبلغ عددهم 13 إثيوبيا، وكل الجنسيات الموجودة في المخيم في انتظار إعادة توطينهم إلى دول اللجوء، مع العلم أن الولايات المتحدة كانت آخر دولة ذهبت إلى هناك فى 5 يونيو. 1368 لاجئا في السلوم، أنهى عمله، وكان يوجد عدد أكبر منهم، وتم إعادة توطينهم في أوروبا وكندا وأمريكا.
■ هل يسعى الإثيوبيون إلى التوطين فى مصر؟
- اللاجئون بصفة عامة يتطلعون إلى دول متقدمة يستطيعون العمل فيها وبناء حياة جديدة بدلاً من الحياة التي تركوها في بلادهم بسبب التمييز والاضطهاد العرقي أو الديني أو السياسي، وهو أمر لا ينطبق على مصر فقط، ولكنه ينطبق على جميع الدول العربية النفطية مثل ليبيا حيث كان العمل متوفرا للأفارقة اللاجئين هناك، إلا أن أغلبهم كان يسعى إلى الحصول على فرصة للسفر لإيطاليا بحثاً عن حياة أفضل من تلك التى حصل عليها في ليبيا.
■ هل تعامل المفوضية مع النظام الحاكم بعد الثورة تغير عما قبلها؟
- مصر الآن مختلفة عما سبق فالحكومة تصغى بشكل أكبر إلى الجميع وهذا ما لمسناه من خلال مشاوراتنا في المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تعاملاتنا مع الحكومات المصرية بعد ثورة 25 يناير، وأصبح التواصل بيننا وبينهم أسهل وأفضل كثيراً، وكذلك التواصل بيننا وبين منظمات المجتمع المدني في مصر، وبالنسبة للحكومة فإن لديها أولويات لا أنكرها، ولكن العام الماضي كان عندى لقاء مع محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المنحل، والحقيقة أننا من خلال هذا الحوار وجدنا أن آذانا صاغية لمطالبنا وهذا لم يكن قبل الثورة، فقد أصبح التعاون المشترك في هذه العلاقة أمرا أكثر إيجابية وأكثر سهولة، وهو ما يؤكد التغيير الذي طرأ على الجهات الرسمية المصرية بعد ثورة 25 يناير كما ذكرت.