قال الكاتب كرم النجار، إن دراما رمضلان هذا العام مثيرة للدهشة، وبها عدة ظواهر تطغى على الجو العام للمسلسلات، وهي العنف غير المبرر وتناول موضوعات الجنس والخيانة والدعارة، ووجود رجل الدين أو الداعية، إلى جانب ارتفاع نسبة المشهيات أو «السسبنس»، مع ابتعاد كامل عن مشكلات المجتمع الحقيقية، وهي الصراع حول الأيدلوجيات الفكرية والعقائدية، مشيرًا إلى أن هناك جودة في التصوير والإخراج.
وأضاف «النجار»: «بالنسبة للعنف تشعر طوال الوقت كأنك تقف في ميدان النهضة أو أن هناك دعوة للعنف، وهي ظاهرة غير صحية لأن هناك من الشباب من يأخذ هذا العنف مثلا، ويقوم بتقمص هذه الشخصيات، كما أن الموضوع لم يقتصر على ذلك، بل إن الحوار وصل إلى حد التراشق بالألفاظ وانفلات كامل في الأخلاق، وهذا غير مقبول، خاصة أنه يأتي من أشخاص مستواهم مرتفع إلا إذا كان المؤلف يريد توصيل رسالة بأن هذه الفئة تحمل بداخلها انفلاتا أخلاقيا».
وأشار إلى أن وجود رجل الدين غير المبرر لا تفسير له إلا أن المؤلفين يعبرون عن فكرة رفض وجود «الإخوان» وإظهار مساوئهم، خاصة بعد ظهورهم في القنوات الدينية بشكل لافت للنظر، وهو ما رسخ قضية في ذهنهم جعلها تفرض نفسها.
وأكد أن الأعمال بشكل عام استغلت فكرة الثورة وتوابعها والحراك المجتمعي، معتبرًا أن هذا نوع جيد من الفن، لكنه ليس عبقريًا، بسبب سيطرة العنف والدعارة والقتل والخيانة والألفاظ الخادشة للحياء، ما خلق نوعا من عدم التوازن فى المسلسلات، جعلها تأخذ الطابع التجارى.
وأوضح أن الأعمال لم تركز على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين لأن المشكلة الحقيقية التي يعانى منها المجتمع حاليًا هي الصراع بين تيار إسلامي متشدد ومتطرف وتيار إسلامي مدنى، فالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين رصدها الشارع يوم 26 يوليو عندما نزل الكل إلى الشارع ودقت أجراس الكنائس مع الأذان، وفي النهاية ما يظهر في الدراما انعكاس لأحداث الثورة لكنه ليس عمقها.
وتابع: «لابد أن نعترف بأن هناك جيلا عبقريًا جديدا من الكتاب فرض نفسه على الساحة مثل عباس أبوالحسن، مؤلف مسلسل «آسيا»، ووجودهم ليس عيبا فكل جيل يسلم الراية لمن يأتي بعده، ولو حدث وأفرزت الساحة كاتبا جيدا كل عام، فهذا نجاح كبير».
وأشار إلى أهمية الالتفات إلى ارتفاع جودة الصورة التي استغلت كل التقنيات الجديدة إلى جانب الإخراج الذي يحمل دماء جديدة وغير تقليدية أعطت للصورة والحركة طعمًا جديدًا بعيدا عن الملل، موضحًا أن هناك تمثيلًا رائعا كسر الصمت وجعل الحوار قريبا من الواقع وهو ما بدأ مع مسلسلي «الجماعة» و«أهل كايرو» فضلا عن ظهور مخرجين مهمين مثل محمد ياسين.
واستكمل: «أعتقد أن هناك مسلسلات أثبتت نجاحها مثل (آسيا) الذي أعتبره طائرا شديد الروعة يغرد خارج السرب فهو عمل يغوص كاتبه في أعماق النفس البشرية، ويمكن أن نطلق عليه عملا طليعيًا لأنه بعيد عن الحدوتة التقليدية ويطرح الفكرة من زاوية شديدة الذكاء تظهر أحداثها بعد أن تعطيك الجرعة الفنية في حوار شديد الاختزال، فهو أشبه بالعمل المسرحي كما أن أداء منى زكي هو رقم واحد هذا العام، حيث قفزت بصدق على الأداء الخارجي بأداء ينبع من العمق».
وأوضح أن مسلسل «بدون ذكر أسماء» يحمل بصمات كاتبه وحيد حامد من حيث وجود حوار ذكي وتفاصيل دقيقة مثل التفاصيل الخاصة بالجهاز السري للأمن وتعرضه لشخصيات مثل «جزاز الحمير» التي لم تدخل الدراما كثيرا لكنها في إطار تقليدي لم يكسر الموازين، كما أن مسلسل «أهل الهوى» يحمل هو الآخر سمات محفوظ عبدالرحمن التي تتميز بخوضه في التاريخ وقراءته الدقيقة له لكن ينقصه الإنتاج الجيد، مؤكدا أن هناك مسلسلات تميزت بإخراج جيد بعيدًا عن الموضوع الذي طرحته مثل «موجة حارة» و«نيران صديقة».