بين رفض تبادل التهانى أو الدخول فى مناقشات سياسية، أو حتى السماح لهم بالإفطار على موائد الرحمن، تتباين ردود أفعال سكان المناطق، التى شهدت أحداث عنف جراء خروج مؤيدى الرئيس السابق محمد مرسى فى تظاهرات مسلحة أسفرت عن إراقة دماء العشرات من سكان هذه المناطق. «المصرى اليوم» تجولت فى مناطق بين السرايات والمنيل ورمسيس والفجالة وشارع المحطة بمحافظة الجيزة لرصد حالة الاحتقان بين أهالى هذه المناطق، التى فقد سكانها الأهل والأخ والجار فى اشتباكات الإخوان المسلحة، الأمر الذى دفعهم لاتخاذ نهج خاص فى التعامل مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
4-«بين السرايات»: فرض العزل السياسى «الشعبى» على الجماعة
هى واحدة من أكثر المناطق التى شهدت أحداث عنف جراء تظاهر، واعتصام المؤيدين المسلحين للرئيس السابق محمد مرسى، للمطالبة بعودته.
ما بين ذكرى قتلى وجروح مصابين لم تداوها إسعافات الأطباء، وآثار بقايا الطوب وحجارة ومحال مهشمة، تبرز ملامح منطقة «بين السرايات».
يرى عدد من الأهالى الذين التقت بهم «المصرى اليوم» أن ما فعله الإخوان من إرهاب وترويع لسكان منطقتهم تحول إلى ما هو أشبه بـ«التار»، الذى لابد أن يحققوه.
يقف محمد عبدالصبور، عامل فى أحد المطاعم، ملوحا بيده فى غضب إلى أفران المحل، التى أخمدت نيرانها، معتبرا أن ما يقوم به الإخوان من اعتصامات غير سلمية ما هو إلا حرب بدأوها ضد أهل بلدهم، ولابد أن ينتظروا منهم الرد. يوضح «عبدالصبور» الذى يسكن فى المنطقة: «عملنا لجانا شعبية لتأمين المنطقة، خاصة فى حالة الهياج والاشتباكات، التى يفتعلها الإخوان بين الحين والآخر».
يقول: «قطعت علاقاتى بمؤيدى المخلوع بعد أن ظهروا على حقيقتهم، وعدم تأييد أى منهم مهما ذاع صيته فى أى انتخابات قادمة»، هكذا قرر محمد التعايش مع الإخوان فى المرحلة القادمة، وهذا هو أضعف الإيمان من وجه نظره للثأر السياسى لبلده من جرم جماعة الإخوان المسلمين فى حقها.
فى منزلها وخلف باب شقتها، الذى أحكمت غلقه على نفسها وأولادها ليلاً ونهاراً، تجلس منال على، من السكان، تروى مشاهد القتل والسحل التى تطل على سلخانات تعذيب الإخوان، تقول: «دول مش بشر، حولوا حياتنا إلى جحيم، طول الليل ضرب نار لحد ما بقيت خبيرة أسلحة بمجرد سماع صوت الضربات أعرف نوع السلاح، ومش عارفه إيه علاقة الإسلام بما يفعله الإخوان». «ما حدث تسبب فى قطع صلات الأرحام والمودة بين الجيران والأصدقاء»، فالحياة العصيبة التى تعيشها منال دفعتها لـ«كراهية مؤيدى هذا التيار»، بنص قولها، مضيفة: «الذى لا يرى نفسه مخطئاً على أى حال من الأحوال، مهما تجادلت معه أو واجهته بجرمه، لا يستحق أى احترام، أنا أول مرة أشوف حد يضرب نار بعد صلاة الفجر، وهو بيقول الله أكبر، حى على الجهاد، حرمونا من بركة الشهر الكريم، التى كنا ننزل فيها لشراء متطلبات السحور والفطار والعزومات بعد منتصف الليل».
لم تعد ترغب منال فى الدخول فى أى حوار أو مناقشة مع أى إخوانى، تقول: «لدينا استعداد للاعتداء على أى معتدٍ منهم على أمننا وسلامتنا، وهى المشاعر النابعة من كم الرعب الذى عشناه. اعتادت منال وباقى أفراد عائلتها على إعداد مائدة رحمن كل عام بجوار المسجد الخيرى، الذى قاموا ببنائه إلا أنهم ومن هول ما شاهدوه من الإخوان منذ بداية حكمهم وحتى دخولهم فى الاعتصام المفتوح قرروا توصية المشرف على المائدة، وإمام المسجد بعدم السماح لأى إخوانى من المعتصمين فى الميدان بالانتفاع بالوجبات، وقصرها على المحتاجين والفقراء فقط.
لم ينتظر وصفى أحمد، موظف، أحد أهالى بين السرايات، الدولة لحمايته من بطش الإخوان، بل بادر وأهالى المنطقة بتنظيم لجان شعبية للتصدى لأى اشتباكات يفتعلها الإخوان فى محيط المنطقة، يقول: «دى جماعة ما فيش حاجة جات من وراها غير خراب البلد، من يوم ما بدأ اعتصامهم وإحنا محبوسين فى البيت، لم أذهب لعملى منذ 4 أسابيع».