شاهدت محكمة جنايات القاهرة اليوم الأربعاء قرابة 100 صورة لمعاينة جريمة مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، المتهم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط أمن الدولة السابق محسن السكري، واستمعت المحكمة لـ5 تسجيلات صوتية جرت بين هشام والسكري، تضمنت اتفاقهما على قتل المجني عليها، وأطلعت على شرائط فيديو تظهر المتهم محسن السكري أثناء وجوده في دبي تمهيدا لارتكابه الجريمة.
قررت المحكمة التأجيل إلى جلسة غدا الخميس لإثبات طلبات المحامين وتكليف النيابة بإخطار المقدم محمد سامح المسئول عن تفريغ جهاز التسجيل الذي تم التقاطه للمتهم في دبي، والذي تبلغ مدته 8 آلاف ساعة، بعدما أصر الدفاع على تفريغه كاملا، فيما اعترضت المحامية عن المدعين بالحق المدني على هذا الطلب وقالت إن التفريغ يستغرق 3 سنوات وشهرين.
وبعد جلسة ساخنة أصدرت فيها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ أحكاما في قضية حزب الله في مصر وترحيل المتهمين فيها إلى محبسهم، بدأت محكمة جنايات القاهرة الاستعداد للجلسة الثانية لإعادة المحاكمة وتأكد الحرس أكثر من 3 مرات من قفص الاتهام وأعادوا تركيب الحاجز الحديدي الذي يفصل بين هشام والسكري في قفص الاتهام في الوقت الذي فرضت أجهزة الأمن كردونا أمنيا خارج القاعة وأحيطت المحكمة بـ50 سيارة مصفحة وأكثر من 3 آلاف ضابط ومجند من مديرية أمن حلوان، و3 بوابات الكترونية وعدد من عناصر الشرطة النسائية، كما ساهمت إدارة المرور في حلوان في إعداد خطة مرورية ووضع الحواجز والسدادات في بداية الطريق الرئيسي المؤدي إلى المحكمة.
وداخل القاعة التي شهدت الجلسة جلس أكثر من 40 شخص في الصفوف الأولى يتلقون تعليماتهم عبر الهواتف المحمولة وتبين أنهم من جهاز أمن الدولة وجهات أمنية أخرى، واستحوذوا على نصف القاعة تقريبا بينما خصص الحرس النصف الآخر للمحامين وأسرتي المتهمين ووسائل الإعلام، وتم إيداع المتهم الأول محسن السكري داخل الجزء المخصص له في القفص وبعد لحظات دخل هشام إلى القفص وسط حراسة أمنية لتبدأ الجلسة الثانية.
وأعدت المحكمة شاشة عرض جهزتها النيابة العامة مسبقا لمشاهدة الصور والفيديو، وبدأ الفني في عرض صور معاينة جريمة مقتل سوزان تميم، التي أعدتها النيابة العامة في دبي وظهر فيها آثار الدماء على أرضية الشقة وأمامها وفوطة ملوثة بالدماء وجثة المجني عليها، مغطاة بملاءة وشرح المستشار مصطفى خاطر رئيس نيابة الاستئناف ما تضمنته تلك الصور كما جاء بالصور، والبرواز أو الهدية التي كان المتهم صعد لتسليمها إلى المجني عليها، وعرضت المحكمة صور خاصة بالشقة، شاهدها العشرات من المحامين والأمن والصحفيين والإعلاميين في صمت وكان التركيز يبدو على محسن السكري ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى داخل القفص لدرجة أن "محسن" كان يقف على أطرافه حتى يتمكن من مشاهدة الصور وإبداء تعقيبه عليها، وتضمنت الصور الملابس التي تخلص منها المتهم أمام طفاية الحريق، في الطابق الـ21 ببرج الرمال، وعرضت المحكمة أيضا صورا لجثة الضحية داخل المشرحة، التي كانت تحمل رقم 899، كما عرضت المحكمة صورا للمتهم في الفترة من 24 إلى 28 يوليو 2008 وهي فترة وصوله وخروجه من وإلى دبي، وتضمنت الصور أيضا فندقي شاطئ الواحة والهيلتون الذي تردد عليهما، وظهر على الصور سهم يشير إلى المتهم بالإضافة إلى ميعاد التقاط الصورة تم كتابتهما باللون الأحمر وهو ما اعترض عليه بهاء أبو شقة وفريد الديب- دفاع هشام طلعت- مؤكدين أن تلك الإضافات ذات اللون الأحمر لم تكن موجودة أثناء عرض نفس الصور أمام محكمة الجنايات في المحاكمة الأولى التي أصدرت حكمها بالإعدام، وسجل فريد الديب المحامي في محضر الجلسة أن الصور المعروضة مؤشر عليها باللون الأحمر بالتوقيت وهذا المكتوب لم يكن موجودا وأكد أن إحدى الصور التي تحمل رقم 35 مكتوب عليها باللون الأحمر أن التوقيت هو الساعة التاسعة وخمس دقائق في حين أن الثابت في البيان أسفل الصورة الموجودة داخل الكادر هو الساعة التاسعة و11 دقيقة و16 ثانية، وهو ما يؤكد وجود فارق 6 دقائق بين التوقيتين، وطلب الديب من المحكمة إجراء المقارنة في ملف الصور، بينما أكدت النيابة أن الصور والفيديو من ضمن أحراز القضية، الموجودة تحت يد الدائرة الرابعة التي تنظر الدعوى ولم تمس.
وتدخل عاطف الميناوي محامي محسن السكري وتمسك بطلب الديب وأصر على الحصول على الصور الأصلية المستخرجة من جهاز التخزين "BFR1" وليس مما استخرج منه عمدا بغرض العرض، وطلب من المحكمة تكبير جميع الصور الذي يظهر فيها محسن السكري داخل الفندق أو خارجه إلى أقصى درجة ممكنة، وطلب من القاضي أن يبدي رأيه في مدى جودة تلك الصور فاعترض القاضي غاضبا وقال إنه لا يصح للمحكمة أن تبدي رأيها، وبعدها انتقلت المحكمة لعرض المحادثات الهاتفية الخمس التي دارت بين هشام ومحسن، وجاء في الأولى التي بدأت من محسن السكري وتضمنت اتفاقا يجري بينهما لمراقبة امرأة ـ لم يذكر أسمها في المكالمة المسجلة ـ وأبلغه محسن فيها أنه اتفق مع مجهولين ـ لم تأت أسمائهم أيضا ـ على تنفيذ مهمة أو عملية قتلها وإنهم حصلوا على 20% من المبلغ المتفق عليه، وقدره مليون جنيه إسترليني، وفي المحادثة الثانية، التي بدأت من هشام إلى محسن، حذره فيها محسن من كثرة المكالمات الهاتفية، وذكر فيها محسن أن الأشخاص المكلفون بالتنفيذ يماطلون، وفي المحادثة الثالثة طلب هشام من محسن أن يقابله في القاهرة وجرى فيها أيضا تفاصيل عن الاتفاق حول جريمة القتل مؤكدا أن المجهولين في لندن قاموا بتصوير السيدة ومعها شخص ورد أسمه في المكالمة بأنه يدعى رياض العزاوي في دبي، وحددوا عنوانها في 22 بيتش الرمال وأرسلوا الصور إلى محسن، وفي المحادثة الرابعة التي بدأها هشام أيضا وبدا فيها منفعلا من مماطلة هؤلاء الذين كلفوا بتنفيذ المهمة، ووصفهم فيها بـ"الخايبين بتوع لندن" وانتهت المحادثة بينهما باشتراط هشام طلعت على المنفذين بإنهاء المهمة على غرار نموذج ما حدث لأشرف مروان في لندن، وطالبهم بتحديد موعد أقصاه أسبوع للتنفيذ، وتحديد مبلغ محدد وتاريخ محدد لإنهاء العملية، وفي المحادثة الأخيرة التي بدأها هشام ولم تستغرق أكثر من 17 ثانية، وكان يبدو فيها أن هشام يطمئن من محسن على موعد التنفيذ، وخلال سماع تلك التسجيلات الصوتية بدى التوتر على المتهمين حيث ظهر التوتر والقلق على وجه محسن السكري وأخذ يدور في القفص في حين تثبت هشام طلعت وظل ينظر إلى شقيقته سحر التي جلست داخل القاعة وحضرت متأخرة بعد بدء الجلسة بـ10 دقائق، في حين حضر شقيقه هاني ونجله وعمه و15 من مسئولي مجموعة طلعت مصطفى، وحضر منير السكري والد محسن السكري وشقيقه أشرف منذ بداية الجلسة، في الوقت الذي حضر جميع المحامين عن هشام طلعت وغاب حافظ فرهود.
وواصلت المحكمة مشاهدة الفيديو التي التقطته كاميرات المراقبة في دبي وطلب فريد الديب محامي هشام تفريغ الجهاز بأكمله، الذي تبلغ مدته 8 آلاف ساعة، وهو ما اعترضت عليه محامية المدعي بالحق المدني عادل معتوق، وقالت إن هذا الطلب يعطل سير القضية ويستغرق التفريغ 3 سنوات وشهرين، فيما أصر الدفاع على طلبه وشكك في المستخرجات الواردة من الجهاز وطلب التفريغ على اسطوانات وحصول المحامين على نسخة منها لعرضها على الخبير الاستشاري لإبداء رأيه فيها، وقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة غدا الخميس وكلفت النيابة العامة بإعلان وتكليف المقدم محمد سامح ضابط المساعدات الفنية بوزارة الداخلية بالحضور بجلسة غدا لتكليفه ببدء مهام عمله لتفريغ جهاز التخزين.
وبعد انتهاء الجلسة قامت قوات مديرية أمن حلوان بإعادة المتهمين إلى محبسهما بسجن مزرعة طرة التي اشرف عليها مدير أمن حلوان ومدير البحث الجنائي وعدد من قيادات المديرية.