تقرير للمخابرات الإيرانية يفضل المفاوضات ويرى أوباما أقل تشددًا من الأوروبيين

كتب: بوابة الاخبار الجمعة 09-11-2012 08:11

نشرت وزارة الاستخبارات الإيرانية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية الصادرة صباح الجمعة، تحليلاً رصينًا يقيّم التهديد المحتمل بحدوث مواجهة عسكرية بسبب برنامج إيران النووي، ويبرز الفوائد التي ستحققها المفاوضات في تجنب وقوع أزمة أكثر عمقًا.

وقد ظهر هذا التقرير، لأول مرة، على موقع الوزارة على شبكة الإنترنت قبل يومين، ثم توالى نشره في مختلف وسائل الإعلام الإيرانية، ليغذي التكهنات المتزايدة بشأن احتمال أن تكون هناك في الأفق بوادر مفاوضات جديدة مع التكتل الدولي المعروف باسم مجموعة «5 + 1»، أو حتى محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.

وتعتبر وزارة الاستخبارات مركزًا محافظًا داخل النظام الإيراني، لكنها ليس قناة للتعبير عن وجهات النظر المتعلقة بالسياسة الخارجية الإيرانية.

وتبين النتائج التي خلص إليها هذا التقرير أن الوزارة لديها نظرة عملية تجاه التحديات التي تواجهها البلاد، والتكلفة التي تتحملها بسبب الاستمرار في تخصيب اليورانيوم بالمستويات الحالية، والتهديدات بشن هجوم إسرائيلي، وربما أهم شيء العثور على طريقة ما للخروج من هذا المأزق.

ورغم أن هذا التقرير يشير إلى إسرائيل باسم «النظام الصهيوني»، فهو بخلاف هذا يخلو من النبرة الأيديولوجية التي تميز معظم تقارير الوزارة والتي ظلت النمط السائد في إيران منذ عقود. وبدلًا من ذلك، فإن الأفكار التي وردت في هذا التقرير، المكون من 1200 كلمة، تعكس الكثير من وجهات النظر التي اتفقت عليها الأطراف الدولية المؤيدة للتوصل إلى حل عن طريق التفاوض، من أن الدمار المحتمل الناتج عن توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية لن يعطل البرنامج سوى بضعة أعوام على الأكثر، وأن الدبلوماسية هي الطريقة الأنسب للمضي قدمًا في هذا الملف.

ويذكر التقرير أن تجاهل احتمال «الاستعمال الوشيك للقوة» سيكون «خطيئة لا تغتفر»، ولتجنب مثل هذه المواجهة العسكرية ينصح التقرير بما يلي: «أحد الخيارات المطروحة هو اتخاذ تدابير دبلوماسية وسياسية واستغلال الإمكانات التي تتمتع بها الهيئات الدولية، وهو خيار ضروري وأقل تكلفة».

كما يفرق التقرير، الذي يحمل عنوان «أسباب ومعوقات شن هجوم عسكري من جانب النظام الصهيوني ضد إيران»، تفريقًا واضحًا بين موقف كل من الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية من البرنامج النووي الإيراني، حيث يذكر أن الرئيس الأمريكي أوباما «يأمل حل هذه المشكلة سلميًا وعن طريق الدبلوماسية»، ثم يذهب إلى القول بأن أوباما لا يرى أن برنامج التخصيب الإيراني، الذي تصر إيران على أنه مخصص فقط لأغراض سلمية، يمثل تهديدًا وشيكًا، وأنه يرى، بالإضافة إلى الدبلوماسية، أن «العقوبات القاسية» قد تساعد على السيطرة على الموقف.

ومع إعادة انتخاب أوباما، الثلاثاء الماضي، فهناك آمال حذرة لدى كل من طهران وواشنطن في إمكانية التوصل في النهاية إلى حل يرضي جميع الأطراف في هذه المواجهة النووية.

وعلى امتداد الطيف السياسي داخل إيران، تتم مناقشة احتمال إجراء مباحثات بانفتاح أكبر من أي وقت مضى، حيث قال صاحب الآراء المتشددة محمد جواد لاريجاني، وهو أمين اللجنة العليا لحقوق الإنسان بإيران وشقيق كل من رئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية في البلاد، الأربعاء الماضي:

«من أجل حماية مصالح نظامنا، ربما نتفاوض مع الولايات المتحدة أو أي شخص آخر حتى في جهنم».

كما عاد الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رافسنجاني، وهو صوت معتدل داخل النظام ويعتبر من أنصار إجراء المفاوضات، إلى الظهور في الأسابيع الأخيرة بعد أن ظل بعيدًا عن الأضواء منذ أوائل عام 2011.

وقد كان رافسنجاني واحدًا من الآباء المؤسسين للجمهورية، وكثيرًا ما أبدى تأييده لانتهاج سياسة خارجية أكثر عملية، بما في ذلك تجديد الصلات مع الولايات المتحدة. وقد ذكر الرجل أمام حشد من الإصلاحيين يوم الثلاثاء الماضي: «في الوضع الراهن، فإن كل من يهتمون حقًا بأمر بلادنا، من كل الأطراف ومن مختلف وجهات النظر، يجب أن يركزوا على التسليم بالأخطاء وتغيير السلوكيات والسياسات».

ويشير التحليل الذي تم تقديمه على أنه «تقرير صادر عن وزارة الاستخبارات حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية» إلى أن «سياسة الحزب الجمهوري الأمريكي تجاه إيران سياسة مواجهة، قريبة جدًا من سياسة الصهاينة» بينما «يختلف موقف الحزب الديمقراطي عنها تمامًا».

وأوضحت الوثيقة، التي يبدو أنها أعدت عشية إعادة انتخاب باراك أوباما، أنه «رغم تنفيذهم عدة عمليات معادية للشعب الإيراني وتأكيدهم أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة (لمنع إيران من حيازة السلاح النووي)، فإن الديمقراطيين في الواقع يأملون أن تنجح الدبلوماسية بموازاة العقوبات الاقتصادية» لتسوية القضية النووية الإيرانية.

وخلص التقرير إلى القول إنه رغم ممارسة إسرائيل «ضغوطا كثيرة» على الإدارة الديمقراطية الأمريكية، «تظل سياسة حكومة أوباما مختلفة عن سياسة النظام الصهيوني»، مشددًا على «الخلاف المفتوح» بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن إيران.

من جهة أخرى، يرى التحليل أن لإدارة أوباما مقاربة أكثر اعتدالاً من مقاربة الاتحاد الأوروبي بشأن قضية العقوبات.

وأضاف أنه «رغم أن الأمريكيين اتخذوا عقوبات أحادية قاسية جدًا بحق إيران، فإنهم متأخرون مقارنة بالأوروبيين».

ويتعارض هذا التحليل مع الخطاب الرسمي الذي يتبناه قادة البلاد ووسائل الإعلام الذين نددوا باستمرار طيلة ولاية أوباما الأولى بما اعتبروه تواطؤ الولايات المتحدة مع إسرائيل في محاولة لإضعاف الجمهورية الإسلامية، بينما كانت طهران تجنح في الخطب والشعارات الرسمية إلى تصوير الأوروبيين على أنهم أكثر انفتاحا تجاه إيران من واشنطن، وأن الحوار ما زال ممكنا معهم خلافًا «للشيطان الكبير».

واعتبر دبلوماسي أوروبي في طهران أن النظام الإيراني الذي يتأثر بشكل متزايد بالحظر المالي والنفطي الذي فرضه الغرب بسبب برنامجه النووي المثير للجدل، «يعطي الانطباع بأنه مستعد لإبداء واقعية أكبر في مفاوضاته مع القوى الكبرى إذا اقترحت عليه مخرجًا مشرفًا من الأزمة».

وقال سفير أوروبي آخر، حسب وكالة الصحافة الفرنسية: «هناك، كما يبدو، مصلحة لدى الجانبين، لكن السؤال هو معرفة ما سيطلبه الإيرانيون وما إذا كانت واشنطن مستعدة لتقديمه».

وأعلنت الولايات المتحدة عدة مرات في الأشهر الماضية أنها مستعدة لاتصالات مباشرة مع إيران، رغم أن طهران رفضت ذلك على الدوام، معتبرة أن الشروط لم تتوافر بعد.

وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان باراست، الأربعاء، أن «الجمهورية الإيرانية تحترم تصويت الأمريكيين»، لكن «جدار الارتياب (بين البلدين) لا يمكن ردمه إلا إذا احترمت الحكومة الأمريكية رغبة وحقوق الشعب الإيراني وغيرت سياسات الماضي الخاطئة».