وثيقة لـ«الاستخبارات الإسرائيلية»: خطة التمويه المصرية فى أكتوبر خدعت قادة الدولة رغم إبلاغهم بموعد الحرب

كتب: محمد عبود الأربعاء 15-09-2010 21:00

تجددت المعارك السنوية بين الأجهزة الأمنية والاستخبارية فى إسرائيل بسبب اقتراب الذكرى السابعة والثلاثين لحرب أكتوبر، وفى محاولة لتبرئة ساحتها من تهمة التقصير فى توقع الحرب، أفرجت المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان) عن وثيقة نادرة تتعلق بحرب أكتوبر يعود تاريخها لصبيحة أول أيام الحرب.

وأكد منتدى الاستخبارات الإسرائيلية، الذى نشر صورة ضوئية من الوثيقة، أمس، أن هذه الوثيقة بالذات، ستسبب أزمة كبيرة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لأن تحقيقات لجنة «أجرانات» فى نتائج حرب أكتوبر أثبتت أن الوثيقة، أشارت لموعد اندلاع الحرب، والهدف منها، ووصلت إلى صناع القرار فى الوقت المناسب، لكن خطة الخداع والتمويه التى اتبعتها القوات المسلحة المصرية، نجحت فى تخدير عقول رئيسة الوزراء، ووزير الدفاع، وقادة الجيش الذين لم يلتفتوا للمعلومات التى حصلت عليها المخابرات الحربية «أمان»، واكتفوا بترديد شعارات من نوعية «السادات لن يجرؤ على شن الحرب».

وتنشر المصرى اليوم صورة ضوئية للوثيقة الاستخبارية الإسرائيلية التى يتصدرها خاتم «سرى للغاية - عاجل»، وصادرة عن شعبة الاستخبارات الحربية (أمان) بتاريخ السادس من أكتوبر 1973، فى تمام الساعة 7:30 صباحا، برقم متسلسل 429، وصدر عنها 11 نسخة، وموجهة جميعا، بشكل شخصى، لرئيسة الوزراء جولدا مائير، ووزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس الأركان دافيد بن إليعازر، ورئيس شعبة الاستخبارات، ورئيس المخابرات الحربية».

ونقلت الوثيقة المعنونة بـ«خطة مصرية سورية لاستئناف القتال»، وتتكون من ورقة واحدة عن مصدر مجهول، يوصف بأنه قريب من مصادر المعلومات، قوله: «إن الجيش المصرى ينوى استئناف القتال مع آخر ضوء لنهار السادس من أكتوبر 1973».

وفيما يلى النقاط الأساسية لخطة الهجوم: أولا، الهدف: تحرير الضفة الشرقية للقناة، والسيطرة على المعابر، وتحرير شرم الشيخ. ثانيا، الجدول الزمنى: ساعة الصفر ستكون فى اليوم المذكور مع آخر ضوء للنهار، ويمتد زمن العمليات من 5 إلى 7 أيام. ثالثا، الخطة العامة: هجوم مشترك وتنسيق بين الجيشين المصرى والسورى، فى أول ليلة من الحرب.

ويعبر الجيش المصرى قناة السويس، فاتحا جبهة عريضة، وواسعة، ويحرر الضفة الشرقية من القناة حتى المضايق، ويحرر شرم الشيخ (عن طريق جنود المظلات ينقلهم سلاح الطيران، وعملية إبرار بحرى تنقل لواء مدرع كامل عبر قناة السويس)، ويغطى على هذه العملية سلاح الطيران المصرى الذى يقوم بقصف جوى مكثف فى عمق إسرائيل (يشمل مدن إيلات وحيفا وعكا وإسدود)، وتدمير أهداف عسكرية إسرائيلية فى عمق سيناء، والسيطرة على مصافى النفط، باستخدام 270 طائرة مقاتلة، وطائرات قاذفة.

ويحرر الجيش السورى هضبة الجولان، ويستخدم سلاح الطيران للتمهيد للهجوم البرى، والهجوم فى العمق الإسرائيلى (تل أبيب)، وقواعد سلاح الطيران فى (رامات دافيد، وحاتصور، وحتصاريم).

ويحرص كاتب الوثيقة الاستخبارية فى نهايتها على الإشارة إلى أن المعلومات الواردة فى غاية الحساسية، ويكتب: «نظرا لحساسية وضع المصادر المنقول عنها المعلومات، فلن تنشر المعلومات الواردة هنا فى أى نشرة استخباراتية أخرى، ولن تصل معلومات بهذه الخطورة إلى غير الأشخاص المعنيين، رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، وقادة أجهزة الاستخبارات».

ويضيف كاتب الوثيقة بعض الاحتياطات الأمنية الاعتيادية، فيقول: «يحظر تداول المعلومات الواردة هنا عبر الهاتف الأرضى أو أجهزة اللاسلكى، ولا يسمح بالاطلاع عليها لغير المعنيين، ويحتفظ بالوثيقة فى مكان آمن، وتتبع أقصى درجات الأمان، ويحظر استنساخها أو تصويرها، وفى حالة حدوث أى مشكلة أمنية ينبغى إبلاغ الضابط المسؤول فوراً».

يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلى، آنذاك، موشيه ديان لم ينكر خلال تحقيقات لجنة «أجرانات»، الاطلاع على الوثيقة، لكنه ادعى أنه تلكأ فى اتخاذ قرار بشن ضربة وقائية ضد الجيشين المصرى والسورى لأنه لم يحصل على ضوء أخضر من واشنطن من ناحية، وبسبب عدم وجود أدلة قطعية باستعداد مصر لشن الحرب من الناحية الأخرى.

لكن المثير أن منتدى الاستخبارات الإسرائيلية يوجه اتهاماً لموشيه ديان، وللحكومة الإسرائيلية، وقادة الجيش بإخفاء المعلومات حتى اندلاع الحرب، وتعمد عدم إبلاغها للقادة الميدانيين والوحدات العسكرية الإسرائيلية فى سيناء وهضبة الجولان.