عزت العناني.. الشيخ الطائر يتحدى فقدان البصر

كتب: أسامة الشاذلي الجمعة 19-07-2013 14:04

ولد فاقداً لنور البصر، متمتعاً بضياء البصيرة، حرمه الله من إحدى نعمه، وأفاض عليه من رحمته بالعديد من المواهب، حيث ولد الشيخ عزت يوسف العناني، الشهير بـ«عزت العناني» في عزبة البرج على شاطئ البحر المتوسط قبالة مدينة رأس البر في محافظة دمياط، في إحدى الليالي الشتوية شديدة البرودة في نهاية عام ١٩٣٨، تحديداً فى التاسع والعشرين من ديسمبر، في أسرة متوسطة الحال، لوالد كان يحلم بابن يهبه للأزهر، وقد كان، حيث ألحق الصغير بالأزهر الشريف فأتم حفظ القرآن كاملاً، وجوده بالقراءات العشر وهو لم يتعد الخامسة عشرة من عمره، وعاد إلى بلاده ليذيع صيته فى محافظات الدلتا، ويطلبه الأعيان والفلاحون فى سرادقات العزاء وحفلات الذكر، ليفيض الشيخ «العنانى» بصوته على الحضور، لينصحه أساتذته ومحبوه بالعودة إلى القاهرة للالتحاق بالإذاعة المصرية، ليجتاز الاختبار من المرة الأولى بسلاسة ويسر.

 
لم يقعده فقدان البصر يوماً عما نذر نفسه عليه، بل وما إن صافح قلبه آيات الله حتى وقع فى غرام الحفظ والتجويد والتلاوة، بل وأضاءت له الآيات التى كان يحفظها يوماً بعد يوم الطريق حتى بدا وكأن القرآن لن يكون فقط فى قلبه، بل سيأخذ الروح ليدلها على طريقها، ويعوض الجسد عن فقدان البصر، ببصيرة حادة وقدرة هائلة على الحفظ والدراسة. ولظروف خاصة للغاية لم يتمكن الشيخ العنانى من التسجيل للإذاعة، ولكنه سافر إلى سوريا أثناء الوحدة بينها وبين مصر، تحديداً عام ١٩٦٠ ليعتمد قارئاً فى الإذاعة السورية أيضاً وهو لم يتخط الثانية والعشرين من عمره، ليقرأ فى مسجد «الشمس والهجرة» ويبدأ قراءته بـ«سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ» سورة الإسراء، ويسجل للإذاعة السورية أغلب تسجيلاته الباقية حتى الآن، ويسافر بعدها إلى الأردن ولبنان والعراق والكويت وإيران، ويسجل لإذاعات تلك البلاد جميعاً، كما قام بتسجيل العديد من الفيديوهات لكل من التليفزيون السورى والأردنى.
 
يحن الشيخ دائماً إلى بلاده، يطير من دولة لأخرى فينال التكريم تلو الآخر، ويسجل للإذاعات الإسلامية بينما تفتقد إذاعة بلاده تسجيلات بصوته، ويقرر العودة للاستقرار نهائياً والكف عن السفر، لكن الله يكرمه أيضاً بالانتقال إلى جوار نبى الله فى المملكة العربية السعودية، حيث ساهم لقاؤه بوزير الإعلام السعودى لانتقاله لتسجيل القرآن بصوته لإذاعة المملكة، قبل أن يعود مرة أخرى لوطنه ومسقط رأسه فى عزبة البرج، ليقيم مسجده الخاص، ويطلق عليه اسم مسجد السلام، وينفرد بتعليم صغار المقرئين أسرار مدرسته الخاصة فى التلاوة، بعدما استقر الصوت الطائر فى بلده، وتزوج وأنجب خمسة أولاد، ويتفرغ تماماً لكتاب الله الذى وهبه والده إليه يوماً ليهب هو ما تبقى من عمره للقرآن.
 
يقول الشيخ الطائر من أجل كتاب الله عز وجل: «أنا أحيى بالقرآن وللقرآن».