اعتاد صناع الدراما التليفزيونية خلال السنوات الأخيرة تقديم جرعة كبيرة من مشاهد الرقص والألفاظ الخارجة، والملابس العارية عبر المسلسلات التي تعرض في شهر رمضان، حتى وصل ببعض المسلسلات في «رمضان 2013» في تحطيم الأرقام القياسية في «الخروج عن المألوف»، في مقدمتها «حكاية حياة» لغادة عبدالرازق، و«مزاج الخير» لمصطفى شعبان، وهو ما جعل الظاهرة تصبح عرفًا.
وقال الفنان يوسف الشريف متحدثًا عن رأيه في هذه القضية: «أرفض الابتذال وتقديم أعمال بها مشاهد أو ألفاظ تخدش الحياء احترامًا لنفسي ولأسرتي، وأشترط دائما على شركات الإنتاج التي يتعاون معها أن ترفع شعار (لا مايوه ولا قبلات ولا بدل رقص ولا أحضان)».
وأضاف «الشريف»: «المنتجون أصبحوا يدركون ذلك، وفي مسلسل (اسم مؤقت) لم يكن هناك أي من هذه المحاذير، خاصة أنني ضد الإفراط في تقديمها على الشاشة لأن التليفزيون يدخل كل بيت، ويجب أن يحترم صناع الدراما ذلك سواء في تقديمهم للألفاظ أو المشاهد أو الموضوعات».
واعتبر الفنان طارق لطفي أن «الألفاظ والمشاهد التي تتضمنها الأعمال الدرامية مأخوذة من الواقع، وخاصة ما جاء في مسلسله (حكاية حياة)، وقمنا بتخفيف الألفاظ لأقصى درجة حتى خرجت قريبة من الواقع».
ورفض «لطفي» اتهامه مع زملائه الفنانين بتقديم أعمال تحتوي على إسفاف، مشددًا على أنهم أصحاب خبرة وأعمالهم تشهد على تاريخهم.
وأشار السيناريست أيمن سلامة مؤلف مسلسل «حكاية حياة» الذي يستحوذ على النسبة الكبرى من الألفاظ الخارجة إلى أن «المجتمع حاليا أصبح أكثر جرأة في استخدامها، وما يحدث أننا ننقل الواقع، وعلى من ينتقدني وأسرة المسلسل مشاهدة ما يقدمه الدعاة عبر القنوات الدينية حيث يرددون ألفاظا أكثر بشاعة من التي تتردد في الدراما».
وأضاف «سلامة»: «الشارع المصري على اختلاف طبقاته يتضمن ألفاظًا أكثر جرأة من التي تأتي في المسلسلات، وأنا أردت وضع المشاهد أمام نفسه، ولا أجد مبررًا في اتهامي بترويج البذاءات، خاصة أن الرقابة لم تبد أي ملاحظات على أي مشهد أو لفظ في السيناريو لأن لها ضرورة في الأحداث».
ورأى الناقد طارق الشناوي ضرورة أن يدرك الجميع أن لغة التخاطب في الشارع تغيرت، وأصبح استخدام بعض الكلمات «المقززة» والإباحية من وجهة نظر أجيال سابقة أمرًا عاديا جدا،ً وهو حال مؤلفي الدراما في العامين الماضيين».
وقال «الشناوى»: «أغلب مؤلفي الدراما هذا الموسم من جيل الشباب، وهذه مفرداتهم، لذلك ما نراه الآن على الشاشة شىء طبيعي، ويعبر عن الواقع الذي لا يمكن الانفصال عنه، كما لا يمكن أن يتم التحريم في المطلق حتى لا نقدم أعمالا عقيمة، والرقابة المصرية سمحت بهذه المشاهد والكلمات ومنحتها مشروعية بعد تراكمها في العامين الماضيين وهو شىء لا يعيبها».
وأضاف: «يجب أن يكون الرهان في الدراما التليفزيونية على العائلة بكل مراحلها العمرية، وللأسف البعض يتصور أن الاستخدام المفرط للمشاهد والألفاظ الخارجة يزيد من نسبة المشاهدة، وأقول لهم إن هذه الأسلحة تموت في لحظتها وأعتبرها جريمة متكاملة الأركان، خاصة أن فكرة (للكبار فقط) ليس مكانها التليفزيون، ونحن نعتبرها استثناء في السينما، وإن كنت أؤيد التحذير كاستثناء لبعض الأعمال وليس كقاعدة».
من جانبه قال عبدالستار فتحي، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية: «ما يظهر على الشاشة قليل من كثير تم حذفه، سواء من شتائم وألفاظ خارجة، ومشاهد لا تقول شيئا وتخالف الآداب العامة، وما يتم إذاعته حاليا وجدنا أنه إذا تم حذفه يضيع البناء والمعنى الدرامي».
وشدد «فتحى» على أن «قلة الأدب مرفوضة لكن طبيعة الشخصيات ومهنتها تحكم على المؤلفين أسلوب حوارهم وتلفظهم بكلمات معينة، لكن في الحقيقة هناك مشكلة في تكرار الألفاظ، والفيصل بالنسبة للرقابة هو استيعاب المشهد لذلك من عدمه».
وأشار إلى أن «الرقابة تطبق لائحة الآداب العامة، ولكنها تقع في حيرة بين الجمهور والمبدعين وأفكارهم وإصرارهم على تمرير بعض المشاهد، ونحن في كل الأحوال نعيش في مجتمع غير مثالي، ووتلك المشاهد والألفاظ لا تشوه الدراما المصرية».
وأكد على أن «95 % من صناع الدراما ملتزمون بما تم حذفه أو تعديله، وأنه يتم حاليا تحرير محاضر ضد القلة التي لم تلتزم، لكن هذا لا يعني عدم الاعتراف بوجود تسابق غير مبرر على كتابة سيناريوهات خارجة عن العادات والتقاليد وقيم المجتمع».
وأوضح أنه «لا يملك السيطرة على الفضائيات والأعمال التي تعرضها، خاصة أنه يمكنها عرض المسلسل أو الفيلم الذي ترفضه الرقابة لأن عمل الرقابة يختص بالسينما»، مؤكدا أنه «ليس مضطرًا لمراقبة الأعمال التليفزيونية لكن أصحابها يلجأون للرقابة للحصول على تراخيص التصدير فقط»، وأنه «حاول أكثر من مرة وضع ميثاق شرف مع صناع الدراما التليفزيونية لكن شركات الإنتاج والمخرجين لم يتعاونوا معه».