لم تتغير أجواء طوابير محال الحلوى «الكنافة، القطائف» فى الأيام الأولى من رمضان، رغم الأحداث السياسية التى تمر بها البلاد.
وشهد ميدان السيدة زينب إقبالا كثيفًا على بائعى «الكنافة»، منذ الظهيرة إلى موعد الإفطار، طابور للرجال وآخر للنساء يفصل بينهم رجل خمسينى، تطرق المواطنون خلالها إلى الحديث عن الوضع السياسى، وما حدث للإخوان، وقرارات الجيش الأخيرة، إلا أن جميعهم اتفقوا على أن القادم أفضل.
أمام المحل يقف الحاج إبراهيم عرفة، صاحب أحد أشهر محال الكنافة بالسيدة زينب، قال: «إن الأوضاع السياسية هذا العام أثرت على حجم المبيعات وعلى عدد الزبائن، والموسم بالنسبة لنا قبل رمضان بأسبوع وأول ثلاثة أيام فى رمضان»، يضيف: «الزبون المصرى قسم رمضان 3 عشرات، عشرة للحلويات، وعشرة للملابس، وعشرة للكحك»، يكمل: «لكن نظرا للأحداث الأخيرة اقتصر الموسم على أول ثلاثة أيام فى رمضان، وهناك زبائن لم يأتوا هذا العام بسبب بعد المسافات وغلق الطرق».
فى نهاية الطابور أمام محل كنافة بالمنطقة، وقف وليد جمعة، أربعينى، موظف فى شركة سيارات، ومعه أولاده الصغار، جاءوا من منطقة ميت عقبة لشراء الكنافة التى يعتبرها وليد «إحدى أهم العادات الرمضانية التى تعود عيها منذ الصغر».
تطورت مهنة بائع الكنافة، ولم يعد الشكل الفلكلورى الذى يرش فيه صانع الكنافة العجين على أسطوانة مسطحة من الصاج، وتطورت إلى الكنافة الآلى التى يقول الحاج إبراهيم «إنها وفرت من كثرة العمالة وتعطى نفس جودة اليدوى فأصبحنا نستخدمها ونعتمد عليها».
ولتجنب الخلافات فى الطابور، خصص الحاج إبراهيم موظف لتنظيمه، ولمنع أى احتكاكات بين الزبائن، وكانت هذه المهمة من نصيب الريس سعد، برأسه الأصلع وملامحه التى توحى بأنه تجاوز الخمسين عاما، قال لـ«المصري اليوم»: «الطابور كله خناقات من الصبح اللى مع السيسى واللى مع مرسى، وبعضها تطور من الخلافات وفى بعض الأحيان وصل الحال للخناق بالأيدى وهذه الأفعال تؤثر على سمعة المكان ودورى أن أوقفها لأن رمضان كريم لا يجوز أن يحدث فيه مثل هذه الخلافات، بالإضافة إلى حالات التحرش التى ممكن أن تحدث».
فى طابور النساء انتظارًا للكنافة، دفع الأمل فاطمة السيد، ربة منزل لعدم الاكتراث بالأحداث السياسية الحالية، حيث اعتبرت أن ما يحدث بداية جديدة على مصر، تقول: «رمضان السنة دى أحسن كتير لأنه من غير إخوان، والغمّة انزاحت». وكأغلب ربات البيوت لا تبالى بما يحدث كثيرا «على الرغم من القلق اللى حاصل إلا أنه لازم نحس بالشهر اللى بيجى مره فى السنة، لأنه هو الوحيد اللى بيخرجنا من الحالة اللى البلد فيها».
وتحرص فاطمة على شراء منتجات رمضان قبل حلول الشهر بأيام، إلا أن الأحداث التى سبقت الشهر الفضيل، العام الجارى، جعلتها تأخرت فى عملية الشراء لقلقها من الخروج إلى الشارع فى أيام المظاهرات. توضح: «الكنافة من الأطعمة الرئيسية فى رمضان، وبحاول كل مرة أشترى كميات أكبر تجنبا للوقوف فى الطابور».
من منطقة الإمام، جاءت نورا يحيى، سيدة خمسينية، تلبس خمارًا وجلبابًا بسيطا، وقفت ساعة ونصف الساعة فى طابور الكنافة، تقول: «رمضان السنة دى مالوش طعم والناس حزينة على الناس اللى بتموت.. حتى المحال كانت زحمة عن كده والطوابير على محال الكنافة والقطائف كانت طوال النهار، لكن السنة دى الناس مالهاش نفس». تضيف: «بسبب الأحداث، أسعار الكنافة والقطائف زادت جنيها واحدا، المشكلة أن باقى الاحتياجات الأساسية تضاعفت أسعارها»، وهو ما جعل نورا تشترى المنتجات الرمضانية بكميات أقل، شكواها تمتد إلى جميع المستلزمات الرمضانية «المشروبات مثل التمر الهندى وقمر الدين، زادت الضعف».
فى الطابور الذى كان يقف فيه مجموعة من النساء، تبدو عليهم البساطة، وقفت امرأة ستينية، ترتدى بنطلونا وقميصا، ونظاره شمسية، نجلاء رمزى، مهندسة، جاءت من المنيل إلى منطقة السيدة زينب لشراء الكنافة، تعودت على شرائها كل عام قبل رمضان بأيام اتقاء من الزحام والوقوف فى طوابير أثناء الصيام، لكن الأحداث التى شهدتها المنيل، والاشتباكات التى وقعت بين الأهالى وأنصار الإخوان المعتصمين بميدان النهضة، أعاقت خروجها قبل بداية شهر رمضان.
تتحمل نجلاء رمزى مشقة الوقوف فى الطابور لشراء الكنافة البيتى، التى تفضلها عن الكنافة الجاهزة من محال الحلوى، «الكنافة البلدى أفضل، لأنها هتتعمل فى البيت، وبتخلينا نحس بأجواء رمضان بتاعة زمان أكتر».
عقب توقف الاشتباكات بين أهالى المنيل وأنصار الإخوان، لم تتردد فى النزول لشراء المستلزمات الرمضانية كباقى جيرانها، تقول «الأحداث فى المنيل أثرت علينا وعلى الإحساس برمضان هذا العام ولكن المصريين فى عز الأزمات بيضحكوا ويستمتعوا بالمناسبات الدينية التى تمر عليهم وأيضا الشباب فى المنطقة قاموا بعمل لجان شعبية وسهلت علينا الدخول والخروج من المنطقة وقللت من إحساس الخوف اللى كان مسيطر علينا فى الفتره الأخيرة».