«جمال مبارك لا يتدخل فى تشكيل الحكومة.. وهناك مؤسسات تدير البلد.. وغير صحيح أن أمين السياسات سيكون الحاكم الفعلى لمصر إذا انتخب والده عام ٢٠١١».. بهذه العبارات رد د. محمد كمال، أمين التثقيف والتدريب السياسى بالحزب الوطنى، على كل ما يتردد حول نفوذ أمانة السياسات.
وأكد كمال فى الحلقة الثانية من حواره لـ«المصرى اليوم» أن اهتمام المصريين بالانتخابات الرئاسية أمر طبيعى وصحى لكنه لم يصل إلى مرحلة القلق، موضحاً أن مصر تتغير كل يوم وأصبحت «مسيسة» خلال الخمس سنوات الماضية وجزء من الفضل يعود لدور الصحافة الخاصة والفضائيات.. وإلى نص الحوار:
■ فى حالة فراغ المنصب، أليس لدى جمال مبارك طموح لشغله؟ ولماذا لا يعين نائباً للرئيس؟
- الدستور يتعامل مع موضوع فراغ المنصب، وفى رأيى أن تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية أمر اختيارى، استنادا للمادة ١٣٩ من الدستور، فالدستور لا يتحدث عن أى اختصاصات لنائب الرئيس، ولكن يترك تحديد هذه الاختصاصات للرئيس.
والتعديلات الدستورية الأخيرة فى ٢٠٠٧ أعطت السلطات المتعلقة بنائب الرئيس إلى رئيس الوزراء، وهى فى حالة وجود مانع مؤقت يحول دون مباشرة الرئيس لاختصاصاته، وعدم وجود نائب للرئيس، يتولى هذا الأمر رئيس الوزراء أو فى حالة توجيه اتهام بالخيانة العظمى - يعنى فى المانع المؤقت - أما فى المانع الدائم فيتولى رئيس مجلس الشعب. إذن لن يحدث فراغ فى هذا الأمر سواء فى المانع المؤقت أو الدائم. نحن نظام شبه رئاسى مثل فرنسا وغيرها من الدول ولقد درست هذا الأمر ولم أجد فى هذه الدول منصب نائب الرئيس، لأن ذلك يعمل على تعدد زائد فى إدارة السلطة التنفيذية، ولكن إذا كان التوجه هو التحول للنظام الرئاسى فيجب أن يكون هناك نائب لرئيس الجمهورية وفى هذه الحالة يجب أن ينتخب نائب الرئيس على نفس التذكرة الانتخابية لرئيس الجمهورية.
■ نعود إلى جمال مبارك فى حالة فراغ المنصب.. تقول إنه يقوم بدوره الحزبى، هذا معناه أنه ليس له طموح للمنصب.
- من الممكن أن توجه له هذا السؤال، ولكن الذى أراه أمامى وما أؤكد عليه أكثر من مرة أنه يلعب دوراً حزبياً من داخل المؤسسة الحزبية.
والشىء الجديد أنه نجل رئيس الجمهورية، وهذه أول مرة فى مصر أن يلعب نجل رئيس الجمهورية هذا الدور البارز داخل مؤسسة حزبية، وأنا متأكد من أنه حريص على ألا يتجاوز هذا حدود الدور الحزبى. وهو لا يلعب دوراً تنفيذياً ولا رقابياً ولكن دوراً حزبياً.. البعض يقول إننا نراه فى برنامج زيارات الألف قرية ومعه عدد من الوزراء.. هؤلاء الوزراء أعضاء فى الحزب والبرنامج نفسه فكرة حزبية فى الأساس لكنه لا يعطى توجيهات تنفيذية للوزراء.
■ البعض يتهمه بأنه يشارك فى تشكيل الحكومة؟
- هذا ليس صحيحا على الإطلاق، وأمانة السياسات لا علاقة لها بتشكيل الحكومة وهذه سلطة رئيس الوزراء المسؤول عنها أمام البرلمان والرأى العام.
ما سأقوله ممكن أن يكون فلسفياً قليلا، والحزب الوطنى هو حزب أغلبية لكن ليس ضروريا أن يكون الحزب الحاكم بالمعنى المتداول فى الدول الأخرى مثل بريطانيا.. هو حزب الأغلبية من خلال أن له الأغلبية فى البرلمان ويعمل بهذه الأغلبية وينسق معها لكن معادلة الحكم فى مصر لها أطراف كثيرة أهمها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.. هذا ليس تحليلاً سياسياً، ولكنه كلام دستورى.
■ تحركات أمين السياسات تنبع من كونه أمين السياسات أم من كونه نجل رئيس الجمهورية؟
- تنبع بالأساس من موقعه الحزبى وليست لها علاقة بكونه نجل رئيس الجمهورية، والدليل على ذلك أن رئيس الجمهورية له جولاته المختلفة فى كل شىء عن جولات أمين السياسات.. أيضا رئيس الوزراء والوزراء لهم جولات، وهذه الجولات لها طابع حزبى بالأساس.
■ لا توجد قيادة حزبية أخرى على نفس المستوى أو على المستوى الأقل تحظى بهذه الأهمية والتغطية الإعلامية مثل جمال مبارك.
- الإعلام هو الذى يعطى اهتماماً لهذه الزيارات.
■ دون توجيه؟
- من وجهة نظرى.. دون توجيه، وفى أحيان كثيرة كان الضرر أكثر من النفع، وأرى المبالغة فى تغطية أنشطة أمين السياسات فى الصحافة القومية أو الخاصة وفى بعض الأحيان أضرارها أكثر من نفعها، وكل ذلك يتم دون توجيه.
■ قلت لى من قبل إن إدارة الإعلام فى مصر لا تنطلق من الحزب الوطنى أو بمعنى آخر الحزب لا يتحكم فيها؟
- أعتقد أن هذه المسألة أصبحت معقدة جدا، وهناك «تشتت» فى الرسالة الإعلامية للدولة، وهناك مراكز مختلفة لانطلاق هذه الرسالة. وفى أحيان كثيرة لا يوجد تنسيق بينها وفى أحيان كثيرة أيضا لا يتم التفكير فى الرسالة الإعلامية قبل إطلاق سياسة محددة، ويكون دور إعلام الدولة هو التعامل مع تداعيات هذه السياسة وردود الفعل.
ويجب أن ندرك أن الساحة الإعلامية فى مصر تغيرت كثيرا، وأرى أن وجود الصحافة الخاصة والقنوات التليفزيونية الخاصة مكسب كبير للإعلام فى مصر، وأرى أنها رغم المبالغات فى تغطية بعض الأحداث، فإنها تقوم بدور إيجابى وفى أحيان كثيرة تلعب عددا من الأدوار التى يلعبها البرلمان، وأحيانا بشكل أكثر فاعلية، خاصة فى الرقابة على السلطة التنفيذية أو الرقابة على الحكومة.
المهم أن نتعامل مع هذه الأدوات بشكل جيد.. محاربة هذه الأدوات لن تؤدى إلى أى نتيجة، لأنها إذا اختفت فستظهر بدائل لها على الإنترنت، ومن المهم أيضا التواجد كدولة وكممثلين للدولة من خلال هذه الأدوات والسعى لتوضيح وجهة النظر باستخدام هذه الأدوات، بالإضافة إلى الجهد الخاص بتطوير الأدوات الإعلامية للدولة، وهذا تحد كبير جدا ونحن مقبلون على مرحلة مهمة جدا، ومن المهم أن نتعامل مع الأدوات الإعلامية المتاحة بشكل أفضل.
■ يوجه لكم اتهام بأنكم «مجموعة» كل هدفها تسليم الحكم لجمال مبارك؟
- غير صحيح على الإطلاق فلا توجد مجموعة أساسا.
أولا أمانة السياسات تضم أكثر من ٧٠٠ عضو، ولو أنك تتكلم عن أمانة السياسات، فالرأى العام لا يعرف من أعضائها إلا عدداً محدوداً يعد على أصابع اليد الواحدة، والبقية هم مجموعة من أفضل العقول الموجودة فى مصر.. تعمل فى هدوء ولا تسعى للإعلان عن جهدها من أجل بلورة سياسات عامة فى المجالات المختلفة، فالهدف هنا سياسات عامة وليس هدفاً سياسياً يتعلق بدعم شخص ما للوصول إلى هدف محدد.
والمسألة ليست «مشخصنة» على الإطلاق والكل يعمل فى إطار مؤسسى واضح المعالم ولا يوجد فريق لديه توجهات للعمل من أجل ترشيح جمال مبارك فى انتخابات الرئاسة، وإذا كان هذا الفريق موجوداً بالفعل فحكمى عليه أنه فريق فاشل، لكنه ليس موجودا.. لأن هذا الهدف غير موجود.
■ الدكتور حسام بدراوى قال إن أمين السياسات مرشح محتمل للرئاسة.. وفى حالة فراغ المنصب من الممكن أن يكون رقم كم؟
- لا أريد أن أدخل فى تخمينات ولا تنبؤات قد تتحقق أو لا تتحقق.. وكما قلت أؤكد أن مسألة انتخابات ٢٠١١ والترشيح هى قرار الرئيس مبارك فى المقام الأول.
■ تتوقع أن يكون لدينا رئيس مدنى بعد الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك فى الأساس رئيس مدنى، حتى منذ أن كان نائباً للرئيس، فنائب الرئيس منصب مدنى جاء إليه من جذور عسكرية، والدستور حدد طريق الترشيح للرئاسة، وهو أن يكون عضوا فى الهيئة العليا لأى حزب، وقد يكون هذا العضو له جذور عسكرية.
وإذا كان سؤالك عن دور المؤسسة العسكرية فأعتقد أنها مؤسسة مهنية ومحترفة وسوف تحترم الشرعية الدستورية والقانونية بما فى ذلك الأمور المتعلقة بانتخابات رئيس الجمهورية.
■ إذن لن يأتى مرشح من المؤسسة العسكرية ويحصل على ٢٥٠ موافقة من النواب.. ويكون مرشحا مستقلا ويدعمه الحزب الوطنى؟
- هذه أيضا مسائل تخيلية، فإذا كان هناك طريق أيسر هو العضوية الحزبية وعضوية الهيئة العليا للحزب فلماذا يخوض هذا الشخص الطريق الأصعب والأوعر؟!
المسألة ليست مسألة خلفية الشخص.. البعض يروج إلى أن المؤسسة العسكرية قد ترفض شخصاً مدنياً، وأنا وجهة نظرى أن المؤسسة العسكرية فى مصر طوال عمرها مؤسسة محترفة ومهنية وهى جزء من النظام فى مصر وتحترم القواعد التى يقوم عليها النظام وتحترم الشرعية الدستورية والشرعية القانونية وما يترتب عليهما من نتائج.
■ أيمن نور فى حواره معنا شكك فى نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية؟
- أى مرشح يخسر الانتخابات يقوم بالتشكيك فى النتائج، وكان هناك آلية قانونية للتظلم من هذا الأمر، وأعين العالم كلها كانت موجودة فى هذه الانتخابات.
■ وما رأيك فى التأثير الدولى على انتخابات الرئاسة المقبلة؟
- مصر دولة مهمة، الانتخابات الرئاسية فيها هى أهم انتخابات وبالتالى سوف تحظى هذه الانتخابات باهتمام العديد من دول العالم، سواء أمريكا أو الدول الكبرى الأخرى أو الدول الإقليمية وهذه الدول لها مصالح مهمة مع مصر، ومصر لها مصالح مهمة مع هذه الدول وبالتالى سيكون هناك اهتمام بنتائح هذه الانتخابات، لا أعتقد أن دولة ما يمكن أن تؤثر فى نتائح هذه الانتخابات بالعكس عندما ترتبط أسماء المرشحين بدولة خارجية يقلل هذا من حظوظهم الانتخابية والعلاقات بين الدول تقوم بالأساس على المصالح، وأمريكا أعلنت أكثر من مرة أن انتخابات الرئاسة واسم مرشح الرئاسة هو شأن داخلى مصرى ده الموقف الرسمى للولايات المتحدة.
■ وما رأيك فى الرقابة الدولية على الانتخابات؟
- رأيى أن وجود رقابة على الانتخابات أمر مهم جدا وسوف يزيد من درجة مصداقية الانتخابات ويضفى درجة أكبر من الشرعية على نتائجها، السؤال هو رقابة دولية أم محلية؟، البعض يرى أن الرقابة الدولية أكثر استقلالية لا تخضع لضغوط من الحكومة التى تجرى فيها الانتخابات، الرقباء الدوليون لهم خبرة أكبر فى التعامل مع هذا الأمر، البعض الآخر يرى أن الرقابة الأجنبية ضعيفة لأن هؤلاء الرقباء لا يعرفون لغة البلد ولا قوانينه ولا المناخ السياسى السائد فيه ولا يملكون الثقافة السياسية وأعدادهم محدودة وأكبر وفد من رقابة دولية لا يزيد على ١٠٠ واحد، وبالتالى لا يستطيعون مراقبة العدد الكافى من اللجان الانتخابية للوصول إلى نتيجة.
■ لكنك شاركت فى الرقابة على انتخابات بعض الدول ضمن وفود مصرية؟
- لم أشارك ولم يشارك الحزب الوطنى على الإطلاق فى الرقابة على الانتخابات فى أى دولة، ذهبت لعدد من الدول أثناء مواسم الانتخابات للتعرف على التجربة الانتخابية.
■ أنتم ترفضون حتى لا يطالبكم أحد بالمعاملة بالمثل؟
- لم توجه إلينا أى دعوة أساساً، الرقابة المحلية البعض يرى أن لها جوانب إيجابية منها معرفة الثقافة واللغة وتوافر الأعداد والتواجد فى جميع أنحاء الجمهورية وبالتالى أى تقارير بيكتبوها هيبقى ليها درجة أعلى من الاستناد إلى حقائق، وممكن تعمم منها نتائج معينة، وأنا أرى أن منظمات المجتمع المدنى المصرى لديها فرصة ذهبية فى الانتخابات القادمة للعب دور مهم فى رقابة هذه الانتخابات ويجب أن نوفر لها الموارد والتدريب والتنظيم كى تمارس هذا الدور بحيادية واستقلالية والجديد فى الأمر أن قانون مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته الأخيرة أعطت لهذه المنظمات حقاً قانونياً فى متابعة هذه الانتخابات من الضرورى أن نبدأ من الآن وبشكل مبكر لأنه معدش فيه وقت فى وضع القواعد التنظيمية لقيام هذه المنظمات بالدور المأمول منها، وهنا فيه دور للجنة العليا للانتخابات التى تضع هذه القواعد ودور للمجلس القومى لحقوق الإنسان لأنه الأكثر صلة بهذه المنظمات.
■ المجلس القومى لحقوق الإنسان نفسه أوصى بالرقابة الدولية؟
- هذه وجهة نظره، وأقول أنه لو أتيح لمنظمات المجتمع المدنى المصرى القيام بدور حقيقى فى مراقبة الانتخابات المقبلة هيبقى أفضل كثيرا من الرقابة الدولية ويجب الاستثمار فى هذا الجهد بدلا من الاستثمار فى الرقابة الدولية، لأن منظمات المجتمع المدنى المصرى أكثر دراية بالمجتمع وثقافته وقواعد اللعبة الانتخابية وبالتالى يمكن أن تلعب دوراً أكثر مصداقية من الرقابة الدولية ولا أملك معلومات ولا أعرف بوجود قرار يتعلق بالرقابة الدولية على الانتخابات لكن أرى أن المجتمع المدنى المصرى لديه فرصه أن يلعب دوراً فى رقابة الانتخابات القادمة ويجب التحرك مبكرا لتنظيم هذا الحق القانونى، وعايز أقول إن الرقابة الدولية نظرا لصغر عددها تستعين برقباء محليين فإذا كان عندك الفرصة أن يقوم المجتمع المدنى المصرى بالدور بكل نزاهة واستقلالية فلتعطه الفرصة لأداء هذا الدور.
■ هل ترى أن قلق المجتمع المصرى على الانتخابات الرئاسية طبيعى؟
- إنت بتسميه قلق أنا أسميه اهتمام، أنا شايف فيه اهتمام كبير بالانتخابات الرئاسية وده أمر طبيعى وصحى باعتبارها أهم انتخابات فى مصر وأن رئيس الجمهورية أهم شخصية تنفيذية فى البلاد وأن هذا الاهتمام جزء من الحراك السياسى فى مصر وأعتقد أنه خلال الخمس سنوات الماضية أصبحت مصر مسيسة وقطاعات كبيرة من المجتمع أصبحت تهتم بالعملية السياسية وده جزء من الحراك السياسى يجب أن نرجع الفضل فيه لوسائل الإعلام والقنوات الخاصة سواء الصحافة أو القنوات وده شىء ايجابى ولا ضرر منه.
■ هل ترى أن اهتمام الناس الطبيعى لا يجعل الحزب الوطنى يعلن مرشحه مبكراً؟
- مرة تانية الترشيح قرار الرئيس مبارك فى المقام الأول هو من يشغل المنصب الحالى لرئيس الجمهورية ورئيس الحزب.
■ أى أنكم - كحزب - تنتظرون قرار رئيس الجمهورية؟
- أولويات الحزب هى انتخابات مجلسى الشورى والشعب.. وهى انتخابات مهمة جدا، وإعلان اسم مرشح الحزب معناه بداية حملة انتخابات الرئاسة.. ولا أعتقد أنه من المصلحة بدء الحملة الآن، لأن هناك حملات أخرى لها أولوية فى الترتيب وتسبق انتخابات الرئاسة وهى انتخابات مجلسى الشورى والشعب.
■ وما رأيك فيما قاله د. حسن نافعة من أنه فى حالة فوز الرئيس مبارك فى ٢٠١١ سيكون جمال مبارك هو الحاكم الفعلى للبلاد؟
دور الحزب بكل أشخاصه - بمن فيهم أمين السياسات - دور تنظيمى يرتبط بالانتخابات وبلورة السياسات العامة، ولكن الحكم تقوم به مؤسسات الحكم القائمة.
وفى نهاية حديثى أحب أن أضيف أن شرعية أى رئيس جمهورية جديد لمصر هى صندوق الانتخابات وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.. مع أى رئيس جديد ستنتهى مسألة الشرعية التى تعتمد على إنجاز عسكرى أو كونه قيادة تاريخية، ولكن ستعتمد بشكل أساسى على صندوق الانتخابات.