بدأت القناة الرابعة في التليفزيون البريطاني بث أذان صلاة الفجر، منذ الأربعاء، وطيلة أيام رمضان، بصوت المؤذن والموسيقي الجنوب أفريقي حسن رسول، في أول سابقة من نوعها لشبكة تليفزيون تمولها الحكومة في بريطانيا.
وستقطع القناة التي تختص ببثها الأقليات في بريطانيا بثها المعتاد أربع مرات في أول أيام شهر رمضان لعرض أفلام قصيرة مدة كل منها 20 ثانية لتذكير المشاهدين بموعد الصلاة.
وتحدت القناة الانتقادات وأذاعت الأذان، لتكون أول قناة وطنية تذيع أذان الفجر الثالثة صباحا طوال شهر رمضان.
وأشعلت هذه المبادرة جدالاً في بريطانيا، حيث يمثل المسلمون أقل من خمسة في المئة من السكان. وكان مقتل الجندي لي ريجبي أمام ثكنة وولويتش في لندن الشهر الماضي أدى إلى اندلاع سلسلة من التظاهرات للتنديد بالإسلام.
ودافع مدير البرامج اليومية في القناة الرابعة رالف لي عن قرارها إذاعة أذان الفجر وبرامج تركز على رمضان، وقال لتليفزيون «رويترز»: «نتمنى من المسألة برمتها لفت الأنظار إلى أقلية مهمة في بريطانيا. هناك تقريباً ثلاثة ملايين مسلم في بريطانيا. وبالنسبة إلى غالبيتهم سيكون رمضان جزءًا رئيسياً من عامهم، وسيمارسون طقوس شهر رمضان من دون إحداث جلبة. ونتمنى أن يؤدي هذا القرار إلى لفت الأنظار إلى تجربة رمضان وما يمرون به خلال هذه الفترة».
ورفض لي مزاعم وردت في بعض قطاعات الإعلام البريطاني ومن الساسة اليمينيين عن أن الخطوة محاولة للدعاية.
وأضاف: «ليست خطوة دعائية. الأمر يتعلق بالغرض من وجود القناة الرابعة وهو تمثيل الأصوات البديلة والأفكار المختلفة. هذا لن يسر كل الموجودين في بريطانيا، ولكن في النهاية هذا هو الغرض من القناة الرابعة، لذلك أتمنى من الرافضين أن يخوضوا التجربة ويلقوا نظرة وإذا أرادوا فليواصلوا النقد، وسنصغى اليهم».
وقال حزب الاستقلال البريطاني الرافض للاندماج مع أوروبا إن قرار القناة الرابعة إذاعة أذان الفجر مستفز وغير ملائم.
وقال المتحدث الصحفي باسم الحزب جوين تولر: «نشعر بأن القناة الرابعة تقوم بدورها التقليدي كما ترى نفسها لاستفزاز الطبقة الوسطى في إنجلترا ومن لا يشاركونها آراءها وأسلوبها. ولو كانت قناة تجارية قد لا تكون لدينا مشكلة كبيرة معها، إذ هناك قنوات تجارية تذيع الأذان، مثل قناة «اسلام» و«الجزيرة» وغيرهما، لكنّ هذه قناة يموّلها دافع الضرائب وتستفز الطبقة الوسطى، بعدما سرقت أموالها لدفع مقابل هذا الاستفزاز».
وأضاف تولر: «الآن لدينا هذا الشعور في ضوء الأهوال التي وقعت في وولويتش... هذا ليس الوقت الملائم أو المكان الملائم أو طريقة التمويل الملائمة التي يمكن من خلالها الإقدام على قرار كهذا».
وعانى المسلمون في بريطانيا من عمليات انتقامية، بعدما قتل رجلان الجندي ريجبي (25 عاماً) في وضح النهار أمام ثكنة وولويتش في لندن. ومنذ ذلك الحين قامت تظاهرات ضد الإسلام وتصاعدت هجمات المتعصبين، بما في ذلك إحراق متعمد كما يبدو لمركز إسلامي في لندن.
وأشاد مجلس المسلمين في بريطانيا الذي يمثل نحو 3 ملايين مسلم في البلاد بمبادرة القناة الرابعة.
وقال مساعد الأمين العام للمجلس عمر الحمدون: «الخطوة مهمة جداً. فنحن نعيش في بريطانيا في مجتمع متعدد الثقافات وعندما نقر بأن المسلمين جزء من المجتمع وعندما نمنحهم ذلك النوع من الانتماء من خلال إذاعة الأذان، فأمر مرحّب به».
كانت الآراء المتعلقة بإذاعة الأذان إيجابية أمام مسجد في شرق لندن قبل رمضان، لكن بعض المسلمين أبدوا قلقهم من رد فعل عكسي بعد حادث وولويتش.
واعتبر حسن رسول الموسيقي والمؤذن الذي ولد في جنوب أفريقيا أنها «فرصة رائعة» لإظهار صورة مختلفة للإسلام لمشاهدي الشبكة وغالبيتهم من غير المسلمين.
وأضاف: «نرفع القبعة للقناة الرابعة هنا في إنجلترا لهذه الخطوة. إنها رؤية ثاقبة من القيادات، وقد مللنا من تصوير الإسلام في شكل سلبي على الشاشات في أنحاء العالم. حان الوقت ليقوم الأشخاص في أعلى المناصب في وسائل الإعلام بمسؤولياتهم في إظهار الصورة الحقيقية».
وفى تصريحات لصحيفة «الشرق الأوسط»، قال «رسول» الذي صورته الكاميرات وهو يتجول في شوارع لندن مرتديًا ملابس عصرية شبابية ويتوقف لإلقاء الأذان، بينما يمر من حوله المارة من كل الثقافات والخلفيات، إن اختياره جرى بناء على ترشيحات من أناس استمعوا له من قبل.
وتابع: «كنت سعيدا جدا بالأمر، فأنا أعتقد أننا في بريطانيا بحاجة لنرى برامج إيجابية على شاشة قناة رسمية، فنحن نشاهد دائما صورًا سلبية للإسلام والمسلمين على شاشات التليفزيون».
وأشار إلى «رسول»، وهو مغنٍ وله أعمال فنية ويميل إلى موسيقى «السول»: «وافقت على عرض القناة البريطانية، وقمنا بالتسجيل في أحد استوديوهات سوهو»، لافتًا إلى أنه أراد أن يعكس شخصيته، وأوضح «فأنا شخص أحب الناس، أبتسم للغرباء وأسارع لنجدة المحتاج. في الحقيقة كان من أهم الأشياء التي أصررت عليها عند الاتفاق مع القناة أنني يجب أن أكون على طبيعتي وبالفعل وافقوا على ذلك، فأنا لم أرد الوقوف على سطح أحد المباني للأذان، أردت أن يكون التصوير جريئا ومميزا».