تضخم الألتراس ووصولهم إلى حد ترهيب عناصر المنظومة الرياضية بعد أن كانوا أحد عناصرها الأساسية كمشجعين يمثلون روح كرة القدم وسر حلاوتها فى الملاعب والمدرجات المختلفة لابد له من أسباب وقفت وراء هذا التحول فى تركيبة الشباب، لاسيما وأنهم كانوا أحد التيارات التى شاركت فى ثورة 25 يناير المجيدة.
ولمعرفة هذا التحول كان لابد من طرق أبواب علماء الطب النفسى ليقولوا لنا رأيهم فى ظاهرة شباب الألتراس، وكيف يمكن احتواء غضبهم وترويضهم والتعامل السليم معهم، وما هى حدود الخطر الناتج عنهم؟!
يقول أستاذ الطب النفسى الدكتور هاشم بحرى: «أى شاب طبيعى لا يجد مخرجا للطاقة التى لديه يتحول إلى إنسان غاضب، وهذا الغضب إما أن يؤذى به الآخرين من خلال الاقتحامات وما يقومون به الآن، أو يؤذى به نفسه بأن يصبح مدمناً مثلاً أو ينتحر، والألتراس مجموعة من الشباب قبل الثورة كان هدفهم أن يقولوا إنهم يشجعون الأهلى مثلاً وكانوا يخرجون غضبهم فى التشجيع، ولكن هذا الغضب كان يفلت أحياناً بدليل أنهم حرقوا مشجعاً من الزمالك».
وتابع: «بعد الثورة تحولوا لمجموعة منتجة بعد أن شاركوا فى أيامها بقوة، وشعروا بأن لهم دوراً ومشاركة ولكن بعد الثورة هم وشباب الثورة تم تهميشهم أو لنقل «اتمسحوا بأستيكة» وما يفعلونه الآن يريدون أن يقولوا إنهم على الساحة، ويريدون رد اعتبارهم، ولكى يثبتوا ذلك قالوا لنا (إحنا هنمشى الدولة بالطريقة التى نريدها وسنوقف الدورى).
وأوضح «بحرى»: «يجب على الألتراس أن يدركوا أن محاسبة المتهمين فى مذبحة بورسعيد تخضع للقضاء ولا يجوز أن توقف الدورى، والمشكلة حالياً أن الوزارة لم تأت بشباب، وأصغر وزير عمره 45 سنة، وأرى أن ثورة الألتراس استمرار لثورة يناير لكن بشكل غير صحىّ، لأننا تعودنا منذ الثورة أن صاحب الصوت العالى وكل من يلجأ للعنف تستمع له الدولة».
وأضاف: «هؤلاء الشباب يمكن احتواؤهم بأن يأخذوا دوراً فى الحياة بأى شكل ولو عبر نشر الثقافة الرياضية ومحو الأمية الرياضية من خلال برنامج تشرف عليه وزارة الرياضة».
فيما أكد الدكتور عماد سمير محمود، أستاذ ورئيس قسم علم النفس الرياضى بكلية التربية الرياضية جامعة أسيوط، ضروة وسرعة احتواء شباب الألتراس من خلال جلسات واجتماعات من أطباء علم نفس متخصصين لعقد جلسات وبرنامج توجيه وإرشاد نفسى قبل تفاقم الأزمة واشتعال الصدام مع الرياضيين والدولة، خصوصا أن هؤلاء الشباب وصلوا لدرجة لا يجب الاستهانة بها فى التعبير عن غضبهم.
واعتبر عماد سمير أن لغة الحوار هى السبيل الوحيد، لأن جميع التجارب السابقة أثبتت فشل أى طريقة أخرى للتواصل مع هؤلاء الشباب الغاضب والثائر، مؤكدا أن الجلوس مع الألتراس بطريقة ديمقراطية لمناقشتهم فى أفكارهم وتبادل الحوار والمناقشات معهم والتعرف على تكوينهم الفكرى يمثل 90% من حل الأزمة.
وقال إن لغة الحوار هى الأفضل لإقناع هؤلاء الشباب بأى اتجاه فى المرحلة المقبلة، محذرا من الاعتماد على سياسة العند أو الصدام معهم وفرض وصاية عليهم وإجبارهم على قبولها، لأن ذلك سيؤدى إلى نتائج عكسية لن تحمد عقباها، خصوصا أن هؤلاء الشباب ضحية لسياسة القهر والديكتاتورية والكبت المتراكم لديهم على مدار السنوات الماضية.
وقال: «هذه الرواسب التى خلفتها سياسات النظام السابق هى الدافع الأساسى لتظاهرات واعتراضات الألتراس بهذه الطريقة».
وشخص أستاذ علم النفس الرياضى مشكلة الألتراس فى أنها «انفجار نفسى» وعادة ما يتبع هذه الأزمة حالتان لا ثالث لهما الأولى هى انطواء الشخص وانعزاله تماما عن المجتمع، والثانية هى الانفجار وتفريغ كل طاقاتهم بطرق مشروعة وغير مشروعة، وقال إن تصرفات الالتراس وإصرارهم على موقفهم الرافض عودة الدورى نابعة من شعورهم بالقهر النفسى بعد الظلم الذى تعرض له زملاؤهم فى مذبحة بورسعيد.
وشدد على أهمية دور الدولة ووزارة الرياضة وإدارات الأندية فى احتواء هؤلاء الشباب وإشراكهم فى القرار، لاسيما وأنهم يرفضون مبدأ القوة والإجبار على تنفيذهم القرارات. وقال: «فى حالة عدم استجابة الألتراس للغة الحوار، فلن يكون هناك حل سوى فرض الدولة قراراتها وقوانينها بقوة القانون، باعتبار ذلك الخيار الوحيد لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها وتأثيرها على المجتمع ككل».