27 عامًا على رحيل «حداد».. إمام الإنسانية المصرية (ملف خاص)

كتب: أحمد الفخراني الأربعاء 31-10-2012 21:24

يتذكر أمين والده فؤاد حداد وهو يخبره بمرارة «أحتاج إلى مؤسسة لتدعمنى».

ورغم ذلك يتحرك هو كمؤسسة، لا كفرد، لا يتحالف مع سلطة، «زاهدًا، متواضعًا، لا يسعى إلى الأضواء، يتواجد بشعره، وليس بضجيجه أو بصخبه» كما وصفه جمال الغيطاني، كما لم «يتاجر مولانا الشاعر الأعظم بشعره، ولم يقف على النواصي، وأمام الأعتاب يستجدي الأجر والمشاعر» كما يقول محمود الورداني.

كان الفارق، الذي أثبتته الأيام، يتضح بين منجز فؤاد حداد الذي يجعله في مصاف «الشعراء العالميين» وبين منجز شعر العامية، أو كما يقارن أمين حداد «كان الإعلام الرسمي يضع اسم نجيب محفوظ قبل فوزه بجائزة نوبل بجوار أسماء يوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله وإحسان عبد القدوس باعتبارهم مؤسسي الرواية المصرية الحديثة، فوزه بالجائزة هو فقط ما نبههم إلى أن محفوظ كان في مكان آخر ومكانة أخرى». مازال وضع اسم فؤاد حداد في جملة واحدة مع شعراء عامية آخرين بوصفهم من مؤسسيه لا تستقيم في أذن الابن أو قلبه عندما يسمعها، وهو الأمر الذي أجمع عليه بعض من أرادوا إنصافه بوصفه «واحد من ظواهر الشعر العربي على مدى تاريخه»، وليس مجرد مؤسس لشعر العامية المصرية، مع عظم هذا الأمر في حد ذاته.

كان محاصرًا ومهمشًا، في خطاب السلطة الثقافية الرسمية والآلة الإعلامية والنقاد، على عكس شعراء آخرين  حتى بعد وفاته في 1 نوفمبر 1985، رغم أنه «أشعر الإنس والجان» كما وصف نفسه.

 سيرة فؤاد حداد، تجمع التناقضات لتكتشف «الهوية» كما تم نحتها منذ بدايات القرن التاسع عشر، فهو «اللبناني المسيحي الذي صار مصريًا خالصًا، يعي جذره العربي، وهو المسيحي الماركسي، الذي اعتنق الإسلام، التاريخ الذي انتصر للعرب» كما كان يرى، متصلًا بالجانب الصوفي فيه والذي طوّعه لمناقشة قضايا التراث والهوية، في تجسيد مفهوم الحداثة المصرية، التي تشكلت عبر قرن مضى.

ورغم أن الجيل الحالي، لديه موقف نقدي ضد جيل الآباء المؤسسين، ولديه تشككاته الحادة لمنجز تلك الحداثة وجانبها السلطوي، إلا أنه أكثر الأجيال التي أعادت اعتبار واكتشاف فؤاد حداد، ولم يكن غريبًا أن تتغنى الثورة بأشعاره مع صلاح جاهين، فلم يكن «الشاعر الأكبر» بعيدًا عنها، وهو الذي عرف قيمة «العدل».. و«الحرية».. و«الكرامة الإنسانية».. وهتف لهم في أشعاره منذ كتب ديوانه الأول «أحرار وراء القضبان».

 

فؤاد حداد.. «كان حالف تحت عين الله ياخُد حقه من موته»

المزيد

دراويش الإمام.. «الطير اللى عدى السلك بكرامة فؤاد حداد»

 

المزيد

جاهين وحداد.. آباء العائلة المقدسة

المزيد...وهدوءه ولحيته البيضاء بحكيم يتأمل أحوال العالم