«لا مفر من تطبيق الحدود ولكن بعد امتلاك الأرض».. بثقة أطلق الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، هذا التصريح في أبريل 2011، في مؤتمر بإمبابة بعد أقل من 3 أشهر من قيام الثورة.
وأصدر دكتور محمد عزت بيانًا رسميًا بعد أيام من نشر تصريحه السابق، نفى فيه ورود التصريح على لسانه واتهم الإعلام بالتلفيق، إلا أن ظهور فيديو يؤكد صحة ورود التصريح على لسانه، أكد أن رجل التنظيم القوى في جماعة الإخوان المسلمين، يتحدث بلسان حال قطاع لا يستهان به داخل الجماعة، ذلك القطاع الواسع الذي حسم انتخابات مجلس الشورى ومكتب الإرشاد قبل أعوام قليلة، ليصعد أبناء الجناح المحافظ ويسيطروا على عقل الجماعة وأطرافها الفاعلة، ومن هؤلاء الأبناء المخلصين محمود عزت وخيرت الشاطر.
وإن كان خيرت الشاطر «مهندس النهضة وأحد واضعي مشروع التمكين» قد انضم للإخوان قادمًا من حضن اليسار الذي انتمى له لفترة قصيرة خلال دراسته الثانوية ثم أوليات أشهر دراسته الجامعية، فمحمود عزت هو ربيب التنظيم الخاص الذي كاد أن يصبح جسمًا مستقلًا عن الجماعة في حياة مؤسسها حسن البنا، وتعلق قلبه بالجماعة منذ نشأته المبكرة بحي العباسية.
في الستينيات، طال السجن محمود عزت، ابن المقاول الثري وربيب العاصمة، ليتعرف الطبيب الشاب وقتها خلال اعتقاله على أفكار المنظر الراحل «سيد قطب»، تبنى عزت تلك الأفكار التي كان يعدها أبناء الجماعة أنفسهم تمثل قطيعة مع تراث الإمام المؤسس، وتضع منهجًا جديدًا يهدف لتأسيس «دولة إسلامية على أنقاض الدول القائمة بالفعل»، بحسب دراسة للباحث الراحل حسام تمام.
وعندما خرج محمود عزت من السجن، اختاره مصطفى مشهور «صار لاحقًا مرشدًا عامًا للجماعة»، ليصبح أحد أعمدة بناء التنظيم الدولي، محمود عزت يجمعه بالمرشد العام الحالي محمد بديع كون كليهما ربيب أفكار سيد قطب الأكثر محافظة «بحسب بحث للراحل حسام تمام بعنوان الإخوان والإصلاح قراءة في الجدل والتدافع الداخلي».
كان صعود بديع وعزت وزملائهما من المتشبعين بأفكار «قطب»، دليلًا يثبت للباحثين في شؤون الحركات الإسلامية رؤيتهم الذاهبة لأفول نجم التيارات الإصلاحية داخل الحركات الإسلامية.
عقب الثورة اضطرت الجماعة لمواراة حامي التنظيم «محمود عزت» عن أعين الإعلام، في محاولات منها للإبقاء على القبول الاجتماعي للجماعة وقياديها، في مرحلة تسعى فيها للوصول للحكم بعد ثمانين عامًا من لعب الأدوار المساعدة، ولجأت الجماعة في هذا السياق لإخفاء الأصوات الأكثر محافظة، التي أصبحت مسيطرة على بنيتها التنظيمية ومكتب إرشادها بالفعل بعد إقصاء أغلب رموز تيار الإصلاح وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب.
كان محمود عزت، بحسب دراسات المهتمين بالإسلام السياسي، وعلى رأسهم حسام تمام هو المهندس الحقيقي لسيطرة التيار القطبي «بديع- الشاطر- الجزار- الكتاتني- محمد مرسي- العريان- البلتاجي» على مقدرات الجماعة، لتكون خياراته التي عملت على إقصاء الأصوات الإصلاحية التي تعرب عن ميل للتصالح والمشاركة مع القوى السياسية الأخرى، خطوة على طريق انهيار حلم التمكين القديم.