الأنبا بولا: مرجعية الأزهر يقبلها المسيحى قبل المسلم (حوار)

كتب: شيرين ربيع السبت 27-10-2012 21:39

قال الأنبا بولا، أسقف طنطا، المتحدث الرسمى باسم لجنة الانتخابات البابوية، عضو اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، إنه من اقترح قصر حرية العقيدة فى الدستور المقترح على الديانات السماوية، مبرئاً السلفيين من استبعاد المؤمنين بغيرها من الحماية الدستورية. وإنه نجح فى إقناع الأزهر باستبعاد فقرة تبدو أنها تمس الشيعة، وإن شيخ الأزهر، مشكورا، اقتنع وسحب اقتراحه.

ويتوقع الأنبا بولا أن يتم انتخاب البابا الجديد، بسهولة، 29 الشهر الجارى، مشيرا إلى أن وزير الداخلية، اللواء أحمد جمال الدين، عرض خدمات الوزارة بتأمين انتخابات البابا الـ118، فى مقر الكاتدرائية بالعباسية. وكشف لـ«المصرى اليوم»، عن أن الكنيسة وجهت الدعوة للرئيس محمد مرسى، لحضور القرعة الهيكيلة لاختيار رأس الكنيسة المصرية، وأيضا كما تم توجيه دعوة لرؤساء الطوائف والكنائس العالمية.

وتوقع أسقف طنطا أن يبذل الرئيس مرسى «قصارى جهده لطمأنة الأقباط»، وأنه كلف نائبه، المستشار محمود مكى، بمتابعة ملف إصدار القانون الموحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، رافضا رقابة الدولة على أموال الكنيسة، بعد 20 قرنا من استقلال ذمتها المالية، محذرا مما سماه «اتجاهاً متزايداً من الأقباط لمغادرة وطنهم، مع أموالهم». وقال إن الكنيسة ليست لديها مشكلة مع مرجعية الأزهر أو المادة الثانية، مشددا على أن الكرازة المرقسية ترفض الدولة العلمانية، وترحب بالدولة المدنية.

إلى نص الحوار:

أنت عضو فى تأسيسية الدستور، هل للأقباط مشكلة مع المادة الثانية، ولماذا كل هذه الضجة حولها؟

- المادة وفق دستور 71، تنص على أن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، لكن السلفيين طالبوا بتغيير كلمة مبادئ إلى أحكام، متحججين بأن «مبادئ»، حسب تفسير المحكمة الدستورية، لا تعنى التطبيق الفورى للشريعة، وهم رأوا أنها تفرغ النص من إلزاميته. أيضاً هم يرفضون أن تتولى المحكمة الدستورية تفسيرها، ويريدون مشيخة الأزهر مرجعية لها.

هل وافقتم على هذا الاقتراح؟

- طلبت أن تبقى المادة الثانية كما هى، وأن أى إضافات تكون خارجها، كما طرحت مبدأ احتكام المسيحيين واليهود لشرائعهم، فى مسائل الأحوال الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قيادتهم الروحية. ودار جدل شرحت معه أسباب التمسك بكل عبارة من هذه العبارات، وتم الاتفاق على ذلك. المادة الثانية تم الاستقرار على أن تبقى كما هى فى دستور 71، مع إضافة مرجعية الأزهر فى التفسير وحقوق أصحاب الديانات السماوية، لكنهم أصروا على ربط كل المسائل ببعضها البعض، وانتهينا إلى أن يكون للأزهر مادة مستقلة كمرجعية دينية، وأصبح له إشارتان، الأولى مضافة للمادة الثانية، فضلا عن مادته المستقلة، فطلب ممثل المشيخة حذف مرجعيته من المادة الثانية، لعدم التكرار.

لكن البعض طالب بإشراف الدولة على أوقاف الأقباط أو إنشاء هيئة مستقلة للإشراف، كما الأوقاف الإسلامية؟

- الجهاز المركزى للمحاسبات يراقب إدارة هذه الأوقاف. السؤال: هل يحق للدولة التدخل فى نذر وضعه البعض فى صندوق الكنيسة، لمساعدة الفقراء أو لدفع مرتبات خدام الكنيسة؟ أو «العشور»، التى تماثل زكاة المسلمين؟ طرح هذا الموضوع الآن، بعد مرور أكثر من 20 قرنا، من عدم تدخل الدولة فى شؤون الكنيسة، يثير البلبلة. سيربط كثيرون اقتراح هذه الرقابة بصعود الإسلام السياسى للحكم، فكيف تتوقعين رد الفعل؟ أعتقد أن الكنائس والأديرة خافت على أموالها، وسحبتها من البنوك، أناشد الكل عدم الدفع فى هذا الاتجاه.

هل تتوقع إذا قننت هذه الرقابة صراعا بين الكنيسة والسلطة السياسية؟

- مؤسسة الرئاسة والحكومة أذكى من طرح هذا الأمر، فى هذا التوقيت. أتوقع أن يبذل رئيس الدولة قصارى جهده لبث الطمأنينة فى نفوس الأقباط، وليس العكس. لابد أن نكون واقعيين، وننتبه إلى أن كثيرين غادروا البلد أو يخططون لذلك، وبدأوا فى إخراج أموالهم من مصر. وهذه فرصة جيدة كى أطالب كل قبطى فعلها، أو يفكر فى ذلك، بأن يتراجع، لأننا لا يجب أن نساهم فى انهيار اقتصاد بلدنا.

هل ميزانية الكنائس معلنة؟

- معروفة لقيادات الكنيسة، لأن إيرادها من تبرعات أقباط عاديين، ولا تدخلها أموال من الدولة، حتى تطلب مراقبتها.

ماذا لو تولت الحكومة بناء الكنائس كما تفعل مع بعض الجوامع؟

- الأفضل لها بناء مدارس ومستشفيات، والأقباط يتحملون همهم بأنفسهم. عليها أن تشكر هذه الفئة التى تكفلت بعبء إنشاء دور عبادتها، نيابة عنها، ولو حملت الدولة هذا الهم، سيتوقف القبطى عن التبرع للكنائس.

طالب الدكتور محمد محسوب، عضو الجمعية التأسيسية عن حزب الوسط، بتكفل الدولة ببناء الكنائس وتوفير أماكن لها فى المناطق التى بها ندرة كنائس؟

- أرجو أن يكرس جهده، فى مساعدتنا على خروج القانون الموحد للإسكان المصرى، الذى ينبغى أن يكون أحد فصوله خاصاً ببناء الكنائس وآخر لبناء المساجد، لعدم تشابه ظروف الطائفتين. لكن فى النهاية، لابد أن يكون القانون كله موحداً، لأن هناك تقارباً فى الأمور الفنية التى يجب أن تلتزم بها جميع المبانى، أيا كانت، مثل العلاقة بين ارتفاع المبنى وعرض الطريق الموجود فيه.

ألا ترى أن النص على مادة خاصة فى الدستور، بحق غير المسلمين فى الاحتكام لشرائعهم، يعبر عن مخاوف من صعود الإسلاميين؟

- هذا القضية تناقش منذ عدة سنوات، وتمت عدة اجتماعات بين الدولة والطوائف، ورجال قانون. الجديد هو أن عمل الجمعية التأسيسية سمح بإدارة حوار حولها. قبل الثورة، كان كل منا يتحدث فى مكان منفصل، دون أن يصل صوته للآخر، وإذا وصل، فمشوه أو محرف، والآن الحوار كشف تنوع آرائنا، وساعدنا على تفهم احتياجات كل منا. إضافة إلى أن هناك قضايا عانت منها الكنيسة فى السنوات الأخيرة من عهد مبارك، تطلبت مظلة دستورية لحلها، مثل إشكالية الطلاق المسيحى، وضرورة إخضاعه لقوانين الكنيسة، رغم أنه عقد دينى له جوانب عقيدية، بعكس الإسلام، فالزواج فيه عقد مدنى.

هل ترجح ترضية الكنيسة بإقرار لائحتها للأحوال الشخصية قريبا؟

- الدكتور محمد مرسى، هو رئيس مصرى لكل المصريين، وعليه حل مشاكل كل فئات الشعب، وأن يراعى تنوع طوائفه.

ألا ترى أن النص فى الدستور على مرجعية الأزهر يخلط الدين بالسياسة؟

- هذه المادة مرت بعدة مراحل، ولم يتضايق أحد منها، لأنها تنص على أنه هيئة دينية عالمية مستقلة، ولا يستطيع أحد إنكار هذا، أو تاريخ الأزهر كمرجعية للمسلمين السنة فى العالم كله، وتوثيق هذا دستوريا، مطلب منطقى يقبله المسيحى قبل المسلم.

أليس القبول بمرجعية الأزهر يأتى خوفا من تشدد السلفيين، لأنه فى ظل حكم إسلامى يجب أن تكون المرجعية لهيئة وسطية؟

- الرد الأمثل على هذا السؤال يؤخذ من قيادة الأزهر، شخصيا أجمع كل ما قلتيه، وما قلته قبل ذلك.

اشتكى مسيحيون من أن حرية الاعتقاد، كما حمتها الدساتير السابقة، لم تكن مفعلة، بدليل قيود بناء الكنائس وملاحقة البهائيين؟

- لا نريد أن نفتح هذا الباب، لأنه سيفتح على مصر أبواباً لا يستطيع أحد غلقها. مثلاً، هناك مصانع كثيرة فى مصر بها عمالة أسيوية، لهم انتماءات دينية غير سماوية، فهل نطالب الدولة بتوفير دور عبادة لهم؟ ونفس الحال مع البهائيين، لذلك اتفقنا على المسيحية واليهودية، وأنا صاحب هذا الاقتراح، لا الإخوة السلفيون، ووجدت تأييدا من عدد كبير بالجمعية.

ألا يحق للأقليات الدينية المطالبة بحماية دستورية، مثل أصحاب الديانات السماوية؟

- فى هذا الزمان، ومع صعود الإسلام السياسى، وعودة الأزهر للتواجد بقوة، لا أتوقع ظهور هذه الديانات.

وماذا عن محاولات الشيعة للتواجد سياسياً ودستورياً؟

- تقدم ممثلو الأزهر بمادة تجريم المساس بالذات الإلهية والأنبياء والصحابة وأهل البيت، أنا الوحيد الذى اعترضت عليها، واستغرب الجميع، لأننا كنا متوافقين مع الأزهر جدا، وحرصنا على اللقاء بهم قبل بدء نشاط التأسيسية. سبب اعتراضى أنى شعرت أنها قد تمس الشيعة بشىء، وقلت لهم: أولاً، أرجوكم، لا نريد أى مادة طائفية تمس الشيعة، حتى ولو كانوا فئة قليلة. ثانيا، يجب ألا نقيد الحاكم إذا أراد عمل موازنات دولية مع أنظمة شيعية، فتقف هذه المادة حائلاً دون إتمامها. ثالثا، يجب ألا ندفع أنظمة شيعية لوضع مواد ذات صبغة طائفية ضد أقليتها السنية. وطلبت من أحد الشيوخ توصيل رأيى لشيخ الأزهر، وجاءنى الرد بأنه يؤيدنى، وتمت صياغة المادة من جديد، وسحبوا اقتراحهم، وهذا يحسب لهم.

إذن ما تخوفات الأقباط من الحكم بمرجعية إسلامية؟

- بداية، لسنا مع نظام حكم أوروبى استبعد الدين لصالح العلمانية، وغيب القيم الدينية.

هل معنى ذلك أنك ترفض العلمانية؟

- أرفض بعض سلبياتها، فبعض الدول تقنن الشذوذ الجنسى، وبالطبع كل الأديان تحرمه. أنا قلق من العلمانية، لكتى لست قلقا من المدنية. أنا ضد النظام العلمانى الذى يستبد القيم الدينية من الحياة العامة، ومع النظام المدنى الذى يراعى أهمية القيم الدينية لأى مجتمع. كما أرفض حكم رجال الدين، والحكم العسكرى.

ألن تستخدم السلطة الدين، حينئذ، فى اللعبة الطائفية؟

- أشك فى هذا، الأحداث الطائفية، غالبا، تنتج عن أسباب مجتمعية متعددة، قد يكون منها عدم تقنين بناء الكنائس، فيضطر البعض إلى بناء مكان للصلاة. السلطة التنفيذية هنا تحمل خطأ عدم التقنين. هناك أسباب تعود لثقافة وتربية، وتعليم، المواطن منذ صغره، فلا يتفهم حاجة أخيه المحروم من دار للتعبد، ونرى أحداثاً مثل التخريب والحرق. هناك سبب المعالجة الأمنية، ودائما ما نستشهد بحادثة الكشح، التى قٌتل فيها أكثر من 20 مسيحياً، ولم يعاقب متهم واحد، رغم أن الشهود على المتهمين الأول والثانى موجودون، ومنه أحد الضحايا، الذى أنقذته العناية الإلهية ليروى ما حدث.

لننتقل إلى الحدث القبطى الأبرز، خطوات انتخاب رأس الكرسى الرسولى، إلى أين وصلنا؟

- أصبح لدينا 3 مرشحين بشكل نهائى، وتم تقريب موعد القرعة الهيكلية من 4 نوفمبر، إلى 29 أكتوبر الجارى، وستتم كتابة الأسماء الثلاثة فى ثلاث ورقات، وتوضع فى صندوق، ويتقدم طفل من الشمامسة، معصوب العينين، ويسحب ورقة، تعلن منها رئاسة الكنيسة القبطية. هذه الطريقة متبعة منذ أول اختيارات الرسل بعد السيد المسيح مباشرة، الترشح يكون من بين فئة محددة، ثم يتم اللجوء للقرعة.

هل أصبح منصب البابا سياسيا أكثر من السابق؟

- البابا هو زعامة دينية، لكن مع العصر الحديث أصبح كأب لأولاده من الرعية، يقدم لهم النصائح والإرشادات، سواء من تلقاء نفسه فى العظة، أو بالإجابة عن أسئلتهم بعدها.

لماذا أقام البعض دعوى لوقف إجراء الانتخابات ثم تنازلوا عنها؟

- هؤلاء يريدون أن يكون البابا من العلمانيين المتزوجين، بدلا من المطارنة والأساقفة والرهبان، ونحن نحترم أحكام القضاء النهائية، لكن المشكلة حلت باستبعاد بعض المرشحين، فتنازل رافعو الدعوى عنها، وها هى الانتخابات خلال أيام.

من قبل، كان هناك حديث عن تدخل الدولة، بشكل ما، فى اختيار البابا، والآن ترددت أقاويل عن تدخل مماثل من الرئيس محمد مرسى؟

- لم، ولن يحدث إطلاقا. ولماذا تتدخل واللائحة صادرة من الدولة نفسها، وهى التى تحدد شروط الترشح، وتنظم العملية الانتخابية بأكملها، دون تدخل من أحد. اختيار البابا يمر بعدة مراحل، شقها الأول كهنوتى، بتزكية 6 أساقفة و122 من المجلس الملى لمرشح واحد، ولا يجوز أن يكون المرشح نفسه من بين من زكوه. بعد التزكية يتم عمل جداول الناخبين، ومن حق أى منهم الطعن على المرشحين، لأنه يفترض أنه قيادة مجتمعية، مثل أن يكون وزيراً حالاً، أو سابقاً، أو عضو مجلس ملى، وما إلى ذلك. هنا تأتى المرحلة الثانية، مع دور لجنة الترشيحات، التى تضم 19 شخصاً، 9 منهم من المجلس الملى وهيئة الأوقاف، و9 من الأساقفة، مع القائمقام. وعليها دراسة الطعون التى تم تقديمها، لتتم تصفية المرشحين إلى 5 أو 7 متنافسين، وفق معايير محددة، تتضمن التعليم والسن والحالة الصحية وعلاقته بالدولة والكنيسة، على مدى سنوات حياته، وهناك معايير آخرى كنسية، ولا رقابة لأحد عليها غير الله. والمرحلة الأخيرة هى الاختيار الشعبى ثم الإلهى.

ولماذا يرفض العلمانيون ترشح أسقف لكرسى البابوية؟

- الشعب القبطى موزع بين عدة آراء، فئة ترفض أن يترك أسقف إبراشيته ليصبح بابا، فتحرم من رعويته، وفئة ترفض ترشح الأساقفة نهائيا، حتى لو كانوا أساقفة عموميين، رغم أن البابا شنودة كان أسقفا عاما، ويطالبون بأن يكون البابا من الرهبان فقط. هذه مجرد آراء، لكن اللائحة تسمح للفئات الثلاث بالترشح.

عرف عن البابا شنودة تأييده لرافضى ترشح الأساقفة، ومعارضته الشديدة للائحة 57، قبل انتخابه بطريركا، فلماذا لم يعدلها رغم جلوسه على كرسى البابوية قرابة 40 عاما؟

- تغيير اللائحة ليس سهلاً، فهو يتطلب إجماع المجمع المقدس على التغيير كمرحلة أولى، ثم إصدار قانون بها. فى حالات عدم الاستقرار السياسى، عليك ألا تقتحرى تغييرا جوهريا مثل هذا. البابا شنودة وضعت أمامه لائحتان تحتاجان للتغيير والتقنين، الأولى عاجلة، خاصة بالأحوال الشخصية للأقباط، وهذه يحتاجها المسيحيون بشكل يومى حياتى، ورغم محاولة البابا تغييرها، ورغم إجماع الطوائف المسيحية الثلاث عليها، لم تخرج لائحة الأحوال الشخصية الموحدة للنور. فلم يكن البابا يستطيع خوض معركتين للتغيير فى وقت واحد. الآن ها هو رحل، وليس أمامنا سوى لائحة 57 لتطبيقها، ولا تفكير فى تغييرها مع غياب الاستقرار السياسى وصعود الإسلاميين للحكم، ومع ذلك، مع العلاقات الجيدة التى تتكون مع بعض هذه التيارات، أتوقع أن تساندنا، حين تستقر الأمور، على تغيير اللائحتين.

أنت مسؤول عن ملف الزواج والطلاق فى الكنيسة، ومنظمات حقوقية تتحدث عن وجود 14 ألف ملف طلاق حصلت على أحكام قضائية، على مكتبك تنتظر الموافقة الكنسية؟

- هذه أقوال مرسلة ومن لديه دليل على هذا الرقم فليأت به.

ما العدد الحقيقى؟

- لا توجد أى ملفات طلاق، لسبب بسيط جدا، أن التعديل الذى تم فى القانون مؤخراً، ألغى 8 أسباب كانت تسمح بالطلاق، وأبقى على حالة الزنا فقط.

لكن المعارضين لهذا الرأى يريدون العمل بلائحة 38 المرنة، بدلاً من تصدير مشاكل اجتماعية للمجتمع بأسر مفككة، لا تستطيع الطلاق.. ولا، أيضا الاستمرار فى المعيشة المشتركة؟

- هذه شريعتنا، وحسب الإنجيل فلا طلاق إلا لعلة الزنا. وأى أحكام قضائية، لا تنفى أن الزواج ثانية، بدون الطلاق الكنسى، يعتبر زنا، لأن المطلقين يظلان زوجين أمام الله. لا اجتهاد مع نص إنجيلى صريح، ولائحة 38 وضعها المجلس الملى، وجهة التشريع فى الكنيسة هى المجمع المقدس، الذى يضم رؤساء الأساقفة برعاية البابا، ويقول نص الكتاب المقدس: «من فم الكاهن، تُطلب الشريعة». فأى تقنين خاص بالشريعة يطلب من المجمع المقدس. المجلس الملى، عبر التاريخ، استخدمته الدولة للتدخل فى الشأن الكنسى، وفرضت عليها مجموعة علمانيين، وأعطت له عدة صلاحيات، من ضمنها ما يخص الأحوال الشخصية. ومنذ اللحظة الأولى لميلاد لائحة 38 والكنيسة ترفضها، واعتكف أحد البطاركة فى الدير احتجاجا عليها، وحاول البابا كيرلس السادس تعديلها، فشكل لجنة برئاسة أسقف التعليم فى هذا الوقت، وقدمت مذكرة لوزير العدل، سميت بمذكرة الأنبا كيرلس، رفضا للائحة 38. وانتهى الحال باجتماع كل الطوائف لوضع قانون موحد للأحوال الشخصية، وفشلت أول محاولة فى عهد أنور السادات، والثانية فى عهدحسنى مبارك، وما زالت المشكلة قائمة، بسبب المجلس الملى.

وهل مازال دور المجلس يلعب ذات الدور؟

- هناك اختلاف كبير جداً بين المجلس الحالى والسابق، فالأول جميع أعضائه من أبناء الكنيسة، هى التى تنتخبهم، لتولى الملفات المالية والإدارية. وفى الاجتماع الأخير بين الرئيس محمد مرسى وممثلى الطوائف المسيحية الثلاث، طلب منه الأنبا يوحنا قلته، بطريرك الكاثوليك، تحريك قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فكلف الرئيس نائبه، المستشار محمود مكى بالاهتمام بهذا الموضوع.

هل يعنى هذا أنه منذ توليت هذا المنصب لم تطلق أى شخص إلا لعلة الزنى؟

- نحن هنا نفرق بين التطليق وبين البطلان، فالأول يأتى بعد الزواج بفترة طويلة، ويكون لعلة الزنا أو ما شابه. أما البطلان، فهو مرتبط ببداية الزواج، مع اكتشاف الإخلال بشروط الزواج، كالإكراه أو غياب الإرادة أو العجز الجنسى، أو عدم البكارة، فعليه طلب البطلان قبل انقضاء شهر من اكتشافه السبب المطلوب.