إذا غلبك النوم فى طريقك إلى ميدان العباسية ثم استيقظت فى شارع أحمد سعيد فتأكد أنك قد استيقظت بالفعل، لأن المشهد الذى ستراه هناك سيجعلك تتخيل أنك مازلت نائماً وتحلم بأنك سافرت إلى الصين.
مطاعم صينى ومكاتب إنترنت صينى ورجل صينى ينزل من سيارته يحيى آخر صينى يجلس فى المطعم ويمسك عَصوَىْ طعام، ثم يمر بضعة شباب صينيين يمزحون بينما تجلس امرأة صينية تشاهدهم وتضحك أثناء قيامها بتقشير البصل على سلم العقار. هذا هو المشهد فى شارع أحمد سعيد، المنطقة الأقرب لجامعة الأزهر، فبسبب وفود عدد كبير من الصينيين لتعلم الدين أو اللغة فى الأزهر أصبح شارع أحمد سعيد شارعاً صينياً أكثر منه مصرياً.
هكذا يشعر على هيكل، سمسار المنطقة، الذى أصبح محاطا بعدد كبير من الصينيين ربما يفوق المصريين فى المنطقة. فى البداية كان «هيكل» سعيدا بالزبون الصينى لأنه يدفع الكثير فى السكن ولا يعترض، لكنه سرعان ما لمس النتيجة بنفسه وأصبح ساخطا على تواجدهم بالمكان، يقول هيكل: «غلوا المنطقة وخلوها مولعة، الواحد كان بيجيب طبق المكرونة بـ2 جنيه ولا حاجة، هنا فى المنطقة الطبق بـ12 جنيه و18 جنيه وممكن عشرين، منهم لله ولعوا الحتة، أنا عارف إيه اللى حدفهم علينا».
لا ينكر «هيكل» أنهم سكان مسالمون ولا يميلون للمشاكل، لكن مشاعر «هيكل» تجاههم أظهرت له الوجه الآخر للصينى: «الواحد منهم صحيح ملهوش فى المشاكل بس تيجى تشاكله تلاقى ييجى ألف واحد واقفين حواليك، بس هما بيحترموا الراجل الكبير».
«بكين إنترنت» هو اسم مكتب الإنترنت الذى يديره يوسف سليمان، الصينى، الذى يمتلئ طوال اليوم بطلاب صينيين، يترددون عليه لعمل أبحاثهم، والساعة بـ2 جنيه. يقول «يوسف» إنه جاء إلى مصر منذ عامين لدراسة الدين واللغة وإنه يستقبل صينيين ومصريين.
فى مطعم المسلم الصينى، كان يجلس محمد إبراهيم شعيب، وهو طالب صينى فى جامعة الأزهر، جاء إلى مصر لدراسة الشريعة الإسلامية، لكن بعد مرور عامين على مجيئه للقاهرة تأكد محمد أن ما تعلمه عن أخلاق الإسلام فى الأزهر يختلف تماما عما يحدث فى شوارع مصر.
«أول ما جئت للقاهرة بكيت فى المطار عندما سمعت الأذان وشعرت أن قلبى مطمئن فى مصر»، هكذا بدأت أيام محمد فى القاهرة، لكن بعد أن تعلم أحكام الشريعة والدين الوسطى فى الأزهر بدأ يتفرغ لتعلم أشياء أخرى مثل كيفية التعامل مع سائق التاكسى فى مصر: «مصر فيها ناس كويسين، بس فيها زبالة كتير وسواقين تاكسى حرامية، أنا وأصحابى اتعلمنا ألا نركب تاكسى فى مصر أبدا، إما الميكروباص أو المشى».
يروى «إبراهيم» قصته مع التاكسى المصرى: «أول ما أركب تاكسى ماركته صينى يستقبلنى السائق قائلا: عربية صينى وحشة أوى، ولما آجى أنزل مش باخد الباقى، أعتقد قبل أن يسخر من صناعتنا عليه هو التحلى بأخلاق أفضل وألا يسرق منى الباقى». صحيح الباقى قد يكون 75 قرش لكن «إبراهيم» لا يقبل التنازل عنه لأنه حقه ولا يزال لا يفهم لماذا لا يأخذ باقى نقوده.