تهاني الجبالي: مصر ليست مستعدة لانتخابات.. ومرسي خطر على الأمن القومي (حوار)

كتب: رانيا بدوي الثلاثاء 02-07-2013 23:38

قالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً، رئيس حركة الدفاع عن الجمهورية إن كل لحظة يقضيها الدكتور محمد مرسي وجماعته في الحكم تمثل خطراً شديداً على الأمن القومي المصري.

وأكدت «الجبالي» أن مصر ليست مستعدة لانتخابات رئاسية مبكرة، وأنا ضد هذه الفكرة بعد إسقاط مرسي إنما يجب الدعوة لبدء مرحلة انتقالية جديدة تعالج ما ترتب على المرحلة الانتقالية الأولى، وأضافت أننا في حاجة إلى حكومة قوية في الأساس تعبر بنا من هذه المحنة على ألا يترشح رئيس الوزراء لأي انتخابات مقبلة.. وإلى نص الحوار:

■ ما تقييمك لبيان القوات المسلحة الأخير خاصة أن تصوير البعض البيان بأنه انقلاب عسكري على الشرعية؟

- هو بيان مكتوب بدقة متناهية، ويؤكد أن الجيش فوق مستوى الصراع السياسي، ومسؤوليته هي حماية إرادة الشعب، وحماية الأمن القومي في الداخل والخارج في ظل ترويع مستمر للمواطنين من قِبَل أنصار الرئيس، بل في حضوره في بعض الأحيان .

هذا البيان صدر في هذا التوقيت، لحماية أركان الدولة من الانهيار، خاصة أن شرعية الرئيس ونظامه سقطت، وتآكلت، منذ فترة، وما حدث ما هو إلا ختام المشهد، وغير صحيح، فهو ليس انقلابا على الشرعية، إنما هو احترام للإرادة الشعبية التي تمنح الشرعية لمن تريد، وتسحبها مِمَّن تريد.

■ هل النخبة لديها خطة لما بعد إسقاط النظام؟

ـ علينا في اللحظة الراهنة أن نرتب بجدية لما بعد 30 يونيو، ولابد أن نهىء المجتمع ونقنعه بأننا لا نريد تغيير شخص بآخر، فـ«الإخوان» تمثل خطراً داهماً على الأمن القومى، لذا يجب أن ننظر للمرحلة الانتقالية الجديدة بمنظور أشمل من مجرد تغيير رئيس بآخر، والهدف الرئيسى من المرحلة الانتقالية هو تهيئة المناخ لممارسة حزبية وديمقراطية أفضل وإجراء حوار جماهيرى في أجواء هادفة غير ملتهبة يتحكم فيها التزوير وتزييف الوعى والإرادة للمواطن المصرى.

■ هل نحن في حالة وجب معها التمرد على الصندوق؟

ـ لا أحد ضد الديمقراطية، ولا ضد حصول شخص على أغلبية بالصندوق ووصوله إلى سدة الحكم ووقتها يجب الالتزام بالصندوق واحترام الشرعية، فهذا جزء من «ديمقراطية تداول السلطة»، لكن ليس من المسموح لأحد هدم مقومات الدولة أو التعدى على القيم الجمهورية لمجرد أنه جاء بالصندوق، ولنا في ألمانيا عبرة، حيث إن الدستور الألمانى يحمل نصاً يمنح للمواطنين حق مقاومة السلطة أياً كانت سواء متمثلة في رئيس ورئيس وزراء لمجرد تهديده لمقومات وحدة الدولة وأن «يقصى من منصبه»، ولهذا السبب يمنع الحزب النازى من ممارسة العمل السياسى، لأنه قائم على الإقصاء العرقى، والآن مصر تقسم فعلياً على أساس طائفي وعرقى وعلى أساس جغرافي، فالمخاطر التى تعيشها مصر حقيقية في ظل وجود التنظيم الدولى للإخوان بمكوناته المتعدية على فكرة الوطنية وحدود الدولة، وغياب وحدة أقليم الدولة، ومنذ مجيئهم إلى الحكم ونحن ندفع ثمناً قاسياً، فلم يتمكن الشعب المصرى من بناء وفاق وطنى أو برامج وطنية أو بداية نهضة فعلية تحقق للشعب المصرى حياة كريمة، وهذه المعانى جميعها في لحظة هزيمة وهذا يبين أننا في ضلال مطلق في عهد الإخوان.

ثم إن شرعية الصندوق نسفتها الملايين التى نزلت مناهضة لنظام مرسى في جميع ميادين مصر في رفض واضح له ولجماعته ولسياساته.

■ هل مصر مستعدة لانتخابات رئاسية مبكرة الآن؟

ـ لا مصر ليست مستعدة لانتخابات رئاسية مبكرة، وأنا ضد هذه الفكرة بعد إسقاط مرسى، إنما أنا أدعو إلى مرحلة انتقالية جديدة تعالج ما ترتب على المرحلة الانتقالية الأولى، فأنا ضد القفز على ضرورة القراءة النقدية لما حدث في المرحلة الانتقالية الأولى، ونحن نريد مرحلة انتقالية جديدة لا تقل عن سنة، تتوزع فيها سلطة الحكم ما بين أدوات محددة تبدأ من حكومة وطنية مستقلة ليست محصنة سياسياً، ولابد من تعطيل هذا الدستور المعيب والباطل والعودة لدستور 71 مؤقتاً.. ووفقاً لدستور 71 فإن رئيس المحكمة الدستورية العليا من الممكن أن يكون رئيساً بروتوكولياً، وأن تتولى المحكمة إدارة المرحلة الانتقالية بجدول زمنى محدد يضع الشعب المصرى أمام رؤية واضحة، وأن تتولى المهام التنفيذية لرئيس الجمهورية وزارة وطنية مستقلة على رأسها شخصية وطنية مستقلة تملك قدرات إدارة شؤون البلاد.

مع العودة إلى التشكيل الذي وضع عام 68 بقرار رئيس الجمهورية والمتعلق بمجلس الدفاع الوطني.

■ وماذا عن التشريع، كيف يتم التعامل مع هذا الملف؟ وماذا عن فكرة مجلس رئاسي مؤقت؟

ـ أولاً يتم حل مجلس الشورى الباطل دستورياً ويتولى التشريع مؤقتاً الجمعية التأسيسية للدستور البديل، والتى تتشكل من أساتذة القانون الدستورى وفقهائه بكليات الحقوق وعمدائها والنقباء المهنيين والعماليين ورؤساء المجالس القومية المتعددة ورؤساء الهيئات، وأن يتم ضم الشباب والمرأة والأزهر والكنيسة ليكون لدينا شبه برلمان متكامل معين لفترة وجيزة، وأن تعرض كل القوانين التى تقرها قبل إصدارها على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع لمجلس الدولة، بالإضافة لوضع مشروع الدستور القادم وطرحه على القوى الشعبية لمناقشته قبل طرحه على الاستفتاء.

وحول تشكيل مجلس رئاسى مؤقت فأنا ضده لأننا نعيد ونكرر من خلاله الاختلافات السياسية الماضية،ونحن في حاجة إلى حكومة قوية في الأساس تعبر بنا من هذه المحنة على ألا يترشح رئيس الوزراء لأى انتخابات قادمة.

■ يتردد الآن حديث عن خروج آمن للرئيس فهل يجوز ذلك؟

ـ لا يجوز، ولابد أن يقدم مرسى وجماعته وأعوانه وكل من تسببوا في قتل المتظاهرين في 30 يونيو وما قبلها في كل المظاهرات السابقة، بل تتم محاكماتهم عن الاتهامات التى وجهت لهم من خيانة عظمى وتخابر واشتراك في القتل العمد، وهى الجريمة التى ارتكبت قبل الرئاسة، فهؤلاء روعوا الآمنين وكدروا السلم العام وأشاعوا الذعر بتصريحاتهم وتهديدهم للرجال والنساء والأقباط والشيعة وغيرهم فيجب ألا نسمح لهم بخروج آمن، وكل هذه الاقتراحات أصبحت خارج السياق تماما، الشعب أعلن كلمته في مدى شرعية الحكم، وقد ارتفع سقف المطالب الشعبية بشكل كنا نحذر منه من قبل حتى أصبح لا حل ولا بديل إلا الرحيل عن الحكم، وهذه المناورات هى نفسها التى كان يُقْدِم عليها الرئيس السابق مبارك، ورفضها الشعب.

■ وماذا عن مبرر نظام الإخوان دائماً بأن مرسى لم يمكن أبداً من الحكم بسبب حالة الصراع السياسى واحتجاجات الشارع لذا ربما يطلبون منحه الفرصة؟

ـ كيف لم يمكن ومرسي في ثاني أيام توليه لمنصب الرئيس دخل في تحد مع دولة القانون، لأن أول قرار اتخذه كان عودة المجلس الباطل دستورياً، ثم بدأ في مسلسل المواجهة مع إحدى سلطات الدولة كالقضاء فهو من دخل في صراع مع القانون والدستور من اللحظة الأولى وأدخل البلد كلها إلى نفق مظلم.

■ وماذا عن قولهم إن المعارضة كانت تؤجج الشارع ضدهم طمعاً في الحكم؟

ـ بالعكس المعارضة عقدت اتفاقاً معه في الماضى في فندق فورمونت، وكانت السذاجة هى سمة المشهد السياسى وقتها، فما الذى تحقق من برنامج مرسي الذى ترشح به؟.

■ هل آن الأوان لتصرحي بما حدث داخل المحكمة الدستورية وقت حلف الرئيس لليمين الدستورية؟

ـ أخطر ما أقدم عليه الدكتور مرسي هو عمله على تهميش القسم الرسمى، وكنا وقتها نتساءل: لماذا كان يصر على أن يقسم القسم الرسمى خارج المحكمة الدستورية، وبلا إعلام ينقل قسمه للملايين، ويؤكد على الشرعية، ولكن تبينا فيما بعد أنه كانت لديه نية الخروج من دولة القانون والانقلاب عليه من اللحظة الأولى، وكان هناك جدل شديد أصاب اللحظات الأولى واستعدادات حلف اليمين الدستورية، فقد طلب من هيئة المحكمة في البداية أن تذهب إلى القصر الرئاسى، لأن الرئيس يريد حلف اليمين هناك، وقد رفضت المحكمة هذا الاقتراح على بكرة أبيها، لأنه يخل بالشرعية وكأنه أراد أن يرسل في بداية حكمه رسالة للجميع أنه فوق الشرعية وفوق القانون، وعندما حضر الرئيس المنتخب إلى المحكمة الدستورية رفض نقل حلف اليمين الدستورية على الهواء، وطلب منع الإعلام مما يعد إخلالاً بركن مهم من أركان الشرعية، وهو إشهار القسم، ظللنا ساعات في حالة جدل، وكان واضحاً أن القرار ليس قرار مرسى، حيث ظل واقفاً في قاعة، ونحن في قاعة أخرى، وقيل لنا إنه يجرى اتصالات ففهمنا أنه في انتظار قرار مكتب الإرشاد، وأمام إصرار هيئة المحكمة الدستورية على دخول الإعلام ليس تعنتا مع الرئيس وإنما إعمالا للشرعية رضخ مرسى ومكتب الإرشاد في النهاية.

■ وماذا كان موقف المستشار بجاتو وقتها؟

ـ قال لي فيما معناه متحبكوهاش وسهلوا الإجراءات، وكان الأمر غريباً جداً بالنسبة لى، وقلت له إننى كقاضٍ دستورى، فضميرى لا يسمح بارتكاب خطيئة دستورية في قسم الحكم، وأى رئيس في العالم يعتبر شرفه الأساسى هو أن يكون ملتزماً بالدستور والقانون، وقد اختلفت معه.