قال اللواء أحمد أسامة إبراهيم، الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، وأحد أبرز قادة قوات الصاعقة في حرب أكتوبر 1973، إن الفوضى ستكون لصالح جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم مسلحون ومدربون والشعب غير مسلح، وهم أيضاً قادرون على الصمود نظراً لتوافر وسائل الاعاشة لهم، فالبقاء للاكثر صموداً، وجماعة الإخوان وكوادرها لا يؤمنون بمفهوم الوطن.
وأضاف: لا أعتقد أن الجيش سيترك الامور تصل لهذا الحد فهو سيتحرك مع أول اطلاق نار، ولكننا نراهن على عبقرية الشعب المصرى، و(غباء الإخوان) وبالنسبة لميليشيات الإخوان فلا خوف منها حتى الآن، فكتيبة صاعقة واحدة كفيلة بحسم الموقف وسحقهم، وهذا هو دور الجيش في حماية الشعب.. وإلى نص الحوار:
■ المشهد السياسي في مصر ازداد تعقيداً مع الوصول إلى 30 يونيو..كيف ترى هذا المشهد؟.. وهل تعتقد أن الإخوان لبوا طموحات المصريين على مدى عام كامل في الحكم؟
-أنا اعترف أننى واحد من بين «الأغبياء» الذين انتخبوهم، على أمل أنهم من الممكن أن يحدثوا نقلة لهذا البلد. فقد خيبوا كل الظنون والتوقعات، وأثبتوا فشلهم في إدارة البلاد. ففي اعتقادى أن اليهود والمستعمرين إذا حكموا مصر، لن يدمروها مثلما دمرها الإخوان على مدى عام كامل.
■ كيف ترى هذا التدمير؟
- القضية الأساسية أن جماعة الإخوان وكوادرها لا يؤمنون بمفهوم الوطن، الذى تربينا ونشأنا عليه. هم يخضعون لمبدأ «السمع والطاعة» وولاية الفقيه، والخضوع والرضوخ «الأعمى» لتعليمات مكتب الإرشاد.
■ ما الذى استوقفك في أسلوب إدارتهم للبلاد؟ وكيف انعكس ذلك على نفوس المصريين؟
- ليس هناك أسلوب إدارة من الأساس. فنحن أمام عصابات أشبه بـ«المافيا».. مصر تدار الآن بأسلوب «العائلات»..أسماء معينة تحتكر كل شىء..الفرد الإخوانى في موقع ما ونسيبه أو عديله أو ابن عمه في موقع مواز، وبالتالى أبناء العائلة الواحدة، ينفذون «التعليمات» كما هى دون مجرد تفكير. كل هذا يتم دون النظر إلى الكفاءة أو التخصص أو حتى الإلمام بأبجديات الموقع الذى يشغله المصريون لدى الآن إحساس بالغربة في وطنهم، فمنذ حكم جورج بوش الابن ظهرت نظرية «المحافظون الجدد»، وما تبعها من مفهوم «الشرق الأوسط الجديد»، وعلى مدى السنوات الماضية شهدت المنطقة انقسامات تحولت إلى مشروعات «تقسيم». ولعل أبرزها ما حدث في السودان، فالشمال مسلم، والجنوب مسيحى وهذا أمر قد يراه البعض أنه يبرر التقسيم. ولكن منذ وصول الإخوان إلى الحكم في مصر، برعوا في تقسيم المسلمين، فالاستعمار حاول التفرقة بين المسلمين والأقباط وفشل، ولكن الإخوان نجحوا في تقسيم المسلمين انفسهم !
■ كيف؟
- الإخوان ينفذون «مخطط التقسيم»، الذى يعتمد على الفرقة بين المسلمين. وأصبحنا في الشهور قليلة أمام فصيلين «الإخوان المسلمون» و«المسلمون». والواقع أننا كشعب مصر «مسلمون» أكثر من «الإخوان» لعدة أسباب أقلها أننا لسنا «كاذبين». وكذلك المسيحيون، فهم وطنيون بالدرجة الأولى يدركون مفهوم الوطن والتعايش. فالإخوان يتفنون في «صناعة الكذب» وهو ما ينهى عنه الإسلام.
■ بصفتكم قائداً عاصر غالبية جولات الصراع «العربي – الإسرائيلي» في مسرح العمليات الرئيسي بسيناء.. كيف ترى المشهد «الضبابي» هناك خاصة بعد اغتيال مفتش الأمن العام خلال الساعات الماضية؟
ما يحدث في سيناء الان هو «مهانة» للمصريين جميعاً. وما يحدث الآن هو جزء من خطة «التمكين»، وكل التشكيلات الإرهابية في سيناء خارجة من عباءة الإخوان، لأنهم هم الإرهابيون أنفسهم ولا يعرفون سوى «القتل». وأنا على يقين أن كل ذلك يدور خارج سيطرة شيوخ عواقل سيناء، فهم وطنيون وجزء كبير منهم أنضموا لـ«منظمة سيناء» لمقاومة الاحتلال، وأنا- على المستوى الشخصى- عاشرتهم لسنوات طويلة، وكم وفروا لنا الحماية. أما ما نراهم الآن من الشباب المارق ليسوا سيناويون، وإنما «غزاويون» و« حمساويون».. فحماس الابن البار لجماعة الإخوان، وقادتها لا يعرفون سوى لغة القتل.
■ وكيف ترى سير ما سمي «العملية نسر»؟
- هى عملية «تهريج» بكل المقاييس، فالجيش مكبل في سيناء قبل وبعد «نسر»، فالرئيس المنتخب قال في أول تعليق على الحادث «إننا لم نأمر بضرب الأنفاق أو سدها»، كذلك المشير طنطاوي يتحمل الجزء الكبير من ذلك، فهو الذى قبل الدخول في صفقة مع الأمريكان لتوصيل الإخوان إلى سدة الحكم، في مقابل «الخروج الآمن»، والتاريخ لن يرحم له ذلك. ولكن على أى حال العملية كانت تستهدف بالدرجة الأولى خروج «المجلس العسكرى» من المشهد السياسى وإبعاد الجيش عن دائرة صنع القرار، ورغم كل ذلك كانت هناك رغبة في الجيش للانتقام ممن هم وراء هذه العملية الغادرة.
■ وكيف ترى موقف الفريق السيسى؟
- لابد أن نلتفت إلى قضية مهمة جداً وهى أن وزير الدفاع مثل ملكة إنجلترا «يملك ولا يحكم»، وبالتالى نعم هو القائد العام الذى يملك ولكن القرار في النهاية بيد القائد الأعلى. والقائد الأعلى كما يعلم الجميع هو محب لحماس أكثر من الجيش المصرى!. ويبقى السؤال الرئيسى.. هل يمكن لهذا الرئيس أن يأمر بالقبض أو حبس من أخرجوه من السجن؟.. والإجابة بكل بساطة: هو «يرد الجميل»!
■ الجيش والثورة.. كيف ترى العلاقة بينهما على مدى عامين ونصف؟ ولماذا لم يتحرك الجيش حتى الآن؟
- يخطئ من يعتقد أن علاقة الجيش والثورة هى وليدة العامين الماضيين، وأنا هنا أتحدث بخبرة قاربت على الثمانية عقود، الثورة لا يمكن أن تنجح إلا عندما يقوم بها الجيش، أو على الأقل يكون شريكاً فيها أو يعضدها.. والجيش كما هو قادر على إخماد أى ثورة..هو أيضا قادر على إسقاط أى نظام حكم.. أما متى يتحرك فهو له معادلته.. وأعتقد أن الفريق السيسى الآن على «المحك»..!
■ هل ترى أن الإخوان قادرون على «معاقبة الجيش» بشكل أو بآخر؟
مطلقا.. هم لا يملكون.. وأتمنى أن يفعلوا ليروا بأنفسهم ما جنت أيديهم.. وهم يدركون ذلك تماما.. أتمنى من المصريين جميعاً مسلمين وأقباطا أن يواصلوا ثورتهم ضد هذا الحكم الغاشم الفاشى، فرحيل مرسى بعد هذا العام هو «ضرورة وطنية».. وهنا أنا لا أعتمد على الجيش.. لابد أن يتحرك الشعب أولاً.
■ وماذا إذا وصل الأمر لحد الفوضى وتحركت ميليشياتهم لإنقاذ «الاتحادية».. وموقف الجيش في هذه الحالة؟
-الفوضى منطقياً لصالحهم... فهم مسلحون ومدربون والشعب غير مسلح.. وهم أيضاً قادرون على الصمود نظراً لتوافر وسائل الاعاشة لهم، فالبقاء للاكثر صموداً..ولا أعتقد أن الجيش سيترك الامور تصل لهذا الحد..فهو سيتحرك مع أول اطلاق نار..ولكننا نراهن على عبقرية الشعب المصرى..و«غباء الإخوان» ! وبالنسبة لميليشيات الإخوان فلا خوف منها حتى الآن، فكتيبة صاعقة واحدة كفيلة بحسم الموقف وسحقهم، وهذا هو دور الجيش في حماية الشعب.