كان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، سلطان مصر والشام، رابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي، مملوكًا بيعفي أسواق الشام، وانتهى به الأمر كأحد أعظم السلاطين في العصر الإسلامي الوسيط، ولقّبه الملك الصالح أيوب في دمشق بـ«ركن الدين».
وبعد وصوله للحكم، لقب نفسه بالملك الظاهر، وهو مولود في 1221، وحقق خلال حياته العديد من الانتصارات ضد الصليبيين و المغول، ابتداءً من معركة المنصورة سنة 1250، ومعركة عين جالوت، انتهاءً بمعركة الأبلستين ضد المغول سنة 1277، وقضى أثناء حكمه على الحشاشين، واستولى أيضا على إمارة أنطاكية.
أمّا سيف الدين قطز، فكان واحدًا من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين، ومن بيت مسلم ملكي، وابن أخت جلال الدين الخوارزمي، ملك الخوارزميين المشهور، الذي قاوم التتار فترة، وانتصر عليهم ثم هُزِمَ منهم، وعند فراره إلى الهند، أمسك التتار بأسرته، فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم، وكان قطز أحدهم، وأطلق عليه التتار عليه اسمًا مغوليًّا وهو قطز، وهي تعني الكلب الشرس.
وفي أسواق الرقيق بدمشق اشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، حتي صار أحد رجال الملك المعز عز الدين أيبك، ليصبح أكبر قواده، واستقر به الأمر حاكمًا، ليواجه التتار بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، فبث روح الجهاد في نفوس الشعب بواسطة العز بن عبد السلام، وقد كان يوقر العلماء، ويطيعهم، وعندما أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، أفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم.
وكان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة، وبدأ التجهيز وأمكنه الانتصار في معركة عين جالوت على التتار، وقتل قائد التتار «كتبغا»، وأعاد التتار تنظيم صفوفهم، والتقي الجيشان في بيسان في معركة اشتد فيه بأس التتار، وكادت كفة التتار ترجح، فأطلق قطز صيحته الشهيرة «واااسلاماه»، مما أثار حمية رجاله حتى انتصروا عليهم.
ولأن حلم حكم مصر ظل يراود الظاهر بيبرس، فما كان منه إلا أن قام بقتل قطز في مثل هذا اليوم 24 أكتوبر 1260، واستأثر بحكم مصر، وصار يخطب له بالمساجد بدءًا من 11 نوفمبر 1260 إلى أن توفي في الثاني من مايو 1277 عن عمر يناهز الـ54 عامًا.