انتقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، السبت، مشاريع القوانين التي سبق وتقدت بها وزارة الداخلية إلى مجلس الوزراء، والخاصة بتنظيم المظاهرات و«حماية المجتمع»، واعتبرها محاولة من الشرطة لاستعادة الوصاية الأمنية على المجتمع.
وأوضح المركز، في بيان، أن تلك القوانين «والتي اشتملت على قانون بشأن حماية المجتمع من الخطرين، وقانون لتنظيم المظاهرات في الطرق العمومية، وقانون لتعديل قانون تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت، وقانون لتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، وقانون بتعديل بعض أحكام قانون الحفاظ على حرمة أماكن العبادة، تعد محاولة من الداخلية لاستعادة الوصاية الأمنية على المجتمع».
وقال المركز في بيانه، إنه «كما جرى تقديم قانون تقييد الصحافة في عهد (الرئيس السابق حسني) مبارك بعنوان (حرية الصحافة)، وكذلك قانون قمع المجتمع المدني باسم (تحرير المجتمع المدني)، فانه الان على النهج نفسه تقول الآن وزارة الداخلية من خلال مقترحات بعض القوانين إنها تحاول استعادة الأمن وحماية المجتمع، بينما هي في حقيقة الأمر تحاول استعادة وصايتها دون تعزيز الأمن».
وانتقد التقرير، قيام «ترزية القوانين الجدد باتباع نهج أسلافهم في عهد مبارك في صياغة القوانين، لإضفاء شرعية زائفة على تقييد حقوق المواطنين وحرياتهم، عن طريق الصياغات الفضفاضة والعبارات غير المنضبطة قانونًا، بما يساعد على تكييف استخدامها لتجريم ممارسات طبيعية للمواطنين، تحميها مبادئ حقوق الإنسان».
وأشار إلى ان القوانين المقترحة «بلغ بها الأمر انها نصت على معاقبة نوايا محتملة. فوفقًا لمقترح قانون حماية المجتمع من الخطرين، يقع العقاب بناءً على ارتياب أجهزة الأمن في أشخاص نظرًا لقيامهم بسلوك (يُنبئ) بوقوع جريمة تخل بالنظام العام، أي أن العقوبة يمكن أن تُوقع بناءً على شك أجهزة الأمن في شخص يُحتمل أن يقوم بجريمة، ولكنه لم يرتكبها بعد».
وأضاف التقرير أن القانون اعتبر مجرد المشاركة في الإضراب أو الاعتصام من السلوكيات التي تنبئ باحتمال ارتكاب المواطن جريمة، كما ان القانون المقترح عين للفصل في هذه القضايا محكمة يتضمن تشكيلها ممثل عن وزارة الداخلية، وهي التي تقرر بناءً على سلطاتها التقديرية مدى ضرورة توقيع العقوبة، لتصبح بذلك وزارة الداخلية مدعيًا وقاضيًا في ذات الوقت».
وتابع أن مشروع القانون يحاول ايضا حماية أفراد الشرطة من «مجرد الاعتداء عليهم بالإشارة، إذ أن التعديلات المقترحة من قبل الداخلية على قانون العقوبات تضاعف العقوبة إلى ستة أمثال في حالة التعدي ولو بالإشارة على فرد شرطة وتكفي الإشارة لتكون سببًا في السجن ما لا يقل عن سنتين أو الغرامة التي لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه، أما إذا وقعت هذه الإهانة في وجود مواطنين فتتضاعف العقوبة الأصلية إلى 12 مثلاً».
وانتقد التقرير اشتراطات الداخلية للموافقة على تنظيم مظاهرات موضحًا أن «الأمر يستلزم مجموعة من الإجراءات تبدأ بتقديم إخطار مُوقع من ثلاثة أشخاص على الأقل، ممن يتمتعون بحسن السمعة، بما يستلزم من الداعيين للمظاهرة استخراج صحيفة الحالة الجنائية مع الإخطار بالمظاهرة، لتتأكد وزارة الداخلية من تمتعهم بحسن السمعة، وفي النهاية الأمر متروك للوزارة لتقدير حُسن السمعة، الذي لم يحدد المشرع أسبابًا لفقدانه».
وبحسب القانون المقترح، فإن طلب تنظيم المظاهرة يُقدم لوزارة الداخلية قبل تنظيم المظاهرة بثلاثة أيام على الأقل، ولا يجوز تقديم الإخطار إلى مديريات الأمن في المحافظات، وإنما بمقر وزارة الداخلية بغض النظر عن مدى بعد المحافظة محل المظاهرة عن مقر وزارة الداخلية ويجب أن يشمل الاخطار المكان والزمان والأسباب التي دعت لتنظيم المظاهرة وخط سير المتظاهرين والأعداد المتوقع مشاركتها والمطالب التي سينادي بها المتظاهرون.
وفي حالة إغفال مقدم الإخطار أي من هذه الشروط الشكلية لهذا الإخطار، لن يسفر الأمر فقط عن رفض الإخطار أو عدم الالتفات له، وإنما يعاقب عليه بالحبس مدة لا تقل عن سنة فضلاً عن الغرامة.
واضاف التقرير، انه بناءً على هذا الإخطار يحدد المحافظ المختص الأماكن التي يجوز تنظيم التظاهرة فيها وموعد انتهائها، وإذا اعتقدت الداخلية أن هذه المظاهرة قد تعرض أرواح وممتلكات الأفراد والمنشآت العامة للخطر، أو «إذا كان مكان وزمان تنظيم المظاهرة لا يتناسب مع الحالة الأمنية»، فمن حقها منع المظاهرة. أما إذا قُدّر للمتظاهرين وخرجوا في المظاهرة، فهم عرضة للسجن ثلاث سنوات حتى خمس عشرة سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه.
وشدد التقرير، على أنه «كان من الضروري في اليوم التالي لتنحي الرئيس السابق أن تجرى عملية إصلاح جذري للشرطة وإجراء دراسة معمقة لأسباب فقدانها الكامل لثقة الشعب فيها، إلا أن القوانين المقترحة تكشف عن أن الإصلاح الذي تتوخاه الشرطة الآن هو إصلاح الشعب، أو بمعنى أدق تأديب الشعب الذي ثار على الدولة البوليسية، ولكن بالقانون».