بالفيديو.. من ورش للخراطة إلى مصانع للسلاح (تحقيق استقصائي)

كتب: وائل ممدوح الجمعة 19-10-2012 21:06

 صورتان يحملهما أينما حل، الأولى تعود إلى حفل زفاف ابنته الصغرى الذى أقيم قبل عدة أشهر، ويظهر فيها باسم الوجه، مهندم الملابس.. والأخرى حديثة التقطت له عقب الحادث الذى كاد يودى بحياته تاركاً على وجهة أثراً لن يفارقه أبدا، إنه طارق طلعت أمين، أو «عم طارق» كما كان زبائن المخبز البلدى الذى يعمل به ينادونه، ليحصلوا على حصتهم اليومية من الخبز، قبل أن يصاب بطلقة الخرطوش التى أقعدته عن العمل، وحولته إلى متردد شبه دائم على عيادات ومستشفيات العيون والتجميل، بعد أن نجا من الموت بأعجوبة.


ابتسامة «عم طارق» التى تغطى وجهه الوقور فى الصورة الأولى، تحولت إلى إصابة كبيرة تلتهم نصف وجهه وإحدى عينيه فى الصورة الثانية، حيث أصيب بجرح تهتكى فى الخد الأيسر، مع فقدان تام للعين اليسرى والأنف، بالإضافة لإصابته بكسر فى عظام الوجنة اليسرى، وهو ما تسبب فى تشويه وجههه بالكامل، بحسب تقريره الطبى، كل هذا بسبب عدد من «بلى الرصاص» أو «الرش الخفيف» أطلق عليه من سلاح «محلى الصنع» حمله ثلاثة مسجلين خطر حاولوا سرقته ونجله بالإكراه، تحت تهديد أسلحة الخرطوش. أوضح تجسيد لمأساة مصابى الأسلحة النارية «محلية الصنع» يظهر بوضوح على أبواب مستشفى المنيرة العام، حيث يستقبل المستشفى القريب من مناطق وسط القاهرة الشعبية أكثر من 100 حالة إصابة بخرطوش أسلحة محلية الصنع شهريا، من بعد الثورة. لا تبدأ حكايتهم مع الزناد الذى يضرب الخرطوشة لتخرج من ماسورة تحولت على أيدى أسطى ماهر فى ورشة خراطة عادية إلى سلاح يقتل، ولكن تبدأ من هناك، من الورشة، أو الورش التى انتشرت بشكل غير مسبوق، بحسب ما وصلت إليه «المصرى اليوم» فى تحقيق استقصائى استغرق ثلاثة أشهر، اخترقت خلاله الجريدة العالم السرى لتصنيع الأسلحة النارية، وكشفت تحول عدد من ورش «الخراطة» و«الحدادة» بمناطق مختلفة فى القاهرة الكبرى إلى مصانع لإنتاج هذا النوع من الأسلحة.



كما كشف التحقيق عن شبكة توزيع إنتاج هذه الورش، فضلاً عن كشفه عن أنواع جديدة من الأسلحة المصنعة محليا- بعضها يدوى الصنع- بحوزة أطفال لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، بجانب انتشارها بين شريحة كبيرة من شباب المناطق الشعبية والعشوائية التى أصبحت تشهد مشاجرات عنيفة تستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة النارية، وتستمر لأيام عديدة مخلفة عشرات الضحايا. «أول مرة أشترى سلاح كان بعد 28 يناير».. بهذه العبارة بدأ «أيمن .هـ» كلامه وهو يشير إلى «فرد» الخرطوش الخاص به (الفرد هو مسدس يطلق طلقة واحدة). وأكد «أيمن» أن ظروف الحياة فى المنطقة الشعبية التى يعيش بها فرضت عليه حيازة السلاح ليتمكن من الدفاع عن نفسه وأهله فى ظل غياب الشرطة التام منذ بداية الثورة، ما أدى إلى انتشار ظاهرة البلطجة بمنطقة سكنه، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على ترخيص سلاح رسمى، «محتاج سجل تجارى وبطاقة ضريبية، أو حيازة أرض، وقبلها واسطة كبيرة فى الداخلية، غير إن أسعار الأسلحة المسموح بحيازتها بالتراخيص ارتفعت بعد الثورة بسبب زيادة الطلب عليها».



تتبعنا خط سير قطع السلاح محلية الصنع بمنطقة بولاق أبوالعلا الشعبية بوسط القاهرة، وصولاً إلى مصدرها، بعد رصدنا انتشار هذا النوع من الأسلحة بالمنطقة، خاصة فى السوق التى تتوسطها «وكالة البلح»، التى أصبحت ميداناً للمشاجرات التى تستخدم فيها مختلف الأسلحة النارية، خاصة محلية الصنع منها، بشكل شبه يومى. وكانت محطة البداية مع شاب لم يتجاوز العشرين من عمره، لكن خبرته بالأسلحة النارية وبأنواع طلقات الخرطوش وعياراتها تفوق تلك السنوات كثيراً، والسبب كما يؤكد الشاب الذى يمكن أن نطلق عليه اسم «عماد»

هنا، كان إصابته فى إحدى المشاجرات بشظايا، طلقات خرطوش فى مختلف أجزاء جسده، خاصة منطقتى الصدر والكتف، بالإضافة لإصابات رقبته التى لم يتمكن من إخراج الشظايا المنتشره فيها، حتى لا تترك ندوبا تشوهه. «لو مقدرتش أحمى نفسى وأرد على أى حد يفكر يتعرضلى مش هيبقى ليا مكان فى السوق».. بهذه الكلمات يبرر «عماد» حرصه على حمل السلاح «غير المرخص»، إضافة إلى صغر سنه، الذى يمنعه من الحصول على ترخيص سلاح بشكل رسمى، فضلاً عن ارتفاع سعر الأسلحة الرسمية، بينما سعر الفرد المصنوع داخل الورشة يتراوح بين 400 و1600 فقط، ولتعقيد إجراءات الترخيص- على حد قوله- لهذه الأسباب مجتمعة أقدم على شراء أول قطعة سلاح «فرد خرطوش 16»، فى إشارة لمقاس الطلقة، ثم تبعها بعدة قطع من مقاسى «16» و«12»، بالإضافة إلى «فرد روسى» مصنع محليا أيضا، ويطلق رصاصات من النوع المخصص للبنادق الآلية عيار 9 مم، وسبب تعدد القطع التى يملكها قيامه ببيع بعضها للأصدقاء والمعارف، بعد أن كان يعيرها لهم فى البداية لاستخدامها فى «قضاء الواجب» الذى يمكن أن يكون «فرحا شعبيا»، أو مشاجرة، أو حتى مجرد استعراض يتطلب دعماً بالأسلحة النارية.


هكذا تحول «عماد» إلى واحد من أشهر حائزى وتجار الأسلحة النارية بمنطقة بولاق أبوالعلا، خاصة الأنواع المصنعة محليا، الرائجة بسبب رخص أسعارها، وانتشار ذخائرها «طلقات الخرطوش»، فضلا عن خروجها من دائرة التجريم الجنائى التى تقع فيها الأسلحة «المششخنة» التى تصنف حيازتها كجنايات لا تقل عقوبتها عن السجن المشدد خمس سنوات، وقد تصل إلى السجن المؤبد فى بعض الحالات- الششخنة عبارة عن حلقات حلزونية دائرية تفرغ داخل ماسورة السلاح لتعطى قوة دفع أكبر للمقذوف النارى فتزيد خطورته- فى حين تقل عقوبة حيازة فرد الخرطوش عن السجن والغرامة كونه من الأسلحة «غير المششخنة»، بحسب قانون العقوبات المصرى رقم 394 لسنة 54 المعدل بعدة قوانين آخرها القانون رقم 97 لسنة 1992. من بولاق إلى إمبابة حيث يعيش «كريم»، الذى ساعدنا فى التعرف على أنواع مختلفة من الأسلحة محلية الصنع، قبل أن يخبرنا بأنه قام بتصنيع «كباس»- وهو نوع بسيط من الأسلحة التى تطلق الخرطوش، بنفسه وأنه احتاج فقط إلى لحام بعض الأجزاء فى النهاية، فلجأ إلى صاحب ورشة حدادة قريبة من منزله، لينتج قطعة السلاح بدائية الصنع التى انتشرت على نطاق واسع بين شباب منطقته فى الفترة الأخيرة. فكرة «الكباس» بسيطة وتشبه إلى حد كبير «النبلة» التقليدية، فهو يتكون من ماسورة حديدية مناسبة لحجم طلقة الخرطوش، بالإضافة لجزء متحرك يضم «سوستة» و«إبرة حديدية» يتم تركيبها فوق الطلقة عقب تثبيتها. ولا يتطلب إطلاق «الكباس» أكثر من سحب الإبرة الحديدية للخلف، ثم تركها لترتد إلى مؤخرة طلقة الخرطوش بفعل «السوستة»، وهو الدور التى تقوم به «إبرة ضرب النار» فى المسدس أو البندقية، لتنطلق طلقة الخرطوش عبر الماسورة التى يتم تدعيمها بذراع حديدية لضمان التحكم فيها وقت خروج طلقة الخرطوش. ولا تختلف فكرة «فرد الخرطوش» كثيراً عن «الكباس»، وإن كانت أكثر تعقيداً، ما يتطلب وقتاً أطول، ودراية بآلية عمل الأسلحة بشكل عام. عن طريق «كريم» التقينا «م» صاحب ورشة الحدادة الذى قام بلحام قطع «الكباس» الخاص به، فى إحدى المناطق القريبة من أرض المطار بإمبابة.


استقبلنا «م» فى ورشته الصغيرة بترحاب تبدد عندما أخبرناه بأننا أتينا لشراء «فرد خرطوش عمولة»، أى مصنع بمواصفات معينة داخل ورشته، فرفض مؤكدا أنه لا يعمل فى «الشمال»، إشارة إلى الأعمال غير المشروعة، وأخبرنا بأنه سيبحث عمن يقوم بذلك العمل بين معارفة من أصحاب «الورش»، أو يملك قطعة سلاح «مخدومة»، أى جيدة الخامات والصناعة، واتفقنا على أن يبلغنا بالرد عن طريق «كريم». وبالفعل تلقينا اتصالاً من كريم، أخبرنا فيه أن «القطعة» التى طلبناها جاهزة ويمكننا معاينتها، فاتجهنا إلى منزله، ومنه إلى منزل شخص آخر «أبوعلاء» الذى قدم نفسه إلينا باعتباره صديقاً مشتركاً بين «كريم» و«م» صاحب ورشة الحدادة، وبعد حديث قصير عرض علينا أبوعلاء «فردى خرطوش»، مؤكدا أنهما «عمولة» تم تصنيعهما من أجله خصيصاً، وأخذ يشرح لنا أهمية الماسورة فى «فرد» الخرطوش، وضرورة أن تكون «محملة» ومصنوعة من قطعة واحدة بلا لحامات، حتى لا تنفجر بسبب السخونة. ثم عرض علينا قطعة ثالثة غير مكتملة التصنيع، ليؤكد على متانة وقوة أجزاء القطعتين كاملتى التصنيع. سألنا «أبوعلاء» عن كيفية اكتسابه كل هذه الخبرات، فأكد أنه مهتم بالسلاح بشكل عام، فضلا عن تلقيه «فرقة صيانة أسلحة» أثناء قضائه فترة التجنيد بالقوات المسلحة، ما أكسبه معرفة تفاصيل عمل وتركيب معظم الأسلحة. أعادنا اتصال هاتفى إلى منطقة بولاق أبوالعلا، حيث أحد المصادر الذى رتب لنا مقابلة مع أحد بائعى أسلحة الخرطوش بالمنطقة، على أن يبدو اللقاء عفوياً ودون ترتيب مسبق، وهو ما كان. فالتقينا بـ«ر» الذى يعد حلقة الوصل بين بعض ورش الأسلحة وبولاق أبوالعلا، وفاجأنا بالصراحة التى يتحدث بها عن الأسلحة التى يبيعها، والمشاجرات التى استخدمت فيها. خرجنا من هذه المقابلة باتفاق على زيارة «ورشة سلاح» بإحدى المناطق الشعبية لنشاهد مراحل تصنيعه، فى مقابل التزامنا بعدم الكشف عن أى تفاصيل خاصة بموقع الورشة أو هوية أصحابها. وبعد أسبوع تقريباً توجهنا بصحبة «ر» إلى إحدى المناطق الشعبية بضواحى القاهرة، وبين شوارع ضيقة وأزقة متداخلة وصلنا إلى وجهتنا التى كانت ورشة حدادة بسيطة، استقبلنا صاحبها ودعانا للدخول، وهو يوضح لنا أن نشاطه الأساسى هو تشكيل المعادن «باب وشباك»، قبل أن يشير إلى أنه بدأ فى تصنيع الأسلحة بعد الثورة، بناء على طلب بعض معارفه بسبب «وقف الحال» الذى عانى منه لفترة عقب أحداث الثورة وبحثاً عن لقمة العيش، ما دفعه للموافقة على تصنيع أول «فرد» بمعاونة صنايعى له خبرة سابقة فى ذلك، لكنه لا يملك «عدة التقطيع واللحام لإتمام العمل وحده، لكنه أكد فى حزم: «لا اتعامل مع البلطجية».


وأضاف صاحب الورشة، الذى يمكن أن نرمز له باسم «عيد»، أن تصنيع الفرد الأول لم يستغرق أكثر من يومين، تعرف خلالهما على الآلية التى يعمل بها، وأفضل الخامات ملاءمة لتصنيعه، «أهم حاجة الماسورة وسوستة الزناد، لو الماسورة محمّلة وسوستة الزناد صلب متين يبقى الفرد فى الأمان، ومفيش منه خوف».. هكذا أكد وهو يشير إلى قطع حديدية متفرقة، قبل أن يضيف: «فى البداية بشتغل على أكتر من فرد فى وقت واحد، بظبط

المواسير مع بعض، وبعدين باقى جسم السلاح، وفى الوقت دا محدش ممكن يعرف إن الشغل دا يخص سلاح، وقت التركيب بتبان ملامح الفرد، علشان كده لازم أقفل على نفسى الورشة وقتها لحد ما أخلص الشغل وأصرفه». تركنا ورشة «عيد» إلى منطقة توزيع إنتاجها من أسلحة الخرطوش المختلفة، لنتتبع مسار قطع السلاح التى تخرج من ورشته والورش المجاورة بنفس المنطقة، عن طريق الوسيط الذى يتولى توزيع قطع الأسلحة بمنطقة بولاق

أبوالعلا، وبخاصة سوق وكالة البلح، لنفاجأ بأن الشريحة الأكبر من زبائن الوسيط «ح» من «صبيان» الوكالة الذين يفترشون أرصفتها ببضائع يبيعونها لحساب بعض أصحاب المحال، وتتنوع الأسلحة التى يحملها هؤلاء الصبية الذين لا تزيد أعمارهم على 15 عاما بين الأسلحة البيضاء وصولاً إلى أسلحة الخرطوش المصنعة محليا، بدءاً من «الكباس» وحتى الفرد و«المجوز»، وهو قطعة سلاح لها ماسورتان متجاورتان، ومن هنا جاءت تسميتها، إضافة إلى بعض الأسلحة «المقلوبة»، وهى عبارة عن طبنجات صوت يتم تعديلها لتطلق رصاص 8.5 مللى، أو يتم تعديل طلقاتها بإضافة قطع حديدية صغيرة إلى مقدمتها «رولمان بلى»، لتنطلق عبر ماسورتها بعد تعديلها وتوسيع فتحتها، وجميع هذه الأنواع يتم تصنيعها وتعديلها يدوياً داخل ورش المعادن بأدوات بسيطة كالتى رأيناها داخل ورشة «ح». وهى الورشة التى تعتبر قضية متكاملة يعاقب عليها قانون الأسلحة والذخائر بعقوبات تتراوح بين الغرامة والأشغال الشاقة المؤبدة، المادة 28 من القانون «يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من تاجر أو استورد أو صنع أو أصلح بغير ترخيص سلاحا ناريا من الأسلحة غير المششخنة والأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل، وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا كان السلاح مسدسات فردية الإطلاق، أو الأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان السلاح بنادق مششخنة ذات التعمير اليدوى والتى تطلق طلقة طلقة.

أو البنادق المششخنة نصف الآلية والآلية سريعة الطلقات أو المسدسات سريعة الطلقات». يأتى ذلك فى الوقت الذى تشير فيه أرقام وزارة الداخلية الرسمية إلى ارتفاع حوادث العنف خلال عام 2011، والأشهر الأولى من عام 2012 بدرجة كبيرة، قبل أن تتراجع نسبياً فى الأشهر الأخيرة مع بدء عودة الأمن للشارع، حيث وصل عدد حوادث السرقة بالإكراه المسجلة إلى نحو 2622 حادثاً فى عام 2011، مقابل 733 حادثاً فقط فى عام 2010، فيما بلغت حالات الخطف التى سجلها عام 2011، 258 حالة فى مقابل 107 حالات فى عام 2010، بحسب تأكيد اللواء عبدالفتاح عثمان، مساعد رئيس قطاع مصلحة الأمن بوزارة الداخلية، خلال اجتماع لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومى بمجلس الشورى مطلع شهر سبتمبر 2012. من جانبه، أكد الدكتور محمود سعيد، مدير الطوارئ بمستشفى المنيرة العام، ارتفاع نسب الإصابة بطلقات الخرطوش خلال العام السابق بدرجة كبيرة، مشيراً إلى أنه كان من النادر أن يستقبل قسم الطوارئ حالة إصابة بطلق خرطوش قبل الثورة «مرة أو مرتين فى الشهر بالكتير»، قبل أن يشير إلى أن الأمر تطور كثيراً بعد الثورة كماً ونوعاً، نتيجة لانتشار أسلحة الخرطوش بشكل كبير، الأمر الذى أصبح قسم الطوارئ يستقبل فيه حالتى إصابة بطلقات الخرطوش يومياً على الأقل، بخلاف الإصابات الجماعية التى تصله فى حالة المشاجرات الكبيرة، والتى يمكن أن تتخطى 20 حالة إصابة فى المرة الواحدة، وقدر عدد الإصابات التى يستقبلها مستشفى المنيرة شهريا بنحو 100 حالة إصابة.

ولفت مدير طوارئ المنيرة إلى التعديلات التى يقوم بعض مصنعى أسلحة الخرطوش بإجرائها على الطلقات، ليضيفون إليها قطعاً من الزجاج الصغير، أو المسامير، والقطع المعدنية الصدئة، ما يضاعف من خطورة الإصابة، ويتسبب فى تلوث الجروح، وقال إن معظم الإصابات التى يستقبلها المستشفى الآن تحدث خلال مشاجرات على عكس إصابات ما قبل الانفلات الأمنى التى كان معظمها يحدث عن طريق الخطأ، نتيجة لخروج طلق نارى بشكل غير مقصود أو عن طريق الخطأ، مشيراً إلى أن معظم الإصابات الحالية تحدث بشكل متعمد خلال مشاجرات. من جانبه، ألقى العقيد محمد الألفى، الخبير الأمنى، مسؤولية انتشار الأسلحة النارية على عاتق الجهاز الأمنى، مشيراً إلى أن ذلك نتيجة طبيعية لحالة الانفلات التى عاشت فيها البلاد أكثر من عام ونصف، وأشار إلى أن تعامل «الداخلية» مع الوضع الأمنى بنفس الأسلوب القديم هو السبب الرئيسى فى عدم عودة الاستقرار للشارع، وقال إن الأمر يتطلب تغييرات جذرية فى بنية وفكر الجهاز الأمنى، تبدأ بهيكلة حقيقية للشرطة تقوم على استبعاد القيادات الفاسدة، ووضع الأمن العام على رأس أولويات وزارة الداخلية. وأكد «الألفى» أن معادلة انتشار الأسلحة مركبة، فالشارع يعانى انفلاتا كبيرا بسبب غياب الأمن، بالإضافة إلى حالة فقدان الثقة فى الجهاز الأمنى نفسه بسبب أحداث الثورة وإفلات معظم المسؤولين عن قتل المتظاهرين من العقاب، فضلاً عن عدم إحساس المواطنين بالأمن، وعدم خوفهم من العقاب، لأن خوفهم على أمنهم الشخصى وحياتهم أكبر من خوفهم من أى شىء آخر. وحاولت «المصرى اليوم» الحصول على رد وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الأمن وتطبيق القانون، فضلاً عن كونها طرفاً متهماً بالتقصير ومسؤولاً عن تطور الوضع إلى الصورة الحالية، وذلك منذ بداية العمل على التحقيق قبل ما يزيد على ثلاثة أشهر، وبالطريق الرسمى عن طريق إدارة العلاقات العامة والإعلام بالوزارة، ومكتب العلاقات العامة بإدارة الأمن العام، لكن محاولاتنا قوبلت بالمماطلة بدعاوى عديدة، بدأت بالاستعداد لانتخابات الرئاسة التى لم تكن قد أجريت وقتها، وانتهاء بانشغال جميع ضباط الوزارة فى العمل على استعادة الأمن بالشارع.

المزيد..

رحلة شراء طلقات الخرطوش من إحدى المناطق الشعبية

المزيد..

«الطُفشجية».. مهندسو صناعة الأسلحة النارية «المحلية»

المزيد..