«الإسبانية فى الكونجرس».. تصدر هذا العنوان الصحف الأمريكية، الأسبوع الماضي، حينما قام السيناتور الديمقراطى، تيم كاين، بحدث يعد الأول من نوعه، حين ألقى خطابه فى مجلس الشيوخ الأمريكى، باللغة الإسبانية، الأمر الذى وصفته الصحف بأنه مجرد مبادرة «رمزية»، وطريقة لتأكيد أن اللغة الإسبانية لغة تخاطب فى الولايات المتحدة حتى داخل أروقة السلطة، ولكن مبادرة كاين تحمل فى طياتها الكثير.
وبعد أن كان المهاجرون، من ذوى الأصول اللاتينية، إلى الولايات المتحدة، يحاولون إخفاء تحدثهم باللغة الإسبانية خوفاً من المجتمع الجديد، ازداد ناطقو هذه اللغة فى الشوارع الأمريكية، والجامعات، وحتى فى قلب دوائر الحكم، وذلك فى ظل تعاظم نفوذهم فى وسائل الإعلام والسياسة.
وتستخدم اللغة الإسبانية في الولايات المتحدة منذ عام 1565 حين أسس التاج الإسبانى، سان أجوستين، فى فلوريدا، وظلت تستخدم منذ ذلك الحين، خاصة فى الجنوب، والجنوب الغربى للبلاد، فى حين انتشرت اللغة الإنجليزية فى الساحل الشرقى، والساحل الغربى.
وبحسب مركز «بيو»، الأمريكى، لاستطلاعات الرأى، فإن الناطقين بالإسبانية يمثلون، اليوم، أكبر أقلية فى الولايات المتحدة، حيث يبلغ عددهم 53 مليوناً، بزيادة نحو 50% خلال 10 سنوات فقط، كما أن عددهم فى الولايات المتحدة يعد أكثر من أى بلد أمريكى لاتينى، باستثناء المكسيك.
ويظهر تقرير مكتب الإحصاء الأمريكى، أن الأمريكيين، ذوى الأصول اللاتينية، هم ثانى أسرع الأقليات نمواً فى الولايات المتحدة، وهناك توقعات بتضاعف أعدادهم مرتين بحلول عام 2050، حيث سيصبح واحد من كل 3 أمريكيين من أصول إسبانية.
وأكدت صحيفة «نيوفو هيرالد»، المكسيكية، أنه فى غضون 4 عقود فقط، سيحدد الأمريكيون، من ذوى الأصول الإسبانية، هوية من يتولى المناصب، فى الولايات المتحدة، بدءا من رؤساء الولايات المتحدة، وصولاً لرؤساء البلديات، وسيكون لهم تأثير هائل على طريقة الأكل، والاستهلاك، والعمل، والرقص، والتخاطب فى هذا البلد.
ويمثل الأمريكيون اللاتينيون فى الولايات المتحدة وزناً انتخابياً عظيماً، حيث صوت عدد قياسى منهم، بلغ 12.5 مليون ناخب، فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى جرت فى نوفمبر الماضى، التى فاز بها الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بتأييد71% من الأمريكيين الناطقين بالإسبانية، وبعد شهرين من ذلك تحدث أحد القساوسة للمرة الأولى باللغة الإسبانية، فى حفل تنصيب أوباما.
ويزداد نفوذ الأمريكيين، من ذوي الأصول الإسبانية فى وسائل الإعلام الحديثة، حيث تبث البرامج التليفزيونية، الأكثر رواجاً، باللغة الإسبانية فى لوس أنجلوس، وهيوستن، وميامى، وشيكاغو، ونيويورك، كما أن هناك العديد من الصحف التى تصدر باللغة الإسبانية، وتمتلك بلديات مثل بلدية نيويورك موقعاً باللغة الإسبانية على الإنترنت، تستخدمه أيضاً الحكومة الاتحادية، وتسمع اللغة الإسبانية فى كل المدن الكبرى، وبإمكان ذوى الأصول الإسبانية الذين اندمجوا تماماً فى المجتمع أن يتابعوا دروساً لتحسين نطقهم بلغة أجدادهم.
وترى مديرة أكاديمية اللغة الإسبانية، فى شمال أمريكا، بينا روساليس، أنه من غير المرجح أن تصبح الولايات المتحدة بلداً مزدوج اللغة، مرجعة ذلك إلى هيمنة الثقافة الأنجلو- سكسونية على البلاد. وتقول روساليس إنه بمرور الزمن، يتحول كل المهاجرين، الذين يأتون وهم يتحدثون الإسبانية، إلى التحدث بالإنجليزية، فالإسبانية هى اللغة الأم، ولغة الثقافة، لكن ذلك لا يعنى أنها ستصبح اللغة الرئيسية فى البلاد، وأضافت أن اللغة الإنجليزية ستكون دائمًا اللغة الرئيسية المستخدمة فى الولايات المتحدة، وهى أيضاً عملياً اللغة الرئيسية فى العالم.